قداسة البابا تواضروس يستقبل الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم بوادي النطرون (صور)    كيف نظم القانون حق الموظفين في إجازة الحج؟    التموين: طرح الخراف الحية بالمجمعات الاستهلاكية بدءا من 20 مايو استعدادا لعيد الأضحى    الجامعة العربية تؤكد انعقاد مؤتمر دولي عن حل الدولتين يونيو المقبل    الجزائر تبحث مع إيطاليا مشروع الربط الكهربائي المباشر    صلاح: لم أحاول إقناع ترينت أرنولد بالاستمرار مع ليفربول    السيطرة على 3 حرائق بعين شمس والمقطم    مستند.. أسرة عبد الحليم حافظ تنشر رسالة سعاد حسني للعندليب    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025 الترم الثاني    الصفقة حُسمت.. ريال مدريد يضم هويسن ويفعّل بند فسخ عقده    بترو أتلتيكو يفوز على البنك الأهلي في كأس الكؤوس الإفريقية لكرة اليد    عادل إمام.. «الشروق» تكشف تفاصيل مشروع فيلم وثائقى لم يكتمل عن الزعيم في عيد ميلاده ال85    رحيل الفنان التشكيلي عصمت داوستاشي.. ابن الإسكندرية المتمرد الذي حفظ ذاكرة الفن    قبل تقديم النسخة المحلية.. كم يبلغ سعر النسخة المستوردة من جيتور X70 Plus بسوق المستعمل    محمد فاروق حامد قائما بأعمال رئيس مصلحة الشهر العقاري    الأهلي يهزم مسار بركلات الترجيح ويتأهل لنهائى كأس مصر للكرة النسائية    مصر تتوج بلقب البطولة الأفريقية للمضمار بحصدها 51 ميدالية    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع المنيا إلى 330 ألف طن    إسرائيل تنفذ 10 هجمات على 3 مواني يمنية تخضع لسيطرة الحوثيين    مستشار النمسا في «تيرانا» للمشاركة في قمة أوروبية    "المستلزمات الطبية" تناقش مشكلات القطاع مع هيئتي الشراء الموحد والدواء المصرية الاثنين المقبل    الأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة "الفردوس" للأطفال    اغتنم الفرصة الذهبية.. أدعية مستجابة في ساعة الاستجابة... لا تفوّت الدعاء الآن    البابا ليو الرابع عشر يعرض استضافة محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا في الفاتيكان    ضمن خطة تنمية سيناء.. تفاصيل تنفيذ مشروع خط السكة الحديد (بئر العبد – العريش – رأس النقب)    النيابة تحيل "سفاح المعمورة" للجنايات بتهمة قتل 3 أشخاص بينهم زوجته    ننشر الجدول المعدل لطلاب الثانوية العامة بمدارس المتفوقين 2025    هربًا من حرارة الجو.. غرق طفل في ترعة الدناقلة بسوهاج    "أساسيات حقوق الإنسان".. دورة تدريبية بمكتبة مصر العامة بأسوان    التعليم العالي: معهد تيودور بلهارس يحتفي بتكريم أوائل طلبة التمريض بالجيزة    "باعت دهب أمها من وراهم".. فتاة تتخلص من حياتها خوفا من أسرتها بقنا    حسام زكى: سنطرح إنشاء صندوق عربى لدعم التعافى وإعادة الإعمار بدول النزاعات    ميناء دمياط يستقبل 12 سفينة خلال 24 ساعة.. وتداول أكثر من 93 ألف طن بضائع    حبس بائع تحرش بطالبة أجنبية بالدرب الأحمر    بسنت شوقي: فراج بيسألني «إنتِ مش بتغيري عليا ليه»    وزير الثقافة الفلسطيني يفتتح مهرجان العودة السينمائي الدولي في القاهرة بكلمة مسجلة    البحيرة: 938 مواطنا يستفيدون من قوافل طبية مجانية في قريتي العكريشة وبولين    مستثمر سعودى يشترى ألميريا الإسباني ب100 مليون يورو    حماس: الاحتلال يستخدم سياسة الأرض المحروقة في غزة    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    الدقران: غزة تتعرض لحرب إبادة شاملة والمستشفيات تنهار تحت وطأة العدوان    وزير الكهرباء يتابع مستجدات تنفيذ مشروع المحطة النووية بالضبعة    الزمالك يبدأ الخطوات الرسمية لرفع إيقاف القيد بالتواصل مع "فيفا".    