رحلة طويلة أمضاها حامد عمار الملقب ب«شيخ التربويين» وأنهاها الموت عن عمر يناهز ال 93 عاماً، لم يسع للدخول إلى دائرة الأضواء رغم إسهاماته فى مجالات التربية والتعليم. ولد عمار فى أقصى جنوب مصر بقرية فقيرة آنذاك تدعى «سلوا» فى محافظة أسوان عام 1921، وهى واحدة من القرى التى تعانى فقراً وإهمالاً شديدين. «الخبير التربوى الراحل» هو أول مصرى يحصّل درجة الدكتوراه فى اجتماعيات التربية من جامعة لندن عام 1952 حول موضوع «التنشئة الاجتماعية فى قرية مصرية»، مما أتاح له العمل كأستاذ لعلوم التربية بجامعة عين شمس. وقبل رحيله الاثنين الماضى كان «عمار» قد ترك رصيداً علمياً وإسهامات كانت سبباً فى تلقيبه ب«شيخ التربويين». أصدر «عمار» كتابه الأول «العمل الميدانى فى الريف» عام 1954 وأتبعه بعدة مؤلفات منها «فى اقتصاديات التعليم» و«أعاصير الشرق الأوسط وتداعياتها السياسية والتربوية» و«آفاق التربية العربية المعاصرة من رياض الأطفال إلى الجامعة» و«تعليم المستقبل من التسلط إلى التحرر» و«مواجهة العولمة فى التعليم والثقافة» و«التنمية البشرية فى الوطن العربى» الذى نال عنه جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمى فى عام 1994 وهو العام الذى فاز فيه أيضاً بجائزة الدولة التقديرية، إحدى أرفع الجوائز الرسمية فى مصر. عبّر شيخ التربويين عن رأيه حول إصلاح التعليم المصرى قائلاً إن التعليم «مسئولية الدولة فى المقام الأول ويجب أن يظل دائماً قطاعاً سيادياً». ونال «شيخ التربويين» جائزة النيل فى العلوم الاجتماعية عام 2008 وهى أهم جائزة رسمية فى مصر. وسجل «عمار» سيرته الذاتية فى كتابه «خطى اجتزناها.. بين الفقر والمصادفة إلى حرم الجامعة» وعبر عن حياته فيها بأنها «رحلة مذهلة.. من المجتمع الزراعى والاكتفاء بموارده الذاتية إنتاجاً واستهلاكاً إلى مرحلة آفاق مجتمع العولمة وعصر المعلوماتية». تناول الدكتور الراحل «عمار» قضية «مجانية التعليم» حيث اقترح التربوى الراحل أن يقتصر على مستحقى الدعم دون غيرهم، لافتاً إلى ضرورة تقديم ما يثبت أحقية الطلاب المتفوقين وغير المقتدرين مالياً للحصول على التعليم المجانى، وهو ما أورده فى أول رسالة جامعية له بعنوان: «مبحث عدم تكافؤ فرص التعليم فى مصر» فى جامعة لندن عام 1974. أسهم «شيخ التربويين» فى تطوير مجال التربية فى عدة دول عربية من خلال المشاركة فى تأسيس معهد الخدمة الاجتماعية بالأردن عام 1970، وإسهامه فى برامج مكتب صندوق الأممالمتحدة لرعاية الأطفال «اليونيسيف» الإقليمى فى أبوظبى، وتأسيس مركز التدريب على العمل الاجتماعى فى العاصمة العمانية مسقط. وأسهم التربوى الراحل أيضاً فى وضع وثيقة إنشاء الصندوق العربى للعمل الاجتماعى التابع لمجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب فى تونس 1982 وتأسيس المجلس القومى للطفولة والأمومة بمصر 1988 وقسم الدراسات التربوية فى معهد الدراسات والبحوث العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 2001.