«شباب النواب»: تحرير سيناء يعكس عظمة الجيش.. واهتمام السيسي بها غير مسبوق    «برلمانية الوفد بالشيوخ» مهنئة السيسي بتحرير سيناء: مسيرة طويلة من التضحيات    مدبولي: دعم الصناعة أصبح يؤتي ثماره في العديد من القطاعات الإنتاجية    نقيب الأطباء: تنفيذ العقوبات الصادرة بقضية الاعتداء على طبيبة دمياط    برلماني يطالب الحكومة بزيادة مخصصات «الأبنية التعليمية» في الموازنة الجديدة    نائب رئيس جامعة عين شمس يترأس الاجتماع الدورى لمجلس شئون الدراسات العليا والبحوث    7 أيام إجازة.. اعرف موعد شم النسيم وعيد العمال رسميًا بعد التعديل    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 24-4-2024 في قنا    بعد نجاح تجربة البن.. برلماني يطالب بالتوسع في زراعة المحاصيل المستوردة    القضاء على الروتين    رئيس وحدة المكافحة بالعدل: مصر تحرص على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب    سداد 8.16 مليار دولار فوائد وأقساط ديون خارجية بنهاية الربع الأول من 2024    «خطة النواب» تعقد 4 اجتماعات اليوم لمناقشة الموازنة العامة للدولة (تفاصيل)    الجيش الإسرائيلي يطلق النار على فتاة فلسطينية بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن    الديوان الملكي الأردني: الملك عبد الله الثاني يأمر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب    الأمم المتحدة تدعو لإجراء تحقيق بشأن مقابر جماعية في محيط مستشفيين بغزة داهمهما الاحتلال    انتفاضة في الجامعات الأمريكية ضد حرب غزة.. والخيام تملأ الساحات    أ ف ب: إيران تقلّص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة    الصحف الأوروبية| لو باريزيان: باريس يسعى لضم لامين يامال.. تليجراف: أرسنال ومانشستر سيتي يتنافسان لضم نجم نيوكاسل    موعد مباراة ليفربول وإيفرتون اليوم في الدوري الإنجليز والقناة الناقلة.. والمعلق    لتأكيد الصدارة.. بيراميدز يواجه البنك الأهلي اليوم في الدوري المصري    مفاجأة.. يوسف أوباما يقترب من نادي بيراميدز    الداخلية تواصل جهود مكافحة جرائم الاتجار في المواد المخدرة    كشف ملابسات واقعة مقتل عامل بالمنوفية.. وضبط مرتكب الواقعة    بعد 12 واقعة.. التحقيق مع تشكيل عصابي لسرقة السيارات في العجوزة    المشدد 10 سنوات والسجن 15 سنة لأم ونجلها بتهمة قتل ابنتها في الشرقية    الزفاف يتحول إلى جنازة.. اللحظات الأخيرة في حياة صديقة عروس كفر الشيخ    بدء اليوم الثاني من مؤتمر وزارة العدل عن الذكاء الاصطناعى    اليوم.. رامي جمال يطرح ألبومه الجديد "خليني أشوفك"    نصيحة مهمة لتخطي الأزمات المالية.. توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الأخير من أبريل    فيلم شقو يحقق 52 مليون جنيه في أسبوعه الثاني بالسينمات    بالسعودية.. هشام ماجد يتفوق على علي ربيع في الموسم السينمائي    الكشف على 1335 مرضى فى قافلة علاجية في قرية أبو نور الدين مركز جمصة    طريقة عمل عصير الليمون بالنعناع والقرفة.. مشروب لعلاج الأمراض    6 تعليمات من «التعليم» بشأن امتحانات «الترم الثاني».. منها وضوح الأسئلة    «الشيوخ الأمريكي» يوافق على مشروع قانون لفرض قيود على «تيك توك»    DMC تعرض تقريرا عن الفنان الراحل محمود مرسي في ذكرى رحيله    النقل: تقدم العمل بالمحطة متعددة الأغراض بميناء سفاجا    حظر سفر وعقوبات.. كيف تعاملت دول العالم مع إرهاب المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية؟    