منازل الإسرائيليين تحترق.. النيران تمتد للمبانى فى وادى القدس    ب"فستان جريء"..هدى الإتربي تخطف الأنظار بإطلالتها بمهرجان كان والجمهور يغازلها (صور)    وفاة طفل وإصابة اثنين آخرين نتيجة انهيار جزئي لعقار في المنيا    محافظ الجيزة: ضبط 2495 قضية خلال حملات تموينية    كاف يكشف عن تصميم جديد لكأس لدوري أبطال إفريقيا    حال الاستئناف، 3 سيناريوهات تنتظر نجل الفنان محمد رمضان بعد الحكم بإيداعه في دار رعاية    الإسكان: قرارات إزالة لتعديات ومخالفات بناء بالساحل الشمالي وملوي الجديدة    أسعار الأسماك في بورسعيد اليوم الجمعة 16 مايو 2025    حبس متهم بالتعدى على طفلة فى مدينة نصر    الصحة: خبير من جامعة جنيف يُحاضر أطباء العيون برمد أسيوط    طريقة عمل السمك السنجاري فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهز    الدوري الإسباني.. بيتيس يبقي على آماله الضئيلة بخوض دوري الأبطال    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    هل الصلاة على النبي تحقق المعجزات..دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«القاعدة» والولايات المتحدة أو الإخوة الأعداء
نشر في الوطن يوم 15 - 07 - 2015

يدور نقاش محتدم حول الفاعلين الجدد فى الشرق الأوسط الجديد -وفى القلب منه الوطن العربى- وأيهم يمكن الرهان عليه، تحقيقاً للمصالح الأمريكية، أو فى القليل تحجيم الخسائر الناجمة عن الإطاحة ببعض أبرز حلفاء الولايات المتحدة، من جراء تطورات الربيع العربى. ولما كان ثمة بروز واضح فى عدة ساحات عربية (وغير عربية) لما يسمى تنظيم داعش، وبدرجة أقل تنظيم القاعدة، فلقد فتح النقاش حول أى مستقبل للتنظيمين، وانخرط عدد من أبرز الكتاب الأمريكيين فى المقارنة بين التنظيمين، وخلف هذه المقارنة يكمن السؤال المهم: أى التنظيمين يمكن أن تتعاون معه الولايات المتحدة، ولو على المديين القصير والمتوسط؟. تحت عنوان («النصرة» تسعى للدعم الأمريكى: لكن هل ثمة وجود لجماعة إرهابية «معتدلة»؟) كتب «روبرت فيسك» مقالاً مهماً فى جريدة «إندبندنت» يوم 7 يوليو الحالى تصدى فيه بوضوح لمحاولات تلميع «جبهة النصرة» وطرحها كحليف محتمل للولايات المتحدة فى مواجهة «داعش»، ومعلوم أن «جبهة النصرة» هى ذراع تنظيم القاعدة فى العراق وسوريا. التمس «فيسك» العذر للعرب فيما ذهبوا إليه من أن تنظيمى «داعش» و«النصرة» صنيعتان أمريكيتان، فالولايات المتحدة التى دعمت نظام حافظ الأسد واعتبرته مفتاح السلام فى الشرق الأوسط على حد قول «فيسك»، ونظرت بإيجابية إلى بشار الأسد -كطبيب شاب جاء لتحديث سوريا- لم تنقلب عليه، ولا اكتشفت تسلطيته، إلا بعد أحداث الربيع العربى، وهنا ظهر فجأة قاطعو الرؤوس من «الجهاديين» وتصدروا واجهة المشهد الميدانى. واستطرد «فيسك» معززاً استنتاجات العرب بخصوص علاقة الولايات المتحدة ب«داعش» و«النصرة»، مذكراً بأن «داعش» لم تفعل شيئاً للفلسطينيين، وأن جرحى «النصرة» يعالجون فى المستشفيات، يريد بذلك أن يقول إن أمن إسرائيل يمثل نقطة التقاء بين الولايات المتحدة وكل من «داعش» و«النصرة».
