«الوطنية للانتخابات»: نؤكد حيادنا والتزامنا بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة تعبر عن إرادة الناخبين    رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات: 424 مرشحًا فرديًا و200 بنظام القوائم ل انتخابات مجلس الشيوخ    محافظ الدقهلية يتواصل هاتفيا مع عدد من المواطنين للتأكد من حل شكاوى انقطاع المياه    شركة طاقة للمياه توسّع نشاطها بالمناطق الساحلية في مصر بعد وصولها لأكثر من 170 ألف عميل    محافظ الشرقية يوجه بالاستعداد لانتخابات مجلس الشيوخ ويشدد على إنهاء مشروعات الخطة الاستثمارية    مصدر إسرائيلي يزعم: لم يتبق لدى حماس أكثر من 20 رهينة على قيد الحياة    وزير الخارجية يلتقي سكرتير الأمم المتحدة علي هامش المؤتمر الدولي للتسوية السلمية لقضية فلسطين    ترامب يمهل بوتين 12 يوما لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا    المغربي معالي ينتظم في تدريبات الزمالك    تموين البحيرة: ضبط وقود مدعّم داخل مصنع حلويات.. ومخالفات أعلاف في إيتاي البارود    عمره 11 سنة.. مصرع تلميذ بطلق ناري في ظروف غامضة بقنا    حارس فيروز منعها.. تصرف مفاجئ من فتاة خلال عزاء زياد الرحباني يثير الجدل (فيديو)    بسمة بوسيل: أغنية «خطفوني» ل عمرو دياب عجبتني أوي.. وجنا موهوبة جدًا (فيديو)    تحت شعار: «صحة كبد.. لمستقبل أكثر إشراقًا».. مصر تحتفل باليوم العالمي لالتهاب الكبد    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    رفقة العراق والبحرين .. منتخب مصر في المجموعة الثانية بكأس الخليج للشباب    رئيس الوزراء يستعرض خطوات إنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    أزهري: الابتلاء أول علامات محبة الله لعبده    أمينة الفتوى: ملامسة العورة عند التعامل مع الأطفال أو أثناء غسل الميت تنقض الوضوء (فيديو)    توقعات: دوري ملتهب وحار جدًا!    وزارة الصحة: حصول مصر على التصنيف الذهبي للقضاء على فيروس سي نجاح ل100 مليون صحة    ديفيز: سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    هيئة فلسطينية: كلمة الرئيس السيسي واضحة ومصر دورها محورى منذ بدء الحرب    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    ختام فعاليات قافلة جامعة المنصورة الشاملة "جسور الخير (22)" اليوم بشمال سيناء    محافظ أسوان يكرم "إبتسام" خامس الجمهورية في الثانوية الأزهرية (صور)    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    مصرع شخص صدمته سيارة تقودها طفلة في إمبابة    إزالة 70 طن قمامة ومخلفات ب7 قرى بمركز سوهاج    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    إنفوجراف| كلمة الرئيس السيسي حول الأوضاع في غزة    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    قرارات هامة من الأعلى للإعلام ل 3 مواقع إخبارية بشأن مخالفة الضوابط    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    متحدث نقابة الموسيقيين يعلن موعد انتخابات التجديد النصفي    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    "13 سنة وانضم لهم فريق تاني".. الغندور يثير الجدل حول مباريات الأهلي في الإسماعيلية    بالرقم القومي.. نتيجة مسابقة معلم مساعد "علوم"    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    إسرائيل تقرر تجميد خطة "المدينة الإنسانية" في رفح    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    الداخلية تكشف ملابسات وفاة متهم محبوس بقرار نيابة على ذمة قضية مخدرات ببلقاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصدمة والترهيب»
نشر في الوطن يوم 13 - 08 - 2014

- «إنه لنذل عديم الرحمة، هذا أمرٌ مؤكد»، ريتشارد نيكسون، الرئيس الأمريكى متحدثاً عن دونالد رامسفيلد، 1971.
- «سنعتصركم ونفرغكم ثم سنملأكم من أنفسنا»، جورج أورويل فى «1984».
- «إن أذهانهم أشبه بصفحاتٍ بيضاء يمكن أن نكتب عليها»، د. سيريل كنيدى، ود. ديفيد آنشل، حول فوائد المعالجة بالصدمات الكهربائية 1948.
