وزير الاتصالات: إتاحة 200 خدمة حكومية عبر منصة مصر الرقمية    أحدث تصوير جوي لمشروع إنشاء محطة تحيا مصر 2 بميناء الدخيلة    وزيرا الخارجية المصري والأمريكي يبحثان دعم الشراكة الاستراتيجية وتطورات الأوضاع الإقليمية    زيلينسكي: سنرسل لواشنطن نسخة معدلة لخطة ترامب    عقوبات أمريكية ضد أذرع كولومبية تساعد الدعم السريع فى السودان.. ما الذى حدث؟    حارس الأردن: البدلاء كانوا على قدر المسؤولية أمام مصر    توروب يدفع بجراديشار في هجوم الأهلي أمام إنبي بكأس عاصمة مصر    مصر تنظم بطولة أفريقيا للأندية للكرة الطائرة للسيدات    القتل مقابل لا شيء    القبض على شبكة تستغل تطبيقات الهواتف في أعمال منافية للآداب بالإسكندرية    وفاة منى صادق أستاذة الإلقاء والتمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية    هل يجوز غلق العين في الصلاة من أجل الخشوع؟.. أمين الفتوى يجيب    صحة الإسماعيلية تجرى الكشف علي 830 مواطنًا خلال يومي القافلة الطبية بقرية الدوايدة بالتل الكبير    مستشار الصحة: المركز الطبي المصري في جامبيا مشروع استثنائي يقدم خدمات متخصصة    تصاعد حدة القتال بين تايلاند وكمبوديا على طول الحدود المتنازع عليها    تنسيقية الأحزاب: غلق باب التصويت في انتخابات النواب بالخارج باليوم الثاني    بنك مصر يدعم 5 مستشفيات حكومية ب 67.5 مليون جنيه    رئيس جامعة العاصمة: لا زيادة في المصروفات وتغيير المسمى لا يمس امتيازات الطلاب (خاص)    وتريات الإسكندرية تستعيد ذكريات موسيقى البيتلز بسيد درويش    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر خلال التعاملات المسائية.. هل تغير عيار 21    «فيتش» تمنح الاقتصاد المصري ثقة دولية.. من هي هذه المؤسسة العالمية؟    لحظة النطق بإحالة أوراق المتهم بالتعدى على طلاب بالإسكندرية للمفتى.. فيديو    فرق البحث تنهى تمشيط مصرف الزوامل للبحث عن التمساح لليوم الخامس    "مصر للصوت والضوء" تضيء واجهة معبد الكرنك احتفالًا بالعيد القومي لمحافظة الأقصر    القومي للمرأة ينظم ندوة توعوية بحي شبرا لمناهضة العنف ضد المرأة    استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم لليوم الرابع في العصامة الجديدة    كوارث يومية فى زمن الانقلاب… ارتباك حركة القطارات وزحام بالمحطات وشلل مرورى بطريق الصف وحادث مروع على كوبري الدقي    محافظ القليوبية يشارك في احتفال الرقابة الإدارية باليوم العالمي لمكافحة الفساد بجامعة بنها    تركيا تدين اقتحام إسرائيل لمقر أونروا في القدس الشرقية    وفاة شخص صدمته سيارة بصحراوي سمالوط في المنيا    وزارة الرياضة توضح تفاصيل إصابة لاعب أثناء مباراة الدرجة الرابعة بمغاغة    منافس بيراميدز المحتمل - مدرب فلامنجو: نستهدف المنافسة على اللقب    اليابان: تقييم حجم الأضرار الناجمة عن زلزال بقوة 5ر7 أدى لإصابة 34 شخصا    نيللي كريم: مبقتش أعمل بطولات وخلاص عشان أثبت إني ممثلة كبيرة    شتيجن يعود لقائمة برشلونة ضد فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    غدًا.. فصل الكهرباء عن قريتي كوم