"البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    بهاء أبو شقة يعلن ترشحه على رئاسة حزب الوفد    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    التنمية المحلية: تقليص إجراءات طلبات التصالح من 15 إلى 8 خطوات    مانشستر يونايتد يسقط فى فخ التعادل أمام وولفرهامبتون بالدوري الإنجليزي    نتنياهو يزعم بوجود قضايا لم تنجز بعد في الشرق الأوسط    الخارجية الروسية: الحوار بين روسيا والاتحاد الأوروبي لن يظل مقطوعا إلى الأبد    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    قوات الجنوب تؤكد السيطرة الكاملة على حضرموت    الأونروا: قطع الكهرباء والمياه عن مكاتبنا بالقدس تصعيد خطير    توغل إسرائيلي وإطلاق نار في "تل الأحمر" بريف القنيطرة السورية (فيديو)    إعلام إسرائيلي: نتنياهو وترامب يتفقان على الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    موعد مباريات اليوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025.. إنفوجراف    اسم كبير في المجال، اتحاد الكرة يحدد هوية المدير الفني الجديد للجبلاية للاتحاد    الزمالك ينهي اتفاقه مع طارق مصطفى لقيادة الفريق خلفا لأحمد عبد الرؤوف    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    محمد عمر: منتخب مصر لا يخشى أحدا ومواجهة بنين تحتاج حذرا رغم الفوارق    مصدر بالزمالك: سداد مستحقات اللاعبين أولوية وليس فتح القيد    مصرع طفل صدمه قطار أثناء عبور مزلقان العامرية في الفيوم    من موقع الحادث.. هنا عند ترعة المريوطية بدأت الحكاية وانتهت ببطولة    دعم صحفي واسع لمبادرة المتحدة بوقف تغطية مشاهير السوشيال ميديا والتيك توك    نجاح أجهزة الأمن في ضبط متهم بسرقة منزل خليجي في أوسيم    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    رامز جلال يشعل مبكرًا أجواء رمضان 2026... ووفاء عامر تضع رقمًا صادمًا للمشاركة    طرح البرومو الأول للدراما الكورية "In Our Radiant Season" (فيديو)    بسبب الفكة، هل يتم زيادة أسعار تذاكر المترو؟ رئيس الهيئة يجيب (فيديو)    منال رضوان توثق الضربات الإسرائيلية على طهران في روايتها «سماء مغادرة»    ندى غالب ومحمد حسن ورحاب عمر يحيون حفل رأس السنة فى دار الأوبرا    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    غدًا.. محاكمة 3 طالبات في الاعتداء على الطالبة كارما داخل مدرسة    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    أمين البحوث الإسلامية يلتقي نائب محافظ المنوفية لبحث تعزيز التعاون الدعوي والمجتمعي    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة «العمل» تصدر قواعد وإجراءات تفتيش أماكن العمل ليلًا    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    عبد السند يمامة ‬يعتمد ‬التشكيل ‬النهائي ‬للجنة ‬انتخابات ‬رئاسة ‬الحزب    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    الداخلية تضبط أكثر من 95 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    كشف ملابسات مشاجرة بالجيزة وضبط طرفيها    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    طقس اليوم: مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 12    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم لتدخل عسكرى مصرى محسوب فى عملية اليمن
نشر في الوطن يوم 15 - 04 - 2015

لا يبدو أن الحملة التى يقودها التحالف السعودى فى اليمن تقترب من تحقيق أهدافها أو أنها على المسار الصحيح لتحقيق هذه الأهداف، وإلزام جماعات الحوثيين المسلحة التى احتلت صنعاء وعدن المدينتين الأكبر فى شمال اليمن وجنوبه، واستولت على مناطق واسعة فى طول البلاد وعرضها، بالعودة إلى ديارها فى منطقة صعدة شمال اليمن، وتمكين الرئيس اليمنى عبدربه هادى الموجود الآن فى الرياض من العودة إلى سدة الحكم.. والواضح حتى الآن أن القصف الجوى لقوات التحالف لمواقع الحوثيين شمالاً وجنوباً على امتداد 16 يوماً لم يعد كافياً لتفكيك قبضة الحوثيين على المناطق التى يسيطرون عليها، رغم الخسائر الكبيرة التى تتكبّدها قواتهم المتحالفة مع بعض من قوات الجيش اليمنى الموالية للرئيس السابق على عبدالله صالح، وانشقت على الرئيس عبدربه لتحارب فى صف الحوثيين!