مصر تفوز بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    دعاء الحر الشديد.. 5 كلمات تعتقك من نار جهنم وتدخلك الجنة    "لا يرتقي للحدث".. أحمد حسام ميدو ينتقد حكام نهائي دوري أبطال آسيا    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    رئيس البنك الأهلي يكشف كواليس ضم أسامة فيصل.. ومفاوضات الأهلي مع أبو جبل    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    الذكرى ال117 لتأسيس النادي الأهلي.. يا نسر عالي في الملاعب    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    بالتزامن مع حملة المقاطعة «خليه يعفن».. تعرف على أسعار السمك في الأسواق 24 أبريل 2024    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    بايدن يعتزم إرسال أسلحة جديدة لأوكرانيا اعتبارا من "هذا الأسبوع"    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب على غزة.. وحصاد «العار» فى إسرائيل
«ليمور»: رئيس الأركان عظّم الإنجازات وضخّم المخاطر ليضمن العودة إلى بيته بسلام.. و «ماركوس»: نحتاج لزعيم بقامة «بن جوريون» و«بيجن» و«رابين»
نشر في الوطن يوم 03 - 09 - 2014

«لو كنت مسئولاً فى إسرائيل لشددت شعر رأسى وانفجرت فى بكاء مرير، كنت سأقرأ الصحف وأستمع إلى وسائل الإعلام لأتبين أنى ظل شاحب، مخلوق هزيل ومتردد يجر شعب إسرائيل نحو شفا الهاوية»، هكذا كتب «جدعون رايخر» فى جريدة معاريف، وهو يتحدث عن سلسلة القرارات الخاطئة التى وصلت بإسرائيل إلى الهاوية فى حرب غزة، ورصد رايخر، مع كُتاب وساسة إسرائيل، المخطئين والمذنبين والمتهمين فى حرب غزة، وكتبوا كشف حسابهم، وتلوها على الجمهور كى يحاسبهم بعدما تبين أن المذنبين هم أعلى قادة فى إسرائيل، وأنه ليس هناك من يحاسبهم سوى الشعب نفسه.
أول المذنبين فى حرب غزة ومن يتحمل نصيب الأسد من الأخطاء هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وخطأه الأكبر أنه تم جره لسيناريو أملته عليه حماس، وتم جره للحرب دون مقاومة منه، فكتب المحلل السياسى «يوئيل ماركوس» فى جريدة هآرتس منتقداً نتنياهو قائلاً: «هذا الزمن يحتاج لزعيم بقامة بن جوريون، بيجن، ورابين، زعيم يعرف كيف يجعل من قوتنا العسكرية رافعة لتسوية سلمية، «بيبى» ليس مجبولاً من هذه المواد، من الأفضل أن يركز على شراء الأثاث لبيته المعتنى به فى «قيساريا» تمهيداً لنهاية حياته السياسية».
وأضاف «يوئيل»: «لقد عشق «بيبى» الوقفة التشرشلية كقائد للحرب، وعلى يمينه رئيس الأركان وعلى يساره وزير الدفاع، 64 من جنودنا قتلوا فى المعركة، فى حملة كلفتها نحو 10 مليارات شيكل ولم يدر الثلاثة ما هم فاعلون بنا»، وفى السياق نفسه دعت رئيسة حزب ميرتس «زهافا غالئون» نتنياهو وحكومته إلى الاستقالة، وقالت: «لقد فشل نتنياهو فى ضمان الأمن وصنع السلام على حد سواء، يجب أن يذهب، فهو من جر إسرائيل إلى حرب كان بالإمكان تجنبها».
أما الخطأ الثانى لنتنياهو على حد تعبير اليمينيين المتطرفين هو الدخول مع حماس الإرهابية فى مفاوضات وإيقاف العملية البرية، التى كانت ستدمر حماس وتنهى أسطورتهم إلى الأبد -على حد قولهم- فكتب المحلل العسكرى «بن كيسبت» مقالاً يدين فيه نتنياهو ويصفه بالانفصام قائلاً: «وبعد أن كنت أول من أقنع العالم بعدم الحديث مع الإرهاب (حررت أكثر من ألف قاتل مقابل جلعاد شاليط)، وبعد أن كنت أول من أعلن أنه سيسقط حكم حماس (تدير معها مفاوضات الآن وتخاف الصدام بها)».
