شن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أمس الخميس، في ختام جولته الانتخابية التي استغرقت 40 ساعة على عدد من الولايات الحاسمة، هجوما حادا على منافسه الجمهوري ميت رومني في أوهايو، الولاية التي يمكن أن تقرر نتيجة السباق إلى البيت الأبيض. وسخر ميت رومني، الذي شارك في تجمع للجمهوريين في ديفاينس، من "التراجع الكبير" لحملة أوباما، واستعار شعار الرئيس خلال حملته في 2008، واعدا "بتغيير كبير" إذا فاز في انتخابات 6 نوفمبر. وتأتي هذه الهجمات المتبادلة فيما أظهرت استطلاعات الرأي أن رومني يتقدم بفارق ضئيل جدا على المستوى الوطني، فيما حافظ أوباما على شعبيته في الولايات المتأرجحة التي يمكن أن تحسم الانتخابات وتمنحه ولاية ثانية من أربع سنوات. وهاجم أوباما منافسه بشدة بسبب معارضته خطة إنقاذ قطاع صناعة السيارات، الذي يؤمن وظيفة من ثماني وظائف في أوهايو، حيث ستكون المعركة الأقوى. وقال أوباما: "رفضت التخلي عن هؤلاء العمال ورفضت التخلي عن هذه الوظائف. أنا أراهن على العمال الأمريكيين، وسأقوم بذلك ثانية لأن هذا الرهان رابح". وأنهى أوباما، أمس الأول، جولة على ثماني ولايات قطع خلالها أكثر من سبعة آلاف ميل قبل 11 يوما من الانتخابات؛ لكي يطلب من الأمريكيين تحدي الوضع الاقتصادي الصعب ونسبة البطالة العالية عبر التصويت له لولاية ثانية. ويعطي مساعدو الرئيس في مجالسهم الخاصة إشارات على ثقة متزايدة بأن الرئيس سيفوز مجددا، لكن رومني حاول أيضا إقناع مؤيديه بأنه هو وليس أوباما من يحظى بالزخم في نهاية المعركة. وقال رومني، أمام حشد ضم 12 ألف شخصا في ديفاينس: "نريد التغيير. نريد تغييرا كبيرا ونحن جاهزون لذلك"، متهما الرئيس الديمقراطي بشن حملة سلبية ومتدنية خالية من أية أفكار جديدة. وأضاف رومني، حاكم ولاية ماساتشوستس السابق: "الآن حان وقت التحديات الكبرى والفرص الكبرى. لدينا خيار كبير أمامنا. وصراحة سننتخب رئيسا يكون راغبا في إحداث تغيير كبير، وأنا سأقوم بذلك". ويُحَمِّلُ رومني منافسه الديمقراطي مسؤولية تداعي الاقتصاد في البلاد، فيما يحذر الرئيس من أن الأمريكيين قطعوا شوطا كبيرا في طريق خروجهم من الانكماش، وأنه يجب ألا يجازفوا بتغيير مسار هذا التقدم تحت إدارة جمهورية. وفي وقت سابق، أصبح أوباما أول رئيس يُدلي بصوته في اقتراع مبكر أثناء ممارسة مهامه، في خطوة إعلامية تهدف إلى تعبئة مؤيديه للإدلاء بأصواتهم مبكرا. وفي مشهد لا يخلو من المفارقات، عاد أوباما، الذي قد يكون أشهر رجل في العالم، إلى الحي الذي كان يقيم فيه في شيكاجو بالموكب الرئاسي، وأبرز بطاقة هويته قبل الإدلاء بصوته. وفي وقت لاحق، حذر العاملين في حملته الانتخابية في شيكاجو من أنه "إذا لم يأت ناخبونا للإدلاء بأصواتهم، فيمكن أن نخسر هذه الانتخابات. الخبر السار هو أنه إذا جاء ناخبونا للاقتراع، فسنفوز بهذه الانتخابات بالتأكيد". وبعد ساعات، وفي مشهد يدل على قوة الظهور التي يملكها رئيس مرشح لولاية ثانية، هبطت طائرة أوباما أمام 12 ألف شخصا كانوا ينتظرونه منذ ساعات في مطار مطل على بحيرة في كليفلاند. ومع اقتراب الانتخابات، تزداد مشاعر النفور بين رومني وأوباما كما يبدو. ففي مقابلة مع مجلة "رولينج ستون" نشرت الخميس، قال أوباما إن الأولاد لديهم حدس سياسي ممتاز ويمكنهم رصد "مراوغ". وهذا التعليق اعتبر إلى حد كبير ضربة قوية لرومني، الذي اتهمه أوباما أيضا بالافتقار للمبادئ وبأنه يغير مواقفه من أجل مكاسب سياسية، ما استدعى ردا سريعا من المتحدث باسم المرشح الجمهوري كيفن مادن. وقال مادن: "الرئيس أوباما فاقد أعصابه وفي موقف دفاعي. لم يعد لديه شيء سوى الإهانات والهجمات. من المؤسف أنه يختتم آخر أيام الحملة بهذه الطريقة". ويقول فريق أوباما إنه لا يزال لديه عدة طرق لتأمين أصوات كبار الناخبين ال270 من أجل الوصول إلى البيت الابيض، وإنه يستخدم لذلك خارطة سياسية واسعة. وخلال يومين جاب أوباما ولايات إيوا وكولورادو ونيفادا وفلوريدا وفرجينيا وأوهايو، وتوقف لفترة في كاليفورنيا ليشارك في برنامج "جاي لينو"، ثم توجه إلى معقله شيكاجو. وقام رومني أيضا بجولات متعددة، لكنه ركز حملته الخميس على أوهايو فقط، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن أوباما يتقدم عليه بفارق نقطتين. كما أظهر استطلاع أجرته شبكة "إن بي سي" وصحيفة "وول ستريت جورنال" أن اوباما يتقدم بفارق ثلاث نقاط في نيفادا، وأن النتيجة متقاربة جدا في كولورادو. وفي المقابل أظهر استطلاع لشبكة "إي بي سي" وصحيفة "واشنطن بوست" أن رومني يتقدم بفارق ثلاث نقاط. ويسعى المرشح الجمهوري في هذا الوقت إلى تبديد الجدل الذي أثارته تعليقات حول الاغتصاب والإجهاض أدلى بها المرشح لعضوية مجلس الشيوخ عن إنديانا، ريتشارد مردوك. وقال الجمهوري مردوك إن الحمل الذي يسببه الاغتصاب "مشيئة من الله"، ما أعطى حجة إضافية لفريق حملة رومني لمهاجمة سياسة المرشح الجمهوري الاجتماعية، معتبرين أنها تعود لخمسينات القرن الماضي. وقال فريق حملة رومني إن حاكم ماساتشوستس السابق غير موافق على آراء مردوك، لكنه لا يزال يدعمه في السباق إلى مجلس الشيوخ.