وثمة شواهد خطيرة تؤكد أن اليمن على شفا الانهيار الكامل ما لم يتغير مسار الحرب، بسبب نزوح الآلاف من السكان خارج ديارهم، وشح الغذاء والمياه والمؤن الطبية فى مناطق كثيرة لم يعد فى الإمكان أن تصل إليها هذه الإمدادات بسبب انقطاع الطرق، وإغلاق معظم الموانئ والمطارات، خاصة أن اليمن يستورد 90% من غذائه، ويزيد الموقف صعوبة تزايد الخسائر فى صفوف المدنيين وقلة قوافل الإغاثة، وتصاعد الأزمة فى مدينة عدن إلى حدود مأساوية، بعد أن استولى الحوثيون على أحياء كريتر والتواهى، بما فى ذلك القصر الجمهورى وميناء عدن، كما تسبّبوا فى وقف العمل بمصفاة البترول التى تمد اليمن بالوقود، وكذلك تم تدمير عدد كبير من آبار المياه ومحطات الرفع، إلى حد يُهدّد المدينة بالعطش، بينما تدور الحرب فى الشوارع بين قوات الحوثيين بعتادها الثقيل من الدبابات والمدفعية، وبين جماعات من السكان استفزها العدوان الحوثى، وخرجت تدافع عن مدينتها بأسلحتها الصغيرة.
ولا يختلف الموقف كثيراً فى العاصمة صنعاء التى دخلها الحوثيون فى يناير الماضى بمعاونة أساسية من قوات الرئيس السابق على عبدالله صالح، مكنتهم من الاستيلاء على كل مرافق العاصمة وقصور الرئاسة ومقار الحكم، وتتمركز قواتهم الآن فى مواقع حصينة حول المدينة ونقاط تفتيش قوية داخلها، تتعرّض للقصف الجوى من قوات التحالف بصورة شبه يومية، بينما يتوقع الجميع أن تسوء الأوضاع أكثر من ذلك، بسبب تفاقم أزمة الجوع وشح الإمدادات الطبية، إلى حد أن الصليب الأحمر لم يتمكن بعد أسبوعين من الحرب من إرسال أكثر من طائرة واحدة، حملت ما يقرب من 20 طناً تتكدّس الآن فى مطار صنعاء، لصعوبة إرسال المواد الطبية إلى باقى المدن اليمنية، بسبب الطرق المقطوعة، وكما انقطعت إمدادات الدواء والغذاء، انقطع وصول تحويلات اليمنيين العاملين فى السعودية إلى ذويهم، لصعوبات لوجيستية عديدة.
وبينما تحشد السعودية قواتها العسكرية التى تتحصّن فى مواقع دفاعية بطول حدودها مع اليمن، وتواصل قطع البحرية المصرية دورياتها فى منطقة باب المندب، وبامتداد الساحل السعودى على البحر الأحمر لمنع أى عمليات تخريبية تأتى من البحر، لا تزال قوات التحالف السعودى تعتمد أساساً على عمليات القصف الجوى، وعلى جهود اللجان الشعبية التى تواجه الحوثيين فى عدد من المدن اليمنية، ينقصها كفاءة القتال وحسن التنظيم وقلة المؤن والسلاح، مع أنها تواجه مع الحوثيين مجموعات واسعة من رجال الأمن من أنصار الرئيس السابق على عبدالله صالح، يحاربون إلى جوار الحوثيين ويتخفون فى ثياب مدنية!
وتبدو الحاجة ملحة الآن إلى قوات برية تحسم المعركة على الأرض، بعد انتشار الحوثيين الواسع فى الشمال والجنوب، وعجز القصف الجوى عن حصارهم ووقف زحفهم، لكن تشكيل القوات البرية يواجه مصاعب كثيرة، أكثرها شيوعاً الخوف من أن تتكرّر تجربة القوات المصرية فى شمال اليمن، خلال الستينات، عندما تعرّضت لعملية استنزاف طويلة فى مناطق جبلية وعرة عديدة تسكنها قبائل الشمال الزيدى التى انقسمت بين الجمهوريين والملكيين فى عملية ابتزاز واضح لمصر والسعودية، اللتين كانتا تقفان على طرفى نقيض من ثورة سبتمبر، وينفقان بسخاء بالغ، فى محاولة كسب هذه القبائل. المصريون يدفعون ريالات مارية تريزا الفضية الثقيلة إلى شيوخ القبائل، والسعوديون يدفعون جنيهات الملك جورج الذهبية فى منافسة عقيمة أضرت بمصالحهما، وفككت عرى التضامن العربى، وزادت من حدة الاستقطاب والانقسام فى العالم العربى، وباعدت بين مصر والسعودية سنوات طويلة، وكان من نتائجها الخطيرة هزيمة 67، كما كان من نتائجها السلبية أن تحول معظم شيوخ القبائل فى اليمن إلى أمراء حرب يملكون جيوشاً صغيرة مكنتهم من التوغُّل على حساب سلطة الدولة المركزية.