الحجنة وحلمي حسين وتوابعهما ببيلا في كفر الشيخ    متحدث «الأوقاف»: مصر قرأت القرآن بميزة «التمصير والحب» لهذا صارت دولة التلاوة    شباب الشيوخ توسع نطاق اختصاصات نقابة المهن الرياضية    بدء تفعيل رحلات الأتوبيس الطائر بتعليم قنا    لا كرامة لأحد فى زمن الانقلاب.. الاعتداءات على المعلمين تفضح انهيار المنظومة التعليمية    محافظ الدقهلية يتفقد معرض السلع الغذائية بالمنصورة ويوجه بتوفير مزيد من التخفيضات للمواطنين    ليوناردو دي كابريو يهاجم تقنيات الذكاء الاصطناعي: تفتقد للإنسانية وكثيرون سيخسرون وظائفهم    جامعة قناة السويس تقدّم خدمات علاجية وتوعوية ل711 مواطنًا خلال قافلة طبية بحي الأربعين    حزب الاتحاد: لقاء الرئيس السيسي مع حفتر يؤكد حرص مصر على استقرار ليبيا    مراسلة قطاع الأخبار بالرياض: الأعداد تتزايد على لجان الانتخاب في السعودية    رياضة النواب تهنئ وزير الشباب بفوزه برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو    صلاح وسلوت.. مدرب ليفربول: أنا مش ضعيف وقلتله أنت مش هتسافر معانا.. فيديو    قرار عاجل لمواجهة أزمة الكلاب الضالة في القاهرة    وزارة الاستثمار تبحث فرض إجراءات وقائية على واردات البيليت    رنا سماحة تُحذر: «الجواز مش عبودية وإذلال.. والأهل لهم دور في حماية بناتهم»    البابا تواضروس الثاني يؤكد وحدة الكنيسة خلال لقائه طلاب مدرسة مارمرقس بسيدني    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    فحص 7.4 مليون تلميذ ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصفقة المحرَّمة: إسرائيل وجماعات الإرهاب
نشر في الوطن يوم 08 - 07 - 2015

- فى هذا المكان كتبت مقالاً يوم 6 مايو بعنوان «هل حانت ساعة الحسم فى سوريا؟»، أشرت فيه إلى معلومة تلقى ثلاثة من قيادات جبهة النصرة العلاج فى المستشفيات الإسرائيلية. هذه المعلومة التى توافرت للمنظمة العربية لحقوق الإنسان منذ نحو عام استغرقت منها وقتاً طويلاً لتدقيقها وتوثيقها نظراً لخطورتها، وذلك قبل أن ترفع عنها الغطاء. الآن لم تعد تعوزنا الأدلة والإثباتات، ففى شهر يونيو الماضى وفيما كانت سيارة عسكرية إسرائيلية تقل بعض الإرهابيين من جرحى الحرب فى سوريا لتلقى العلاج فى المستشفيات الإسرائيلية قام مواطنون دروز يسكنون إحدى قرى الجليل الأعلى برشق السيارة بالحجارة. لكن الأخطر فى الشهر نفسه أن القناة الثانية الإسرائيلية بثت تقريراً بعنوان «يعبرون الحدود» أذاعته قناة «الميادين»، والتقرير هو عبارة عن شهادات بعض هؤلاء الجرحى الذين تعالجهم إسرائيل، وفيه حقائق مذهلة. يدمى القلب حين يشاهد أحدهم وقد أخفيت ملامحه يقول: «قالوا لى إسرائيل عدوة سوريا جيت لهون لقيت أحسن معاملة»، ويتكلم آخر بالعبرية عدة جمل فيبدى معد التقرير إعجابه قائلاً: «سورى بيحكى عبرى.. منيح»، ثم يبلغ الاستفزاز مداه حين يطرح هذا الأخير على أحد الجرحى سؤالاً هو من تقتل: الشيعى أم اليهودى؟ فيرد: الشيعى، الدرزى أم اليهودى؟ فيرد: الدرزى، وهنا يختم معد التقرير البرنامج قائلاً: يبدو أن إسرائيل عرفت كيف تحول عدو الأمس إلى صديق!