لا أحد يستطيع أن يقطع بحدود المسئولية الأمريكية عن خلق «النصرة» و«داعش»، لكن الأمر المتيقن هو أن «النصرة» ذراع لتنظيم القاعدة الذى انبثق عن تبعات تحرير أفغانستان من الاحتلال السوفيتى، ومعلوم أن حرب التحرير هذه خاضتها الولايات المتحدة كتفاً بكتف مع الحركات الإسلامية فى أفغانستان، حتى إذا شبت تلك الحركات عن الطوق ومثل بعضها تهديداً مباشراً للولايات المتحدة، بدأ الصدام داخل أفغانستان وخارجها. والأمر المتيقن أيضاً أن «داعش» الذى يتمدد فى العراق وسوريا ولبنان ويتسلل إلى ليبيا وتونس والكويت ومصر رغم قصف طيران التحالف الدولى بقيادة أقوى جيوش العالم، بل يتحدث عن دولة الخلافة ويسمى الولاة وينشئ المجالس والوزارات، هذا التنظيم يمثل ظاهرة ملغزة لا يكفى لتفسيرها الحديث عن وجود حاضنة شعبية، فكل الحركات المتمسحة بالدّين مسلحة وغير مسلحة لها حواضن شعبية، كما لا يكفى لتفسيرها بريق دعوة الخلافة، فما من حركة تتمسح بالدين وتتمدد عبر الحدود إلا ويداعبها حلم الخلافة من أول جماعة الإخوان المسلمين حتى تنظيم القاعدة مع اختلاف فى الأولويات والتكتيكات، إذن ثمة تفسير مفقود لظاهرة «داعش» وفى هذه المساحة الغامضة تنطلق التكهنات عن حدود المسئولية الأمريكية. وعندما يتردّد اليوم الحديث عن المفاضلة بين «النصرة» و«داعش»، فإن هذا يعنى ببساطة أن هناك ما يجعل «النصرة» فى هذه المرحلة أكثر تحقيقاً للمصالح الأمريكية، وأن التقدم الميدانى ل«داعش» لا يعنى أفول «القاعدة»، مما يعنى أنه يمكن الرهان عليها، خصوصاً مع صعوبة الرهان على «داعش»، فى ظل مشاهد النحر الجماعى التى ينفذها «داعش» وتبثها كل فضائيات العالم.
وحول مزايا «القاعدة» مقارنة ب«داعش» كتب سكوت ستيوارت مقالاً فى النشرة التى تصدرها مؤسسة «ستراتفورد» الاستخباراتية يوم 11 يونيو الماضى، رد فيه على مقال لجورج فريدمان فى النشرة نفسها بتاريخ 9 يونيو ودافع عن أن تراجع «القاعدة» لا يعنى زوالها ليس فقط لأن فكر «القاعدة» ككل فكر لا يندثر، لكن أيضاً لأن الحركات الجهادية تمر بنوبات مد وجذر، وفيما يخص «القاعدة» فإنها حققت نجاحات عسكرية فى الشهور الأخيرة فى إدلب وجسر الشغور، إلا أن الإعلام لم يولها اهتماماً، عكس استيلاء «داعش» على بالميرا مثلاً (وكأنه بذلك يتهم الإعلام الغربى بالتحيز ل«داعش»!). أما أهم ما يميز «القاعدة» من وجهة نظر «ستيوارت» فهو أنها معتدلة إذا ما قورنت ب«داعش»، والدليل أنها تدير المناطق التى تسيطر عليها ب«ليونة»، كما يحدث فى حضرموت باليمن، حيث لم تفرض الشريعة «بصرامة»، بعكس سلوك «داعش» فى سوريا والعراق. نسى «ستيوارت» أن هذه «الليونة» هى ليونة تكتيكية بدليل أن «الجولانى» زعيم «النصرة» كرر عدة مرات فى حديثه مع أحمد منصور أنهم «فى هذا الوقت» لا يقاتلون إلا من يقاتلونهم، مما يعنى أنه حين يستتب لهم الأمر سيقاتلون مخالفيهم، حتى إن لم يرفعوا عليهم السلاح، نسى «ستيوارت» ونحن نذكره أن «النصرة» حين كانت اللاعب الرئيسى فى سوريا لم تتورع مثلاً عن اختطاف 14 راهبة من قرية يبرود شمال دمشق، إلا أن يكون «ستيوارت» اعتبر أن الراهبات أشهرن السلاح فى وجه «الجولانى»!
لتختار الولايات المتحدة من تراهن عليه: «داعش» أو «النصرة»، فخيارها لا يلزمنا قيد أنملة، لكنها حين تختار أيهما، عليها أن تبرر كيف تضع الجماعتين فى قائمة التنظيمات الإرهابية، ثم تفكر بالتحالف مع إحداهما ضد الأخرى، وعليها أن توفق بين ضرب «القاعدة» فى شبه الجزيرة والتحالف معها فى الشام، وعليها أن تعتذر لكل ضحايا غزوها أفغانستان إذا قررت أن تؤسس تحالفاً على جثثهم، وعليها أن تعى أنها لا تستطيع إقامة حكم إخوانى فى مصر وليبيا وحكم قاعدى فى العراق وسوريا، لأن خلاف ذوى الجذور المشتركة أعنف خلاف. خيار الولايات المتحدة لنفسها لا نحتاج إلى مروجين له ولا مدافعين عنه، فما زلنا حتى هذه اللحظة ندفع ثمن فاتورة مشاركتها فى تحرير أفغانستان من الحكم الشيوعى وإدارة حروب السياسة بأسلحة الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.