ورغم أن معظم التوقعات كانت ترشّح مشاركة باكستان فى القوات البرية التى يمكن أن تذهب إلى اليمن لردع الحوثيين إلى جوار القوات المصرية، لكن قرار البرلمان الباكستانى ألزم الحكومة عدم الانحياز إلى أىٍّ من طرفى الحرب، الحوثيين وتحالف السعودية، ومساندة جهود التسوية السلمية، وإن كان قرار البرلمان أعطى الحكومة الباكستانية حق التدخل العسكرى لمساعدة السعودية إن نجح الحوثيون فى اختراق حدودها!، وما من شك أن قرار البرلمان الباكستانى سوف يكون له أثره على قرار القاهرة، فى ظل رأى عام مصرى يتوجّس قلقاً من التدخّل العسكرى فى اليمن مرة ثانية، لكن ثمة مسئولية مصرية ينبغى احترامها تجاه الأمن القومى عموماً وتجاه أمن الخليج على نحو خاص، تلزم مصر بأن تقف إلى جوار أشقائها فى الخليج، كما وقفوا إلى جوارها وقت الشدة، وأن تفى بتعهداتها التى أكدت أن أمن الخليج جزء من أمن مصر، والعكس صحيح.
وأظن أن هناك مساحة أمان واسعة تسمح لقوات التدخل السريع المصرية بالإسهام فى حماية مدينة عدن ومنطقة باب المندب من خلال قوات برية تردع الحوثيين وتلزمهم بالخروج من جنوب اليمن، وأغلبها مناطق سهول يسكنها الشوافع الذين ينتمون إلى المذهب المالكى، سوف يدعمون القوات المصرية ويساندون مهمتها، لأنهم يقدّرون الدور التاريخى الذى لعبه المصريون فى تحرير الجنوب من سطوة الاستعمار البريطانى، من خلال العملية (صلاح الدين) التى قادتها المخابرات المصرية فى الستينات، وكان مقرها مدينة تعز لمساعدة سكان الجنوب على تحرير أراضيهم فى إحدى معارك التحرير الكبرى، التى بدأت من ولايات دثينة ويافع فى جنوب اليمن وصولاً إلى إمارتى أبين والفضلى ومدينة عدن، وفى جميع الأحوال، ينبغى أن تكون مهمة القوات المصرية فى عدن وباب المندب رسالة سلام، تهيئ نقطة ارتكاز قوية يمكن أن تكون بداية لحوار وطنى يلم شمل الجميع، قبل أن تكون رسالة حرب تستهدف تدمير الحوثيين، وتستطيع قوات التدخل السريع المصرية الإسهام فى هذه المهمة دون أن تتورّط فى معارك واسعة، تلزمها بتكثيف وجودها العسكرى فى مناطق الشمال الوعرة التى جرى فيها استنزاف معظم القوات المصرية خلال حرب الستينات، لأنه لا معنى لغزو الحوثيين فى عقر دارهم إن كان الهدف الأخير لعملية عاصفة الحزم هو تطويع إرادة الحوثيين السياسية وإلزامهم باحترام الشرعية الدستورية.
ويزيد من ضرورة التزام مصر، تكرار هذه التعهدات من جانب الرئيس السيسى الذى قال بوضوح بالغ إن الأمر لن يستغرق أكثر من (مسافة السكة)، شريطة تقنين هذا التحالف فى اتفاقات واضحة ومحدّدة لا تكرر ما حدث فى إعلان دمشق، وتلزم كل أطراف التحالف باحترام وحدة الدولة والتراب اليمنى، وتأكيد عزم الجميع على معاونة جهود التنمية الحقيقية فى اليمن مع اقتران العمل العسكرى بجهد إنسانى واسع يخفف من آثار الحرب على حياة الإنسان اليمنى، ويضمن تضافر كل الجهود كى لا يتحول اليمن إلى دولة فاشلة، كما يزيد من ضرورته محاولة إيران ركوب الموقف واشتراك المرشد الأعلى خامنئى فى حملة هجوم قاسية على السعودية جاوزت كل الأعراف تكشف بالفعل سوء نيات إيران.
وأظن أن البديل الوحيد لغياب قوة برية تحفظ أمن عدن وباب المندب وتردع الحوثيين، كما تحفظ أمن وحرية الملاحة فى قناة السويس، أن يصبح اليمن سداحاً مداحاً تنهشه الفوضى، ويتحول إلى لقمة سائغة لتنظيم القاعدة الذى يحاول استثمار ظروف الفوضى اليمنية الراهنة ليمد نفوذه إلى مناطق عديدة فى مدينة المكلا على مسافة 300 ميل من صنعاء ومناطق أخرى فى شبوة وأبين والبيضا. وفى جميع الأحوال فإن إرسال قوات التدخل السريع فى مهمة محددة لتأمين باب المندب وتحرير مدينة عدن يدخل فى نطاق المغامرة المحسوبة التى تحكمها أبعاد واضحة الدلالة من أول مراحلها إلى آخرها، صحيح أن الحرب تتسبّب فى خسائر كثيرة فى معظم الأحوال، إلا أننا إزاء حرب ضرورة يمكن ضبط مسارها، بما يجعلها محدودة الهدف والمدة دون مخاطر ضخمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.