لم يعلم الأب البسيط الذي عمل باليومية، أنه عندما فكر في أن يرحم ابنه من معاناة التهاب اللوزتين الذي يصيبه باستمرار، أنه سيقضي على حياته نهائيًا، فالمرض عادي وبسيط يعانيه أغلب أطفال مصر، فلم ينتظر الأب انتظار الدور بالمستشفيات الحكومية كما نصحه الكثيرون، ووفَّر من قوته وقوت أبنائه وتوجَّه إلى إحدى العيادات الخاصة بمدينة أبنوب التابعة لها قريته. الابن "الضحية" هو محمود إبراهيم (13 عامًا)، وله ثلاثة أشقاء؛ هم "أحمد" الأخ الأكبر وهو معاق ذهنيًا، و"زياد" و"محمد"، وجميعهم يضمهم منزل ريفي بسيط بقرية أبوشيل التابعة لمركز أبنوب في أسيوط، فوالده عامل في أحد مقاهي القرية، وكان محمود يتمنى أن يحيا طفولته ولكن الإهمال الطبي الذي نعيشه في بلادنا مصر عز عليه أن يمنحه ذلك. يقول إبراهيم كامل مرسي، والد "محمود": "تحمَّلت من أجل أبنائي الكثير وكنت من أجلهم أعمل الليل قبل النهار من أجل توفير حياة هنيئة لهم"، وأضاف الأب والحزن يملأ عينيه، أنه ذهب إلى عيادة أحد الأطباء، للكشف على ابنه فأخبره بأن نجله في حاجة إلى عملية استئصال اللوزتين، وتم الاتفاق على 550 جنيهًا قيمة إجراء العملية. توجَّه إبراهيم ونجله محمود في اليوم المحدد لهما، وفي أثناء القيام بالتخدير شاهد إبراهيم حركة غير عادية في العيادة وجاء إلى الطبيب وطلب منه بسرعة الاتصال بالإسعاف لنقل نجله إلى مستشفى أسيوط الجامعي، وأثناء نقله للمستشفى ذهب الطبيبان معهما وبعد دخوله مستشفى الأطفال تم نقله إلى العناية المركزة، وبعدها غادر الطبيبان، ثم تم إبلاغه بوفاة ابنه. وتابع والد الضحية: "بسؤالي في نفس اليوم لم أتهم أي شخص في محضر الشرطة، وذلك لأنني كنت أرغب في دفنه فقط حتى لا يتعرَّض للتشريح ولكن بعد انتهاء الدفن والعزاء ذهبت إلى المستشفى وطالعت التقرير النهائي الذي أفاد مضمونه (اضطراب في الوعي وفشل في التنفس أثناء إجراء العملية)، وبسؤالي الأطباء رجَّحوا بأن يكون سبب الوفاة إعطاء مواد ضارة من دكتور التخدير دون البحث عن إمكانية تقبله لها من عدمه وعدم التأكد من صلاحية إجراء العملية والتحاليل اللازمة الممهدة". وطالب أحمد حسين عبدالحافظ، محامي المجني عليه، بإعادة إجراءات المحضر 2886 لسنة 2014 من الحفظ، وإجراء التحريات اللازمة عنه، وتشريح الجثة لبيان سبب الوفاة ومعرفة الجاني والعقار المستخدم. أما الأم فمنذ الوفاة وهي ملازمة الفراش في حالة ذهول، وتتهم الجميع بأنهم كاذبون فابنها لم يمت، واتهم والد الطفل محمود إبراهيم طبيب التخدير والطبيب الذي أجرى الجراحة بالتسبب في وفاة ابنه نتيجة خطأ طبي أظهره تقرير مستشفى الأطفال الجامعي، وتقدم بذلك في مذكرة إلى المستشار المحامي العام الأول لنيابات شمال أسيوط.