- «توجهت إلى المجزر لأشاهد ما يسمى الذبح الكهربائى، فرأيت الخنازير المخصيَّة مشبوكةً عند الأصداغ بكلَّابات معدنية ضخمة، تم وصلها بتيار كهربائى 125 فولت، ما إن كانت تلك الخنازير تُشبَّك بالكلَّابات حتى كانت تغيب عن الوعى وتتيبَّس غيبوبة الصرْع، وفى خلال ذلك كان الجزار يطعن الخنازير ويستنزف دمها دون صعوبة»، د. يوغو سيرليتى، الطبيب النفسى، يشرح كيفية اختراعه المعالجة بالصدمة الكهربائية 1954.
فى الخمسينات قامت وكالة الاستخبارات الأمريكية «CIA» بتمويل طبيب فى مونتريل كى يجرى تجارب غريبة على المرضى النفسيين، بحيث يبقيهم فى ثبات وعزلة لمدة أسابيع، ثم يصف لهم جلسات هائلة من الصدمات الكهربائية، إلى جانب كوكتيل من الأدوية شملت «LSD» العقار المثير لاضطرابات الإدراك، وال«PCP» العقار المهلوس المعروف عامةً بغبار الملائكة، وقد أجريت تلك التجارب التى ردت المرضى لمراحل طفولية لم تتطور فيها بعد القدرة على النطق، وذلك فى معهد «ألن» التذكارى فى جامعة «ماكغيل»، تحت إشراف مدير المعهد د. إيوين كاميرون، الذى اعتقد أنه يستطيع عن طريق إنزال سلسلةٍ من الصدمات بالدماغ البشرى أن يمحو جميع الأفكار والمعتقدات التى تنطوى عليها الأذهان، ثم يعيد بناء شخصيات جديدة انطلاقاً من تلك الصفحة البيضاء المستحيلة المنال.
- هذا، ولم يلعب «كاميرون» دوراً أساسياً فقط فى تطوير تقنيات التعذيب المعاصرة فى الولايات المتحدة، بل تقدم تجاربه أيضاً تفسيراً فريداً من نوعه للمنطق الكامن وراء نظرية رأسمالية الكوارث، التى تحكم نظام الاقتصاد العالمى المعاصر التى وضعها المرشد الكبير لحركة الرأسمالية غير المقيّدة «ميلتون فريدمان»، حيث قال: «وحدها الأزمة، سواء كانت الواقعة أم المنظورة، هى التى تحدث التغيير الحقيقى، فعند حدوث الأزمة تكون الإجراءات المتخذة منوطةً بالأفكار السائدة، وهنا تأتى، على حد اعتقادى، وظيفتنا الأساسية، وهى أن نطور بدائل للسياسات الموجودة، وأن نبقيها حية ومتوافرة إلى حين يصبح المستحيل فى السياسة حتمية سياسية». يكدس بعض الأشخاص الأغذية والماء تحسّباً لوقوع أزمات كبرى، أما أتباع «فريدمان» فيدخرون أفكار السوق الحرة. فى الواقع، كان البروفيسور فى جامعة شيكاغو مقتنعاً بضرورة التصرف بسرعة خاطفة عند وقوع أزمة ما، فى سبيل فرض تغيير سريع لا رجوع عنه يستبق استيقاظ المجتمع المرهق من الصدمة، ووقوعه مجدداً رهينة «استبداد الوضع الراهن». وقد اعتبر «فريدمان» أنه «سيكون أمام الإدارة الجديدة المقبلة مهلة زمنية من ستة أشهر إلى تسعة أشهر، حتى تحقق تغييرات كبيرة، وفى حال لم تنتهز الفرصة كى تتصرف بحزم فى خلال تلك الفترة، فإنها تكون قد ضيعت فرصتها الوحيدة». ويشكل ذلك وجهاً قبيحاً من وجوه النصائح المكيافيلية، ومنذ السبعينات وحركة «مدرسة شيكاغو» تغزو بلدان العالم، إلا أنها لم تطبق قط كاملة فى البلد الذى نشأت فيه إلا مع سيطرة فكر المحافظين الجدد على الكونجرس فى 1995، وعندما وقعت هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001، كان البيت الأبيض مكتظاً بتلاميذ «فريدمان»، بمن فيهم صديقه المقرب «دونالد