أما الخطأ الثالث لنتنياهو الذى اجتمع عليه اليمينيون واليساريون فى إسرائيل هو توتر العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية، واتهم الطرفان نتنياهو بأنه المذنب الوحيد فى هذه الأزمة، وأن لولاه لما وصلت إسرائيل وأمريكا إلى هذا النفق المظلم، ففى جريدة هآرتس كتبت أسرة التحرير مقالاً ورد فيه: «رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ملزم بأن يصحو، فالضرر الذى أوقعه فى العلاقات مع الأمريكيين من شأنه أن يدهور إسرائيل نحو عزلة سياسية ذات آثار شديدة، وعن نفس الخطأ تحدث المحلل السياسى «باراك أبيد» فى جريدة هآرتس قائلاً: «كان اختيار نتنياهو سبيل التسوية مع حماس التى فشلت مرات كثيرة جداً فى الماضى، كان خطأ ذريعاً سبب ضرراً سياسياً كبيراً، وبدل انتهاز الفرصة لتجنيد المجتمع الدولى إلى جانب إسرائيل زاد الخلاف مع الولايات المتحدة، وبدل عزل حماس منح التفاوض المنظمة الإرهابية شرعية أخرى».
ليس هذا فقط، بل شملت قائمة اتهامات نتنياهو، وكشف حسابه، اتهامات جديدة بأنه يقول ما لا يجرؤ على تنفيذه، حسب جريدة يديعوت أحرونوت، فى مقال للكاتب ناحوم برنياع، يشرح فيه الأمر ويقول: «ففى كتاب صادر عن يديعوت أحرونوت عام 2001 بعنوان «محاربة الإرهاب» وعنوانه الثانوى هو «كيف تهزم نظم الحكم الديمقراطية الإرهاب؟» يريد مؤلف الكتاب أن يعلم العالم وحكومة إسرائيل قبل الجميع كيف تعمل المنظمات الإرهابية ويتحدث عن أخطاء سقطت فيها الحكومات الأخرى فى علاجها للإرهاب، مثل أن الحكومات تسلم محاربة «الإرهاب» إلى جهة أخرى وهم غالباً وكلاء «الإرهابيين» أنفسهم، وأن تقيد الحكومة أيدى قوات أمنها لأنها سلبتها إمكانية أن تدخل المدن التى يأوى إليها «الإرهابيون»، وأن تفرج الحكومة عن آلاف «الإرهابيين» السجناء وتجيز لهم أن يدخلوا الأراضى فعاد كثير منهم إلى عملهم القديم، هذه النصائح ليست جديدة أو غريبة فى مجملها، لكن الأغرب هو أن بنيامين نتنياهو هو من ألف هذا الكتاب وهو من نصح بهذه النصائح، وبعد سنوات قام هو بعكس ما نصح به، فقد أفرج عن أكثر من ألف «إرهابى» سجين بصفقة شاليط، وترك المنظمات «الإرهابية» فى غزة تتسلح وتحفر أنفاقاً وحارب الجيش الإسرائيلى فى غزة مرتين فى مدة ولايته: فى عمود السحاب والجرف الصامد، وقد منع فى المرتين دخول الجيش الإسرائيلى إلى مراكز «الإرهاب»، وبدأ فى النهاية تفاوضاً مع حماس وأراد أن يسلم محاربة «الإرهاب» إلى آخرين».
ثانى المذنبين فى حرب غزة هو رئيس الأركان «بينى غانتس» وأهم قراراته الخاطئة، التى دفع ثمنها غالياً وينتظره تحقيق بشأنها هو قراره بخروج القوات البرية، وتصريحه بأن سكان المدن حول قطاع غزة يستطيعون العودة إلى منازلهم لممارسة حياتهم الطبيعية، وكان وقتها قراراً بالغ الخطورة وبالغ الغرابة فى الوقت نفسه، ونال بسببه هجوماً عنيفاً، فهاجمه عضو الكنيست عن حزب العمل «نحمان يشاى» فى جريدة معاريف قائلاً: «إن سكان محيط قطاع غزة فى ضائقة كبيرة والحكومة الإسرائيلية تتخبط فى كيفية التعامل مع معضلتهم». ترك السكان لمصيرهم هو القصور الأكبر لإسرائيل.
