حققت الدولة المصرية أهدافاً عدة بتنظيم المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ، أول هذه الأهداف هو بلورة حزمة من المشروعات الاستثمارية وعرضها على الشركات وإقناعها بجدواها الاقتصادية وربحيتها فى ذات الوقت. المؤتمر الاقتصادى انتهى بإبرام اتفاقيات وعقود تجاوزت الستين مليار دولار قبل انتهاء المؤتمر، هذا غير 12 ملياراً من الدول العربية بعضها ودائع، وتنوعت المشروعات وفقاً لاحتياجات المجتمع المصرى ومستقبله الاقتصادى. ثانى هذه الأهداف هو القدرة على تنظيم مؤتمر بهذا الحجم، فقد حضر أكثر من 2500 رجل أعمال، و22 رئيس حكومة أو رئيس دولة وعدد من وزراء وممثلين لحكومات دول بلغت 80 دولة فى ظل تهديدات إرهابية زادت وتيرتها مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر، إلا أن الدولة استطاعت أن تواجه هذا التحدى وتم المؤتمر دون حادث واحد يعكر صفو الأجواء. الهدف الثالث هو تغيير موقف قوى كبرى من الحكم الجديد وهو ما يمكن تسميته بالمكسب السياسى ويمكن الإشارة إلى دعوة المستشارة ميركل للرئيس بزيارة ألمانيا أثناء انعقاد المؤتمر وحضور وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية وإشارته إلى التعاون الاستراتيجى مع مصر وإمكانية رفع الحظر على المعونات العسكرية لمصر. السؤال هل يمكن البناء على نتائج هذا المؤتمر، أم أن العقبات ستحول دون الاستفادة من النجاح الكبير الذى حققه المؤتمر، فلا شك أن الفساد يشكل أولى هذه العقبات، فهذه الشبكة العنكبوتية بين الموظفين وشركات وأشخاص أيضاً ممن زاوجوا المال بالسياسة وشكلوا لوبيات للضغط وامتلكوا وسائل تمكّنهم من عرقلة أى إصلاح، ودون حرب حقيقية ضد هذا الفساد وتطبيق معايير الشفافية ومحاسبة الفاسدين بحزم، فإن كل هذه الجهود ستذهب أدراج الرياح. ثانية هذه العقبات غابة التشريعات والقوانين التى يمكنها أن توقف أى مشروع، فالأمر يحتاج أن نعمل على القوانين والتشريعات بما يتفق ومعايير ومبادئ الحكم الجيد (الرشيد)، وهذه مسئولية السلطة التشريعية وأعتقد أن على الحكومة أن تقوم من الآن بتحضير هذه المشاريع التى تعدل هذه القوانين استعداداً بطرحها على البرلمان فور انعقاده، فالبيروقراطية تتحصن بالقوانين واللوائح. ثالثاً ألا تكون خططنا للنمو وليس للتنمية، إشراك المواطنين فى التنمية ضرورة لا سيما السكان المحليون، فهذا هو مفهوم التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وهذا العام هو نهاية خطة الألفية للأمم المتحدة التى سوف تعلن أهدافاً جديدة للتنمية المستدامة لمواجهة الفقر والحرمان، فلا نريد تحقيق معدلات نمو عالية فعلاً ولكن تنتهى بذهاب عوائدها إلى فئة قليلة من رجال الأعمال وحرمان قطاعات كبيرة من التمتع بهذه العوائد ورفع مستواها الاقتصادى والاجتماعى، وهذا يتطلب خطة عاجلة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وفتح الطريق أمامها للمشاركة فى خطط التنمية. أيضاً مبادرات الأعمال والقروض الصغيرة ومتناهية الصغر لعمل مشروعات للفئات الضعيفة والمهمّشة لإشراكها فى التنمية وإخراجها من حالة الفقر والعوز أيضاً هذه المشروعات تحتاج إلى رعاية ودعم وتمكين. تحويل المؤتمر من مؤتمر مانحين إلى مؤتمر للاستثمار والشراكة كان من أهم أسباب النجاح والحضور الكثيف والرغبة فى المشاركة، فكل تجارب مؤتمرات المانحين فشلت فى تقديم مساعده حقيقية للدول ونذكر أنه فور نجاح الثورات فى المنطقة، عقد مؤتمر للمانحين فى فرنسا خصص 22 مليار دولار لثلاث دول، هى: مصر وتونس وليبيا ولم يتم تنفيذ هذه التوصيات حتى الآن، فالقاعدة الذهبية هى نكسب وتكسب أنت، الفوائد المشتركة لكل الأطراف، لكن يظل المهم أيضاً استمرار برامج المساعدة الاجتماعية من الدولة للفقراء والفئات الضعيفة وتطوير القرى الأكثر فقراً، وخلق فرص للحياة الكريمة للمواطنين. هذا يجب أن يكون فى قمة الأولويات لضمان نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى وتحقيق نهضة لمصر والمصريين.