رامسفيلد» وزير الدفاع، و«ديك تشينى»، نائب الرئيس، وهما رأسماليا الكوارث، فتلقفت إدارة «بوش» تلك اللحظة من الدُّوَار الجماعى بسرعة البرق، لدرجة جعلت البعض يظن أن الإدارة هى التى خططت بنية شريرة لوقوع الأزمة، وفى الحقيقة أن الشخصيات الرئيسية فى الإدارة الأمريكية وقتها والمخضرمة فى تجارب الرأسمالية الكارثية فى أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، كانت تصلى من أجل وقوع أزمة بالخشوع نفسه الذى يصلى به المزارع من أجل أن تمطر على أرضه التى تعانى الجفاف، وقد اغتنمت إدارة «بوش» هذه على نحو فورى الهلع الذى زرعه الهجوم فى النفوس، ليس فقط لشن حرب على الإرهاب، بل لضمان أن تكون هذه الحرب مغامرة هدفها تحقيق أرباح شبه كاملة وتبث الحياة من جديد فى الاقتصاد الأمريكى المضطرب، ومع الأسف فإن الإدارة الأمريكية مع الرئيس أوباما طورت هذه الاستراتيجية لتقوم هى بخلق الكوارث والصدمات وليس مجرد انتظار حدوثها.
- وإن التعذيب شريك صامت لحملة الأسواق الحرة العالمية الشرسة، وقد تجسد ذلك فى العراق، ومن المعلوم أنه من أكثر الأدوات استخداماً فى فرض السياسات غير المرغوب فيها على الشعوب المتمردة. إن التعذيب، أو ما يسمى بلغة ال«CIA» «الاستجواب القسرى»، هو عبارة عن مجموعة تقنيات مصممة لإدخال السجناء فى حالةٍ من الضياع والصدمة العميقين تؤدى إلى تطويع يهدف إلى إجبارهم على تقديم التنازلات رغم إرادتهم، وعلى غرار السجناء المرعوبين الذين يكشفون عن أسماء رفاقهم ويتنكرون لمعتقداتهم، كذلك تقوم المجتمعات المصدومة تحت وطأة القنابل المتساقطة وعمليات القتل الجماعى والتشريد بالتنازل عن أمور تدافع عنها بشراسة فى أوضاعٍ مغايرة، ولذلك قال دانيال فييرستاين، عالم الاجتماع الأرجنتينى: «ليست الإبادة فى الأرجنتين عفوية، كما أنها ليست وليدة حظ أو عملية خالية من المنطق، إنما هى إلغاء منظم لجزء كبير من الشريحة الوطنية الأرجنتينية، يهدف إلى تحويل تلك الشريحة من خلال إعادة تحديد أسلوب حياتها وعلاقاتها الاجتماعية وقدرها ومستقبلها»، وقال «ماريو فيلانى»، أحد الناجين من مخيمات التعذيب فى الأرجنتين: «كان لدىَّ هدف واحد لا غير، هو أن أعيش حتى اليوم التالى»، يقصد بقاءه الذاتى، وحتماً وصول المجتمعات إلى هذا الحد يجعلها تقدم أى تنازلات، وتفقد جميع المقدسات قيمتها سواء الأرض أو التاريخ أو المعتقدات.
- جميع ما ذكرنا أعلاه يشرح الفلسفة التى جعلت أمريكا تخطط لما يقع من جرائم فى منطقتنا الآن، سواء فى العراق أو فى سوريا، إنه تطبيق لآلية «الصدمة والترهيب» التى تجعل شعوب المنطقة تخضع للإرادة الأمريكية الراغبة فى إعادة تقسيم المنطقة لبناء ما يسمى الشرق الأوسط الجديد، ولهذا فإن العقيدة العسكرية لجنود الولايات المتحدة فى حرب العراق ورد فيها صراحة: «الصدمة والترهيب عمليتان تستتبعان مخاوف ومخاطر ودماراً يتعذر على الشعب، بشكل عام، أو على عناصر أو قطاعات محددة من المجتمع المهدد، أو على قيادة هذا المجتمع - أن تفقهها، وتحت وطأة الصدمة نستطيع إحداث ما نراه من تغيير».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.