سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الوطن» ترصد القصة الكاملة ل«قضاة من أجل مصر» أسسها المستشار زكريا عبدالعزيز لمراقبة الانتخابات وتبرأ منها قائلاً: «انحرفت عن مسارها.. واشتغلت بالسياسة»
لا يتجاوز عددهم 500 قاضٍ، ينتمون لمختلف الهيئات القضائية، ورغم ذلك استطاعوا أن يشقوا صف القضاء ووحدته، تحت لافتة حركة «قضاة من أجل مصر». كان الظهور الأول للحركة أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث أعلنت عن مراقبتها للانتخابات، وأعلنت نتيجتها بفوز الدكتور محمد مرسى قبل أن يتم إعلانها رسميا من المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. رغم محاولات النفى التى بذلها أعضاؤها لإخفاء انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، فإن مواقفهم تثير الكثير من علامات الاستفهام حول انتماءات أعضائها السياسية. عرفت الحركة نفسها من خلال بيان أصدرته حمل عنوان «من نحن» قالت فيه: «نحن نخبة من قضاة مصر وأعضاء الهيئات القضائية، لا ننتمى لحزب أو جماعة، وإن غايتنا الحقُّ حيث دار وإقامة العدل وقول الحق ولو على أنفسنا، نحن من نسيج الشعب المصرى العظيم نهتم بهمه ونتداعى لألمه، حمل أسلافنا لواء الدفاع عن استقلال القضاء وكرامة القضاة منذ عقود خلت، ونحن نسير على ذات الدرب ونقتفى ذات الأثر، لا يضرنا من خالفنا أو خذلنا أو بغى علينا». وتابعت فى بيانها للتعريف بنفسها: «نحن أيضاً نعلى من قيم وتقاليد القضاء التى تأبى على القضاة الانخراط فى العمل السياسى وما يموج به من صراعات، نربأ بأنفسنا عن أن نكون أداة فى يد رجالها، نلتزم بعفة اللسان وسلامة القصد، نحترم الفصل بين السلطات، ونحافظ على مؤسسات الدولة التى تعبر عن إرادة الشعب صدقا وعدلا لا زورا وبهتانا». ربما لا يختلف أحد مع نص البيان، لكن أعضاء الحركة كانوا أول من خالف ما جاء به، بسعيهم إلى أن يكونوا طرفا لاعبا فى الأحداث السياسية بسبب مواقفهم وتصريحاتهم التى تهدم استقلال القضاء وتبرر للسلطة التنفيذية التدخل فى شئون السلطة القضائية تحت دعوى «تطهير القضاء»، فالحركة التى تنادى بمبدأ الفصل بين السلطات، اعتدت على اختصاصات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بإعلان النتيجة بفوز الدكتور محمد مرسى، وصادرت على حق آلاف القضاة فى قراراتهم التى اتخذوها فى جمعياتهم العمومية. تقف دائما فى موقف المعارض، لذا لم يكن غريبا أن تدعم الحركة مطالب أعضاء هيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة بالمخالفة لجموع القضاة فيما يتعلق بوضعهم فى الدستور. استندت الحركة فى نتائجها المعلنة على صور محاضر اللجان العامة، حيث أكد «شرابى» أنهم كان لديهم قضاة مستقلون فى العديد من اللجان الانتخابية، بجانب نشر جميع محاضر اللجان العامة على الموقع الرسمى للحركة، الذى أثار دهشة بعض القضاة، خاصة أن القضاة لا يحتفظون بصور من المحاضر وإنما مندوبو المرشحين للرئاسة، وهم من حملتى الدكتور محمد مرسى والفريق أحمد شفيق، خاصة مع اكتشاف تماثل الأخطاء الموجودة فى محاضر الانتخابات بموقع الحركة مع أخطاء كتيب الإخوان. وبالرغم من تأكيد المستشار وليد شرابى المتحدث الرسمى باسم الحركة مرارا وتكرارا عدم انتماء الحركة لأى حزب أو جماعة، وأنهم قضاة مستقلون هاجموا تزوير الانتخابات عام 2005، فإن «شرابى» أيضاً أصبح محل جدل خلال الفترة الماضية، حيث ثارت حوله الشكوك، خاصة عقب قرار المستشار أحمد مكى وزير العدل، الصادر فى 4 أكتوبر الماضى، بندبه للعمل بمكتب مساعد وزير العدل، رغم أن هذه الوظيفة لا يترقى لها سوى قضاة ورؤساء محاكم الاستئناف، خاصة أن المستشار «شرابى» كان حينها يشغل رئيس فئة (أ) بمحكمة شمال القاهرة، ما اعتبرها العديد من القضاة أنها ترقية كانت بمثابة المكافأة لمجهوده كمحلل لانتخابات الرئاسة. تاريخ المستشار وليد شرابى يثير علامة استفهام كبيرة، فقد سبق له العمل ضابطا بجهاز مباحث أمن الدولة قبل أن يستقيل من وزارة الداخلية ليعمل فى سلك القضاء ومعه المنسق العام للحركة المستشار