سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكبر أخطاء الثوار أنهم وثقوا فى «العسكر».. والإخوان سيندمون على التورط فى «الرئاسة» ناثان براون أستاذ العلوم السياسية فى جامعة جورج واشنطن فى حوار مع «الوطن»
أكبر أخطاء ثوار مصر أنهم وثقوا أكثر من اللازم فى المجلس العسكرى، الذى كان وما زال يرغب فى الاحتفاظ بامتيازاته، ووضع خطة انتقالية «سيئة جدا»، هكذا يرى ناثان براون أستاذ العلوم السياسية فى جامعة جورج واشنطن، كما يرى أيضا الباحث المرموق فى السياسات العربية والحركات الإسلامية أن مشكلة «الإخوان» أنهم لم يحسموا خياراتهم بعد الثورة. ويعتقد براون أن الولاياتالمتحدة، التى اعتادت على حل مشكلاتها مع مصر بالهاتف فى ظل حكم حسنى مبارك الرئيس السابق، فقدت كثيرا من نفوذها فى مصر، وأن العلاقات بين البلدين، فى ظل رئيس إخوانى، ستكون برجماتية، لكنها ستشهد توترا من آن لآخر، وأن موسى، المكروه إسرائيليا، سيكون الأكثر التزاما باتفاقية السلام. «الوطن» حاورت براون بوصفه خبيرا فى الشئون الشرق أوسطية لمعرفة رؤيته لمجريات الأحداث السياسة خلال الفترة الحرجة التى تمر بها مصر الآن، فإلى نص الحوار: * باعتبارك محللا محايدا، ما أكثر ما يثير دهشتك فى الموقف المصرى الملتبس الآن؟ - لست مندهشا مما يجرى، لأننى أتفهم أسباب الأزمة القائمة فى مصر الآن. مصر اعتادت، دائما، نظام حكم شديد المركزية، فمؤسسة واحدة، وهى الرئاسة، كانت تحكم كل مؤسسات البلد، وشخص واحد، وهو الرئيس، يدير مؤسسة الرئاسة. هذا النظام مات منذ عام، لكن موتاً جزئياً، فكثير من هياكل النظام القديم ما زالت حية، لكنها لا تعمل ولا توجه بشكل مركزى كما اعتادت، مما سمح للاعبين جدد من خارج النظام (مثل شباب الثورة والإخوان والسلفيين) أن يصبحوا أكثر جرأة فى ممارسة أدوار مختلفة على الساحة. على المدى البعيد قد يمهد هذا التغير الطريق لنظام سياسى صحى، لو أن القوى الاجتماعية والمؤسسات السياسية المختلفة توصلت لآليات جيدة لاتخاذ القرارات بشكل ديمقراطى. طبعا هذا لا يمنع أن الفترة الانتقالية ستظل صعبة على الجميع، لكنى متفائل لأن الهوية المصرية قوية جدا ويصعب العبث بها، ومؤسسات الدولة ما زالت قوية، والعنف الذى ظهر أقل بكثير من العنف الذى نجم عن ثورات أخرى. * وما أكثر ما يقلقك فيما يجرى؟ - خطط المرحلة الانتقالية التى وُضعت منذ عام لا تنفّذ بشكل جيد، ولا يوجد اتفاق بين القوى المختلفة على المبادئ والقواعد الأساسية سياسيا، فمثلاً لم يكن هناك اتفاق على معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، فالإعلان الدستورى الصادر فى 11 مارس لم يحدد معاييرها، والقوى السياسية منقسمة بشدة حول هذه المعايير، وحدث نفس الشىء فيما يتعلق بالمبادئ فوق الدستورية. * إلى أى حد يتحمل الإخوان والمجلس العسكرى وشباب الثورة مسئولية الارتباك السياسى الحالى؟ - الجميع أخطأ ويتقاسم المسئولية فيما آلت إليه الثورة. فالثوار أخطأوا لأنهم وثقوا بالمجلس العسكرى أكثر مما ينبغى فى البداية. والغريب أن المجلس العسكرى أحكم سيطرته منفردا على السلطة بداية من 11 فبراير ولم يستجب لمطالب البعض بتأسيس «مجلس رئاسى»، ومع ذلك معظم القوى كانت راضية وسعيدة بانفراد الجيش بالسلطة. والعسكريون أخطأوا لأنهم وضعوا خطة انتقالية سيئة جدا. والإخوان لديهم مشكلة فى تقدير واستخدام قوتهم الفعلية، كفصيل قوى فهم يلقون بكل ثقلهم بشكل مخيف وليس أوضح علي ذلك من مواقفهم المتباينة من سباق الانتخابات الرئاسية. * وما هى القرارات التى تعتقد أن الإخوان اتخذوها وقد يندمون عليها؟ - قرار الجماعة بخوض الانتخابات الرئاسية، وإصرارها على فرض وصاية مكتب الإرشاد على حزب الحرية والعدالة، وتوجُّه الجماعة للانغماس فى السياسة، كل هذه القرارات ستكون لها آثار كبيرة على مستقبل الجماعة، ومن الواضح أنها قد اتُّخذت على عجل. * وصفتَ إدارة العسكريين للفترة الانتقالية بأنها «سيئة جدا»، فهل تعتقد أن هذا ناتج عن قلة كفاءة أم سوء نية؟ أى أنهم وضعوا خططا تخدم مصالحهم وتحفظ امتيازاتهم ولا تخدم بالضرورة مصالح البلد؟ - العسكريون أعطوا إشارات قوية لرغبتهم فى الاحتفاظ بوضع مميز سياسيا ودستوريا، لكن إدارتهم للفترة الانتقالية لم تساعدهم فى تحقيق هذا الغرض، وهم الآن مضطرون لترك السلطة بمجرد انتخاب رئيس مدنى سواء كُتب الدستور أم لا. وأعتقد أن المجلس العسكرى كان يتخذ قراراته بالقطعة أى حسب الموقف بدون خطط محددة ورؤية واضحة. * هل تعتقد أن الولاياتالمتحدة تحاول التدخل فيما يجرى الآن فى مصر وتحاول توجيه الأحداث فى اتجاه معين؟ - الولاياتالمتحدة ليست فى وضع يؤهلها لتوجيه الأحداث. والأمريكان بصفة عامة يعنيهم ثلاثة أمور فى مصر، أولها استمرار اتفاقية السلام مع إسرائيل، وثانيها الالتزام بحقوق الإنسان، وثالثها اتباع نظام اقتصادى ليبرالى. لكن نفوذ أمريكا -التى فقدت كثيرا من وسائل قوتها بعد الثورة- محدود. الأمور فى عهدى السادات ومبارك كانت تحل عادة بمكالمة تليفونية بين رئيس الولاياتالمتحدة والرئيس المصرى. هذا لم يعد ممكنا الآن بعد ثورة 25 يناير. * أى من المرشحين الحاليين للرئاسة ستشعر الولاياتالمتحدة وإسرائيل بارتياح إذا فاز فى الانتخابات؟ - أعتقد أن الولاياتالمتحدة تستطيع التعامل مع المتنافسين الأربعة الأساسيين, محمد مرسى وعبد المنعم أبو الفتوح و عمرو موسي وأحمد شفيق. لكن قد يكون التفاهم أصعب قليلاً مع أبو الفتوح ومرسي, وإن كنا غير واثقين مما قد يفعلانه في السياسة الخارجية المصرية. وما ينطبق علي الولاياتالمتحدة ينطبق علي إسرائيل. ورغم أن عمرو موسي ليس محبوباً في إسرائيل إلا إنه قد يكون المرشح الاكثر التزاماً بمعاهدة السلام.