وفى نفس السياق كتب المحلل السياسى يوئيل ماركوس فى جريدة هاآرتس مقالاً شديد اللهجة قال فيه: «كيف يقوم رئيس الأركان بدعوة سكان محيط غزة بالعودة إلى منازلهم، وعندما هزل مخزون صواريخ حماس أطلقوا قذائف قصيرة المدى أصابت بشدة بلدات محيط غزة؟ ثم طرح فكرة إخلاء قطاع بعرض 3 كيلو مترات كى لا تكون البلدات فى مدى الإصابة، ولكن تبين عندها أن الجنود فى المنطقة هم الذين سيصبحون هدفاً سهلاً ومريحاً لمثل هذا السلاح المتخلف، يا لها من حكمة!!».
كما كتب المحلل السياسى «يوأف ليمور» مقالاً بجريدة «إسرائيل اليوم» هاجم فيه رئيس الأركان، حيث أكد أنه الضحية الدورية للحرب، وهو المتهم من «أعضاء المجلس الوزارى» بالنتائج الهزيلة للمعركة، فالاقتراحات التى اقترحها كما زعم، كانت «نحيفة» عن قصد: فقد عظّم الإنجازات وضخّم المخاطر، وكل شىء كى يضمن أن يعود إلى بيته بسلام، غانتس يفهم هذا، ولهذا فإنه يبتلع ريقه ويسكت، حتى بثمن إهانته وكرامته، معقول أنه فى التحقيقات الداخلية سيتحدث بجرأة عن إخفاقاته؟»
أما «يوسى يهوشع» فكتب أخطاء أخرى لرئيس الأركان فى مقاله بجريدة «يديعوت أحرونوت» قائلاً: «إنه لو وجد رئيس أركان آخر لقلب الطاولة، الجيش البرى تعفن، وانخفض عدد تدريبات الألوية التى كانت تقف فى المعدل على 20 تدريباً فى السنة إلى 5 فقط، ولم تتدرب الكتائب الاحتياطية، وجففت ألوية المشاة فى أعمال عملياتية مدة عشرة أشهر، صحيح أنه ليس كل شىء ضمن مسئولية رئيس الأركان، لكن يجوز التقليص من نفقة الجيش البرى على ألا يكون من سلاح الجو أو الاستخبارات فى الأساس. ولم ينجح الاثنان فى أن يعطيا لرئيس الوزراء وللوزراء خريطة التهديدات الحقيقية فى الأشهر التى سبقت الجرف الصامد».
المذنب الثالث هو وزير الدفاع «موشيه يعلون» وهو من وضع خطة التدرج فى القوة فى مواجهة حماس وهى الخطة التى وصفها المحللون بأنها السبب الأول فى الهزيمة أو فى عدم تحقيق النجاح المطلوب فى الحرب، فكتب المحلل العسكرى «إليكس فيشمان» فى جريدة يديعوت أحرونوت ينتقد خطة موشيه وقال: «انتظرت يعالون مفاجأة غير صغيرة، فلم يكن وزير الدفاع يعلم عدم استعداد الجيش لعملية كهذه، لا من جهة التخطيط ولا من الجهة اللوجستية، وقبل بدء العملية البرية بأيام معدودة كان عند قادة الألوية الميدانية أوامر عملية مختلفة مع أهداف مختلفة، وحينها بدلت قيادة الجنوب الخطة البرية من الهجوم إلى الدفاع، بحيث وجب تغيير التصور العام فى الأذهان، تكون فى معركة الهجوم فى حركة وتكون أنت المبادر، وقد كانت الخطة الأصلية فى الحقيقة الوصول إلى نقاط سيطرة وضرب العدو فى نقاط تؤلمه، لكن المعركة الدفاعية أكثر تعقيداً لأنك أنت الذى تصدر مبادرة العدو وتكون هدفاً ساكناً له، وكانت طرق تدمير الأنفاق أيضاً غير منظمة واشتملت على استعمال 5 أطنان من المتفجرات لكل كيلومتر، وإحداث آبار على المسار يوضع فى داخلها أطنان من الألغام والمواد المتفجرة الأخرى وهى طريقة تحتاج لوقت ومجهود كبير من الصعب تنفيذها فى وقت قتال.
