أقصد بها نجمة سينما الخمسينات، صاحبة أجمل عيون وبطلة «بنت 17 - يوم من عمرى - الحب الضائع - فى بيتنا رجل» وغيرها.. الفنانة الجميلة وجهاً وروحاً زبيدة ثروت، التى رغم تقدم العمر -متعها الله بالصحة- ما زالت تمتلك ذاكرة قويةً وعقلاً راجحاً وضميراً يقظاً، وخبرة عريضة فى الحياة، تُطل منها حكمة السنين، وإيماناً راسخاً برسالة الفن فى ترقية الوجدان والعمل على تغيير الواقع إلى الأفضل.. وترى، بنظرة ثاقبة، أن دور السينما «هو نقد المجتمع وكشف العيوب حتى نتمكن من تصحيح الأخطاء». تبدى ذلك جلياً فى إجاباتها الصادقة والصائبة فى حوارها مع الأستاذ صفوت دسوقى المنشور بهذه الصحيفة بعدد الخميس 22/11/2012 وردودها، بثقة ووضوح، على أسئلة شائكة وبعفوية وتلقائية لا يشوبها خوف أو وجل، فتفصح عن رأيها فى أداء الرئيس مرسى بأنه «أداء سيئ جداً».. وتعلق، متشائمةً، على صعود الإخوان إلى السلطة «مش متفائلة.. فمن أين يأتى التفاؤل ونحن أمام تيار يخلط الدين بالسياسة.. فالإخوان فاشلون لأنهم لا يعملون لصالح مصر، ومشغولون فقط بمصالحهم الشخصية».. وتكمل فى سخريةٍ ممرورةٍ «بصراحة.. مصر كبيرة عليهم جداً»!!! زبيدة ثروت التى اعتزلت الفن مبكراً وتفرغت لتربية بناتها الأربع، والتى أدت فريضة الحج، تلمح فى كلماتها قدراً كبيراً من القناعة والرضا، وحساً إيمانياً عميقاً.. تهاجم بشراسة الشيوخ الذين يقودون الحملات ضد الفن «بلا شيوخ بلا هجص.. الدين مش فى ملامح الوجه.. يعنى مش بتربية الدقن.. الدين الحقيقى يستقر فى القلوب».. تدافع بشجاعة واستنارة عن الاتهامات التى طالت زميلتيها الفنانتين يسرا وإلهام شاهين وترى «أنهما تعرضتا لهجوم قذر» وتؤكد «أنهما لم ترتكبا أى خطأ».. بل تضيف دون تردد «الحضن أو البوسة يتم فى إطار عمل فنى وهذا لا يعتبر خطأً أو فعلاً فاضحاً». رؤية مستنيرة، وموقف شجاع ورأى جسور، قد يدفع بصاحبه إلى خطر محدق، فى ظل مناخ فاشى وسُعار يومى ملتاث يروّج لمقولات فاسدة من أن الفن دعارة وفجور، والفنانين قوادون والفنانات غانيات.. فالموسيقى مزمور الشيطان، والنحت عبادة أوثان، والمسرح تغيير وتبديل فيما خلق الله، والرقص إغراء وفتنة.. باختصار.. الفن كله حرام فى حرام!! ربما يشارك كثيرون السيدة زبيدة فى مواقفها وآرائها، لكن الأكثرية نبتت لهم لحى تحت الجلد، وراحوا يتملقون النظام ويشاركون فى لقاءاته ومؤتمراته، ويروجون لأفكاره الزائفة ورؤاه المضللة، خوفاً أو تقيّةً، رغم أنهم يدركون أنها ضد المنطق وحركة التاريخ.. أو يمسكون بمنتصف العصا فيتحدثون بلغة خافتة باهتة وينطقون بعبارات غائمةٍ حمّالة أوجه.. من هنا تتبدى قيمة الموقف المبدئى الجسور لفنانةٍ، رغم غيابها عن الشاشة، ما زالت تحمل بين جنباتها عشقاً للوطن، وتفاعلاً مع همومه، وحلماً بمستقبل أفضل لأبنائه، وروحاً وثابةً قد تنفث بعض الجرأة فى نفوس المتخاذلين!!