تألمت -مثل آلاف الملايين من المسلمين والمسيحيين المعتدلين حول العالم- لتلك الرسوم المسيئة وهذا التطاول الأحمق على سيد الخلق ورسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، الذى لم يراعِ -حتى من باب الأدب والتعايش السلمى بين الأديان- أن هذا التطاول قد يؤجج المشاعر، ويزيد من حدة الإرهاب الأعمى الذى يستغل بعض الشباب المسلم المغرر بهم من أجل تحقيق أهداف سياسية وأطماع استعمارية فى ثوب جديد، إلا أننى سألت نفسى عدة أسئلة أناقشها عبر السطور التالية لعلنا نفيق من غيبوبتنا وسباتنا العميق وهواننا على أنفسنا، الذى جعلنا على الناس أهون. أولاً: هل الإرهاب والقتل هو الوسيلة الفعالة للرد على هؤلاء المجرمين؟ بالطبع لا، والسبب أن المولى عز وجل قد تكفل بالدفاع عن رسوله الكريم من فوق سبع سماوات حين قال: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95)} [سورة الحجر]، فالتطاول على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من مثل هؤلاء الأوغاد قديم وسيستمر، فقد جاء فى الحديث الشريف: «لو أن مؤمناً على قلة جبل لابتعث الله له كافراً أو منافقاً يؤذيه»، وقد وصفهم المولى عز وجل بأنهم غير قابلين للنصح أو الإقناع، وطمأن رسوله (صلى الله عليه وسلم) بأنه يرعاه ويحفظه فيخاطبه قائلاً: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنْ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لا يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)} [سورة الطور]. ثانياً: هل معنى ذلك أن نضع أيدينا على خدودنا، ونمصمص الشفاه، ونكتفى بالدعاء؟ لا أيضاً، فهناك وسائل عديدة للتعبير عن غضبتنا لإهانة الحبيب (صلى الله عليه وسلم)، أهمها وأولها أن نستحق أن نكون بالفعل من أتباع محمد (صلى الله عليه وسلم) الذى بُعث ليتمم مكارم الأخلاق، فليس من المعقول أن أرى سيارة على زجاجها لافتة مكتوب عليها «أنا فداؤك يا رسول الله»، ثم يختلف صاحبها مع صاحب سيارة أخرى على المرور، فيخرج رأسه لكى يسب له الدين والعياذ بالله، أضف إلى ذلك المقاطعة الاقتصادية لكل من يتجرأ ويمس رسولنا الكريم، فلغة المال والاقتصاد والمصالح هى التى تحرك قادة العالم اليوم، وأقترح أن ننشر دعوى من خلال كل وسائل التواصل الاجتماعى (فيس بوك، وتويتر، وإنستجرام.. . وغيرها)، ومن خلال القنوات الفضائية، من أجل تخصيص يوم من كل أسبوع -وليكن يوم الجمعة- يتم فيه تغيير صورة البروفايل إلى لافتة موحدة لاستنكار التطاول على كل الأنبياء والرسل، لكى يعرف هؤلاء الموتورون حجم الضرر الذى يمكن أن يتعرضوا له ويصيبهم من خلال ذلك الاجتراء على الأديان وعلى الأنبياء والرسل، وإذا كانت الصهيونية العالمية قد استطاعت أن تجلب إلى ساحات القضاء كل من يتجرأ وينتقد إسرائيل أو اليهود من خلال قوتهم الاقتصادية والسياسية، فعلينا أن نعاملهم بمنطق القوة والضرر الذى يمكن أن يلحق بهم إذا لم يكفوا عن التطاول على أنبيائنا ومقدساتنا. ثالثاً: التجاهل وعدم تكرار نشر تلك التفاهات والصفاقات بأى من الوسائل، حتى لو كان من باب التحفيز أو الغضب أو الحماس، فقد سئل الشيخ الشعراوى (رحمه الله) عن رأيه فى كتاب أحد المستهزئين بالإسلام الذى كثر عنه الحديث فى التسعينات، فرد قائلاً: لم أقرأه ولن أقرأه، فقالوا: كيف وقد كثر الكلام عنه؟ فقرأ عليهم الشعراوى (رحمه الله) قول الله تعالى فى سورة النساء: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعاً} [النساء: 140]، فكفار قريش كانوا يقولون قصائد تذم الرسول (صلى الله عليه وسلم) والصحابة الكرام، ولم تصل لنا هذه القصائد لأن المسلمين لم يتناقلوها ولم يعيروها أى اهتمام فاندثرت، ولنعمل بوصية عمر (رضى الله عنه): أميتوا الباطل بالسكوت عنه، ولا تثرثروا فيه فينتبه الشامتون.