وكتب «يوسى يهوشع» فى جريدة يديعوت أحرونوت ينتقد بشدة «يعلون» قائلاً: «المشاعر فى الجيش عن وزير الدفاع الذى يقود أول حرب مهمة قاسية، وقد بدأ ذلك بالخطبة التى أعلن فيها أن علاج الأنفاق سيستمر يومين أو ثلاثة، وكان ذلك مساراً طال آخر الأمر من أسبوعين إلى ثلاثة، وأشد من ذلك أن يعالون مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو الذى وافق على الهدنة الأولى التى اتخذت حتى قبل أن يعالج الجيش الإسرائيلى الأنفاق كما أن يعلون هو من عارض العملية البرية فى بداية المعركة وحينما انطلقت آخر الأمر فى طريقها كانت محدودة نسبياً وغير كافية وذلك بسببه هو».
أما المذنب الرابع فى الحرب فهو ليس مذنباً واحداً بل إنه عدد من المذنبين مجتمعين فى المجلس الوزارى المصغر «الكابنيت» وهم من تسربت من بين أيديهم أنباء عن خطط إسرائيل فى الحرب للصحافة ومنها إلى العالم، وحتى الآن التحقيق قائم فى الأمر ويتولى التحقيق المستشار القانونى للحكومة ولكن بشكل سرى والسبب «كرامة الكابنيت» -وبكلمات أقل مجاملة- الخوف من الفضح على الملأ وجه من الذين سربوا فى زمن الحرب معلومات خطيرة، وفى هذا السياق انتقد وزير الأمن ورئيس أركان الجيش الإسرائيلى الأسبق، عضو الكنيست شاؤل موفاز أداء الكابنيت قائلاً «إنى لا أذكر فترة هاجم فيها وزراء الكابنيت قراراتهم وتحدثوا حول ما ينبغى فعله أو عدم فعله، وأعتقد أن هذا يحدث عندما يكون هناك أعضاء كابنيت غير مجربين ويعبرون عن موقف يبدو أمنياً فى مواضيع حزبية، وهذا أمر يحظر حدوثه»، وقال موفاز «أدعو رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) إلى تنظيم الوضع لأننى لا أذكر مثل هذه التسريبات من غرفة الكابنيت. وحماس تستمع إلى تقديرات الجيش وبدورها تقيم الوضع على ضوء هذه المعطيات».
المذنب الخامس يتمثل فى هيئة القيادة العامة لأنها، بحسب المحلل السياسى إليكس فيشمان، الجهة الوحيدة مع رئيس الأركان المهيمنة بتأثيرها فى الحكومة وهى التى تقرر الخروج للحرب وإنهاءها، ورغم أن الحكومة أنشأت لنفسها مجلس الأمن القومى، باعتبار ذلك جزءاً من دروس حرب يوم الغفران، لكن لا يستطيع أى مجلس أن يعادل فى وزنه هيئة القيادة العامة، ولا يوجد رئيس حكومة يحتار بين توصيات الجيش وتوصيات مجلس الأمن القومى، فلا بد أن يختار لابسى البزات العسكرية فى آخر الأمر، ولهذا لا يستطيع الجيش أن يزعم أن المستوى السياسى هو الذى أملى عليه الخطة البرية لتدمير الأنفاق، فهو الذى جاء الحكومة بهذه الخطة ووجه إليها دون أن يكون مستعداً لها كما ينبغى، كان يمكن أن نتوقع من الجيش الإسرائيلى أن تكون عنده معدات ملائمة وأن تكون القوات مدربة على المهمة وأن تكون هناك معلومات استخبارية وتقنيات قتالية، لكنه لم يوجد من كل ذلك سوى لمسات وتناولات ضئيلة».
