قال الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل إنه يرى دائما وجود فرصة للخروج من المأزق الذي تشهده البلاد، مشيرا إلى أنه ما دامت وُجدت الحياة وإيثار الحياة، فإن هناك فرصة. وتابع هيكل: "باستمرار، ما دامت وُجدت الحياة وإيثار الحياة فهناك فرصة، وأعتقد أن هذه الفرصة ستوجد وستُفرض علينا غصباً عنا، لا أحد ييأس من حقه، أنا أقدر أستقيل لكن لا توجد أمة تستقيل، لكن مشكلتك لما تقولى ليه فشل المجلس العسكرى، وليه مشى مبارك بسرعة؟ أنا مستعد أقول لك إن فى هذا الموقف كله أذكى واحد كان مبارك، لأنه أدرك أنه وصل لطريق مسدود وهو مشفق على ابنه، ولما قال للأمير سلطان أنا هورّث ابنى خرابة كان يعرف الموقف. "تعالى نأخذ حقائق: أول شىء أريدك أن تتذكريه أنك أكبر بلد فى الدنيا تتلقى مساعدات ومعونات وتدفقات أجنبية، وكان رئيس وزراء الهند كلما قابلنى يقول لى: يا بختكم.. عايز أقول لك إن 30 سنة مبارك جالك فيهم ما يقارب تريليون دولار مساعدات ومعونات، تعالى نشوف إنتِ عملتى إيه، أنا بقول لك الرقم ده عشان نعرف إن هناك من ساعدونا فيما مضى وضيّعنا هذه المساعدات، والآن لا نشتكى من عدم تقديمها، تستطيعين الفصل بين الماضى والحاضر، بمعنى أن تقولى: إنتو اديتوا للجماعة التانيين ودلوقتى ما ادتوناش، يقولوا لك احنا ادينا للبلد هىّ بقى سمحت بالتصرف فيه، تعالى أيضاً لنقارن بين هذا الوضع وبينه قبل 35 عاماً، كنا فى مراكز النمو الدولى رقم 30 أو 31، ثم وصلنا الآن إلى المركز 138 من 144، ناس جالها أكبر تدفقات ووصلنا من الدولة رقم 30 إلى 138، طيب حطى على ده المشكلة التى يواجهها كل مسئول -الجنزورى وطنطاوى وكلهم ناءوا بها- الدولة كل يوم بيجيلها إيراد الصبح 1100 مليون جنيه، على آخر النهار بتكون صرفت من 1650 إلى 1750 مليون جنيه، إذن كل يوم عندنا عجز بين 400 إلى 600 مليون جنيه، من يستطيع أن يعيش بهذه الطريقة؟". واستطرد: "طبعاً هذا يعنى وجود قصور كبير وفساد كبير، تعالى نرى ما أدى إليه هذا الوضع من نتائج فى مجموعات القيم، أول حاجة عشان نغطى الأمر احنا عملنا أكبر تزييف للتاريخ، انتِ صوّرتى هذا الوضع اللى كان موجود قبل 25 يناير، أقصد البلد، والنظام حاول يضع صورة مشرقة لمستقبل ممكن أن يستمر مع الابن بعد الأب، وهذا ليس صحيحاً، احنا عملنا تزييف فظيع، الحقائق صُورت على غير ما هى عليه إطلاقاً، وهناك أناس كثيرون لن يعيشوا فى هذه الظروف، وانتِ مش عايزة هذا النوع من الناس، ونتيجة هذا أن بدأ التجريف للموارد والناس، فصار عندك بلد جرى «ترييفه» من الريف، البنادر زحفت على الحواضر، أى حد يعرف القاهرة ويفتكر كيف كان منظرها قبل 40 و50 سنة، ويبص لقلب القاهرة، يعرف ما هو الفرق بين مدينة تأخذ الريف وترفعه وهى رافعة الريف، وبين الريف يطغى على المدينة، ويمكن ده يجرنا للكلام عن الرئيس مرسى، وأنا أعتقد أنه يمثل الديمقراطية، صحيح، ولا أستطيع أن أنكر عليه شرعية هذا التمثيل، لكن أنا فاكر مرة وأنا باتكلم مع «نهرو» سألته: هتحلوا ازاى مشاكل الهند؟ وقتها كان عدد السكان 400 أو 500 مليون.. القادرون منهم نحو 40- 50 مليون، قلت له: وأكثر ما يقلقنى على مستقبل الهند أنه إذا عجزت النخبة عن حمل الكتلة بعضلاتها، فإن الكتلة ستسقط على النخبة، وهو قال بالضبط: «تبطط النخبة والبلد كمان»، لما تتكلمى عن الديمقراطية ترين أنها عادة لا تأتى بالنخب، كل النخب فى المجتمعات لا تقترب من العملية الانتخابية، فى كل مجتمعات الدنيا تقريباً، تذكرى إن كل الحكومات المنتخبة تأتى بزعماء شعبيين، قادرين على إثارة المشاعر أكثر من تحريك العقول، وهذا معقول، ولكن يكون واجب زعامة الكتلة أن تلجأ مباشرة للنخبة لكى تساعدها فى رفع المجتمع، نحن لم نفعل ذلك، لأننا مش كنا فاضيين نعمل حاجة فى ال30 سنة الماضية، احنا سبنا الكتلة تطغى على النخبة، وأنا لما افتكر أين وُلدت؟ أنا وُلدت فى سيدنا الحسين وفاكر بيت جدى اللى كنت موجود فيه وكان بيت عنده جنينة، وافتكر إنه كان هذا الحى بديع، وجنبى بيت الرزاز والرافعى وشايف الناس بتصلى ازاى وتخرج وتدخل، هذه هى القاهرة والحسين، بروح سيدنا الحسين، طبيعى أن أشعر بالحنين للمكان، وعندما ذهبت عدة مرات كنت أفزع، أشعر أننى غريب، والله اللى بشوفه هناك مش باشوفه فى معابد الهند، حيث معابد سيفا «إله الشر» عندهم اللى بيبقى قدامه قرابين وكل حاجة وتديله دهب عشان يرضى عليها، وإله الخير والخلق ماعندهمش حاجة، لكن الراغبين فى التوبة والغفران هناك كثيرون جداً لكن بتكون فوضى شنيعة، أنت يا سيدى تمثل شرعية وأنا أعرف أن الناس انتخبوك، وأعلم أن هناك مشاكل لكنك باقٍ، وعملية «ارحل» والكلام ده كله أنا لسه مش مقتنع بيه، إلا إذا ارتكبنا أخطاء دراماتيكية بشعة، ربنا يجنبنا إياها".