«العاشرة مساء» كان موعده الرسمى مع جمهوره، يرحب بهم بلغة عربية سليمة، وابتسامة هادئة تكسو ملامح وجهه المنحوت بمؤشرات الصرامة والقوة، وخصلات شعر بيضاء تُنبئ بقدر المعارك التى خاضها صاحبها، ليقدم لمتابعيه تحقيقات وانفرادات وأزمات سطَّرت تاريخاً طويلاً من الإنجاز المهنى، أصبح معه اسم «وائل الإبراشى» علامة مميزة فى مدرسة إعلامية متفردة، ومع مرور عام على الرحيل، يظل مقعد البطل خاوياً، وتظل الساحة الإعلامية تفتقد وجوده، رغم اتساعها وتنوعها. على مدار سنوات طويلة خاض «الإبراشى» معارك ضد الفساد والإرهاب، وعاش باحثاً عن الحقيقة دون مواربة أو تجميل، ليعرضها مهما كانت النتائج، دخل إلى «عش الدبابير» دون خوف، وطرح القضايا الساخنة والمثيرة للجدل على مائدته، ولم تنجح كل تلك الصعوبات مجتمعة فى هزيمته، لكن جسده لم يصمد أمام فيروس كورونا وتداعياته أكثر من 375 يوماً، فيروس مباغت باعد بينه وبين جمهوره، وحرم الملايين من عودته إلى الشاشة التى كانت هى الأمنية الأخيرة، التى لم يستطِع تحقيقها، ليكتب القدر كلمة النهاية لمسيرته عن عمر ناهز ال 58 عاماً. فى بلاط «صاحبة الجلالة»، بزغ نجمه الأول، وتحديداً فى شتاء 1992، بحوار مع الفريق سعد الدين الشاذلى قبل محاكمته بتهمة نشر أسرار عسكرية، على صفحات مجلة «روزاليوسف» ليعلن ميلاد صحفى دؤوب لم يعرف الخطوط الحمراء، وسيصبح بعد سنوات أستاذاً من أساتذة المهنة فى مصر والعالم العربى.. حوارات وانفرادات متتالية جعلت الكاتب الصحفى عادل حمودة يصفه ب«الموهوب فى الضربات الصحفية المميزة». من «روزاليوسف» إلى «صوت الأمة» ثم «الصباح» كان مُفجراً لقضايا عديدة وتحقيقات بارزة، إذ خاض «الإبراشى» غمارها فى عالم الصحافة، فكان «قناصاً» يجيد اختيار أفكاره ما بين قضية «لوسى أرتين» وغرق «العبَّارة السلام»، وسلسلة الهاربين فى لندن، وتحقيقات اللاجئين فى الجولان، وغيرها من القضايا التى فتحت عليه أبواب المعارك القضائية، التى خاضها هى الأخرى بشجاعة كبيرة. «الحقيقة» كانت بداية التعارف بين «الإبراشى» والجمهور، الذى طل عليهم للمرة الأولى فى 2010 على شاشة قناة «دريم»، وسرعان ما حقق البرنامج المثير للجدل نسب مشاهدات مرتفعة وأصبح على قائمة مشاهدات الجمهور على مدار عامين، وجعل صاحبه الأقدر على تقديم البرنامج الرئيسى على القناة «العاشرة مساء» خلفاً ل«منى الشاذلى»، إذ نجح «الإبراشى» فى خلق هوية خاصة به للبرنامج، وأصبح مرتبطاً به لسنوات طويلة من النجاح، حتى عام 2018 عندما غادر لتقديم برنامج «كل يوم» على قناة «ON»، ولكنه لم يستمر أكثر من عام، ليقدم بعد ذلك فى 2020 برنامج «التاسعة» على القناة الأولى المصرية، إلى أن أبعده الفيروس التاجى عن الشاشة لما يقرب من عام ونصف.