محمد عوض. لم يشفع ل«شرابى» تبرؤه من الانتماء إلى أى حزب أو جماعة، وكانت مواقفه ومواقف الحركة دليلا على الاتهامات الموجهة إلى الحركة بأنها «بوق جماعة الإخوان داخل القضاء»، فالقاضى المؤمن باستقلال القضاء ومعه زمرة من القضاة، وقفوا ضد الجميع، وأعلنوا تأييدهم للإعلان الدستورى الذى أصدره رئيس الجمهورية، ومن قبله قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب المنحل بحكم قضائى من المحكمة الدستورية العليا. فى 10 يوليو، أصدرت الحركة بيانا تعلن فيه تأييدها الكامل لقرار رئيس الجمهورية بعودة البرلمان، خاصة عقب إصدار المحكمة الدستورية العليا حكما بحله، الأمر الذى يتنافى مع احترام الرئيس للقانون والدستور. وفى 12 أكتوبر أعلنت الحركة تأييدها أيضاً لقرار الرئيس الخاص بإقالة النائب العام من منصبه وتعيينه سفيرا لمصر بدولة الفاتيكان، حيث طالبت الحركة فى بيانات لها بضرورة ترك النائب العام لمنصبه. وجاء إعلان الحركة فى مؤتمرها الصحفى، السبت، بتأييد إعلان الرئيس الدستورى الأخير الذى يجمع السلطة القضائية فى قبضته بجانب مثيلتيها التشريعية والتنفيذية، ومحاولة التأكيد على دستوريته وشرعيته ونفى صفة «الديكتاتورية» عن الرئيس مرسى، خاصة فى الوقت الذى ثار فيه القضاة وساندهم العديد من القوى السياسية فى رفض هذا الإعلان الدستورى والدعوة لاعتصام مفتوح وتعليق العمل بكافة المحاكم لحين إلغاء الرئيس لهذا الإعلان. مواقف الحركة دفعت المستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس الحركة، إلى التبرؤ منها لانحرافها عن مسارها، وقال: «لا صلة لى بهذه الحركة، لأنها انحرفت عن مسارها، وبدأت ترد على مواقف الآخرين، واشتغلت بالسياسة، ولذلك انتهت صلتى بها لحيدها عن الغرض الأساسى من إنشائها وهو مراقبة الانتخابات، بدءاً من استفتاء 19 مارس، مروراً بالانتخابات البرلمانية، وانتهاءً بالانتخابات الرئاسية». الغريب أن المستشار زكريا عبدالعزيز أعلن انتهاء دور الحركة وتوقف نشاطها لحين إجراء انتخابات جديدة، ورغم هذا تواصل الحركة نشاطها، ما دفع بالجمعية العمومية لنادى القضاة، برئاسة المستشار أحمد الزند، التى عقدت مساء السبت، إلى شطب أعضاء حركة قضاة من أجل مصر من عضوية النادى، مؤكدة أن جميع القضاة سيكون لهم موقف عدائى من كافة القنوات الفضائية التى تستضيفهم وتتعاون معهم والنقابات التى تؤجر لهم القاعات، وأنها ستتولى اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها ومقاطعتها فى حال حدوث ذلك. كما طالبت الجمعية العمومية لمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، التى عقدت مساء الأحد، المستشار أحمد مكى وزير العدل، وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، بإلغاء ندب المستشار وليد شرابى، المتحدث الرسمى باسم حركة قضاة من أجل مصر، بوزارة العدل، وإحالته لمجلس الصلاحية. وذكر بيان صادر عن الجمعية العمومية للمحكمة، حصلت «الوطن» على نسخة منه، أن الموافقة على ما انتهت إليه المذكرة الموقعة من أعضاء الجمعية العمومية متمثلة فى قضاتها ورؤسائها، بصدد ما قام به السيد وليد شرابى أحد قضاة محكمة شمال القاهرة الابتدائية، من الخروج عن العرف والتقاليد القضائية والتعدى على السادة الزملاء والسلطة القضائية بكافة وسائل الإعلام بما ينال من سمعتهم وشرفهم واعتبارهم وحيدتهم واستقلالهم، لما يكون معه الأمر قد بات جريمة فى حق القضاة والسلطة القضائية. وقال رواد محمد فاروق، رئيس محكمة بشمال القاهرة الابتدائية، ل«الوطن»، إن هذه الحركة لا تمثل أى فصيل من القضاة أو أعضاء النيابة العامة، فضلا عن أن المتحدث الرسمى لها المستشار «شرابى» يشغل منصبا تنفيذيا، حيث تم ندبه للعمل بوزارة العدل فى 4 أكتوبر الماضى، مشيراً إلى عدم الجواز له بالحديث بصفته قاضيا، فهو عضو تنفيذى تابع للوزارة. وأرجع «فاروق» سبب هجوم الحركة على نادى القضاة، لرغبة المستشار «شرابى» فى تصفية حساباته مع النادى، مشيراً إلى عدم فوز «شرابى» فى انتخابات النادى الماضية، حاصلا على 200 صوت من مجمل 3000.