المذنب السادس فى الحرب جهاز الاستخبارات العسكرية «الشاباك» ورئيسه يورام كوهين، كما كتب «أمير أورن» فى جريدة «هآرتس» حيث أكد فى انتقاده اللاذع للجهاز أنه قوى جداً نحو الداخل فى الصراعات على السيطرة والصلاحيات وحدود السيطرة، وضعيف جداً نحو الخارج فى مواجهة أهدافه، وليس الشاباك وحده مسئولا فهناك أيضاً «أمان» وقيادة منطقة الوسط، ومنسق العمليات فى المناطق، وقيادة المنطقة الجنوبية، والموساد والشرطة. لكن الشاباك له أسبقية ويقع عليه جزء كبير من المسئولية، ورغم أن نجاح «الشاباك» كان معقولاً وإن يكن بعيداً عن الكمال فى العقدين السابقين لكن ليس لل«شاباك» أى ميزة نسبية فى إنتاج المعلومات الاستخبارية الحربية وقت القتال الذى يحتاج إلى مهارات واتصال مختلفين. وإن رئيس «الشاباك» يورام كوهين يخضع مباشرة لنتنياهو بخلاف الحال فى جهاز «أمان»، حيث يخضع رئيسها لرئيس هيئة الأركان ووزير الدفاع، فكلاهما، أى كوهين ونتنياهو، مسئول عن فشل «الشاباك» فى غزة وفشله فى جمع معلومات دقيقة عن التسليح الذى وصلت له حماس وعن عدد الأنفاق وأماكنها، وما يزيد من ذنوب الشاباك هو ما كتبه المحلل الإسرائيلى عاموس هرئيل، فى جريدة «هاآرتس» حيث انتقد الجيش الإسرائيلى وعلى رأسه شعبة الاستخبارات العسكرية ووصفهم بالسلبية وعدم اليقظة، مشيراً إلى أنه قبل عام قدم أحد الضباط بحثاً تفصيلياً عن الأنفاق فى غزة، واشتمل البحث على معلومات مفصلة عن أكثر من 30 نفقاً هجومياً، ولكن قيادات الجيش تجاهلت البحث والضابط ولم تلتفت له، وأكد هرئيل بناء على تلك المعلومات التى توافرت له أن هذا الأمر ينم عن شيئين خطيرين للغاية، أولهما عدم يقظة جيش الدفاع، الذى يطرح نفسه كأقوى الجيوش فى المنطقة، كما أن قياداته كانت على علم بموضوع الأنفاق وتجاهلوها، والشىء الثانى فوفقاً لما يزعم الكابنيت وهو المجلس الوزارى الأمنى المصغر أنه لم يكن يعلم عن تلك الأنفاق شيئاً فهو إما يكذبون ليهربوا من المسئولية أو أن هناك خطأ فى التواصل بين الكابنيت وقيادات الجيش، وهو خطأ أمنى كبير تدفع إسرائيل ثمنه حالياً».
المذنب السابع فى الحرب هو قائد المنطقة الجنوبية الميجور «سامى تورجمان» بحسب المحلل السياسى «إليكس فيشمان»، هو مذنب رئيسى فى الحرب حيث تبين من التحقيقات أن قيادة المنطقة الجنوبية اختارت القيام بالمعركة الدفاعية فى ثلاث قيادات للفرق النظامية، اختصت واحدة منها فقط بمنطقة قطاع غزة أما الأخريان فجاءتا من قيادة المركز ومن قيادة الشمال، ربما كان يوجد منطق عملياتى فى كثرة القيادات على منطقة مكتظة غير كبيرة كتلك لكنه حدث هنا خلل تنظيمى، لأنه لم يوجد مستوى أوسط يرتب الأمور بين فرق المناطق الثلاث، ووجد رجال قيادة الجنوب أنفسهم يصرفون جل انتباههم إلى إدارة تكتيكية للمعركة البرية بدل الاشتغال بالرؤية الواسعة لإدارة المعركة كلها، لكن لا تستطيع أى مشكلة تنظيمية أن تفسر ما حدث فى مناطق الاحتشاد خارج القطاع، إذ أصيب حوالى ربع القتلى بقذائف هاون فى داخل إسرائيل، ومنذ اللحظة التى بدأت فيها العملية البرية وبدأت فيها القوات تدخل وتخرج، انتقلت القيادات الأمامية إلى مناطق الاحتشاد قرب الحدود فى مدى قذائف الهاون فأصابتها النيران.ورغم أنه توجد فى الحقيقة أوامر عسكرية واضحة بهذا الشأن لكن لم يجهد أحد نفسه بتطبيقها وهذه مشكلة انضباط فى سلسلة القيادة عرضت بسببها حياة الناس للخطر دون حاجة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.