- أدعو إلى أن يلف هذا البرنامج الفضيحة الذى يحيطه تجاهل رسمى عربى كل القنوات الفضائية العربية، أدعو إلى أن يتخلل نشرات الأخبار ويذاع مرة ومرات لعله يمثل صفعة على وجوه كل من يصدقون (هل هم حقاً يصدقون؟) أن ما يجرى فى سوريا وليبيا والعراق وفى سيناء مصر عمل من أعمال الجهاد. أدعو إلى أن نتوقف ملياً أمام الكلمات المفتاحية التالية فى تقرير القناة الثانية الإسرائيلية: شيعى ودرزى وسنى من درعا، فهكذا ترانا إسرائيل مجموعة متنافرة من الأديان والمذاهب، وحبذا لو تكون لكل مجموعة دولتها، فالقضية يراد لها ألا تكون مع الصهيونية السياسية لكن بين تلك الديانات والمذاهب. الحلم القديم بتفكيك الدول العربية يسير بخطى حثيثة بعد أن وجدت الدولة العبرية بين أبناء الوطن العربى من يتطوعون للتنفيذ، فمن الطبيعى أن تسلحهم وتمولهم ثم تعود وتداويهم. يحتاج المرء إلى ذاكرة لا ترقى حتى إلى ذاكرة السمك لينسى أن الطيران الإسرائيلى قصف سيارات الإسعاف اللبنانية والفلسطينية فى حروب 2006 و2008 - 2009 و2014، ويتذكر فقط أن سيارات الإسعاف الإسرائيلية تنقل إرهابيى سوريا إلى المستشفيات الإسرائيلية رفقاً بهم من براميل «بشار» وغارات التحالف. لكن الاستدراك واجب فإسرائيل لم تعد تهتم حتى بالتجمل وتبرير علاج إرهابيى النصرة بالاعتبارات الإنسانية، فها هو زير الدفاع الإسرائيلى موشى يعالون، نقلاً عن صحيفة «الأهرام» يوم الاثنين 6 يوليو، يتبجح بالقول «إنه ليس سراً أن الجهات المرابطة على الجدار الأمنى تتلقى مساعدات إنسانية من قبَل إسرائيل مثل العلاج الطبى، واشترطنا ألا تسمح هذه الجهات باقتراب تنظيمات إرهابية إلى الجدار». هذا إذن تأويل ما لم نسطع عليه صبراً نحن الذين لم نكف عن السؤال لماذا يجاهد الإرهابيون دولهم ولا يحفلون بتحريرها، ولماذا تتوجه مدافعهم إلى صدور جيوشهم (بل وحتى عامة الناس) ولا تطال الجيش الإسرائيلى الذى يحتل أراضى يفترض أنها ضمن حدود «دولة الخلافة»؟! إنها إذن صفقة محرمة تلك التى أُبرمت بين إسرائيل وبين هؤلاء الإرهابيين، عقد أمان غير مكتوب يلتزم فيه كل طرف بألا تطول نيرانه الطرف الآخر وكل ما خلا ذلك مباح. يظن الإرهابيون أنهم يستقوون بإسرائيل فإذا بإسرائيل توظفهم ليس فقط لضمان أمنها وتفكيك دولهم لكن كذلك لكشفهم أمامنا وإعطاء المبرر للنظم التى يحاربونها كى تفتك بهم، فمن ذَا الذى يدافع عن خصم يستظهر بإسرائيل؟ تبيعهم إسرائيل الوهم والأعلام والإعلام وتشترى منهم أنفسهم وأوطانهم، ومع ذلك فإن القصة الرديئة لن ينتصر فيها أحد على المدى المتوسط حتى إسرائيل نفسها فالنار التى تشعلها إسرائيل فى دول المنطقة لا بد أن تمتد إليها ولو بعد حين، وقد رأينا كيف أن الدول الأوروبية التى فتحت أبوابها للإرهابيين من كل صوب أصبحت ضحية لهم، ففى بريطانيا يتكلمون عن أسر بكاملها تتطوع فى صفوف «داعش» ويفقدون أثرها، وفى فرنسا تنفذ العمليات الإرهابية فى قلب العاصمة ببشاعة مفرطة، والولايات المتحدة التى أطلقت المارد من القمقم فى أفغانستان تحاول أن تحبسه مجدداً (أو تتظاهر بذلك) فى العراق وسوريا فيتضخم، ولا يوجد أى مبرر لتصبح إسرائيل استثناءً من القاعدة.
إن هذه المرحلة الحرجة من تطور بلداننا العربية تشهد سباقاً محموماً على إعادة رسم الخرائط وإعادة توزيع الأدوار على الفاعلين، وهى مرحلة يفوق فيها حجم التحدى الذى تواجهه أمتنا العربية كل تحديات المراحل السابقة لأن الفوضى فيها شاملة، وخلط الأوراق على أشده، والحروب النظامية ولّى زمانها، والولاءات التحتية فى أوجها، ولذلك فإن هذا المقال الذى يوضح خلفية المشهد العربى الراهن يمثل بداية لطرح سلسلة من القضايا التى تواجه تطور النظام العربى لأن تلك القضايا هى التى يُراد لنا الالتفات عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.