باحثاً عن لقبه الضائع «السلطان»، يحلم رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا السابق، بعودة «خلافة المسلمين» تحت زعامته، بعد احتضانه لأعضاء جماعة «الإخوان» الهاربين من مصر، وبعد أن ودع ماضياً عمل فيه بائعاً ل«البطيخ والسميط» بشوارع إسطنبول، ها هو الآن يُتوَّج رئيساً للدولة بعد نجاحه فى الانتخابات الرئاسية التى جرت أمس الأول فى تركيا. يرى مراقبون أن «أردوغان» سيحول نظام الحكم فى بلاده ل«النظام الرئاسى» فور جلوسه على مقعد الحكم، وسيحصل على صلاحيات واسعة تفوق تلك التى كان يتمتع بها وقت أن كان رئيساً للوزراء، الأمر الذى سيوسع من دائرة سلطته وسيطرته على مقاليد الحكم فى البلاد، دون النظر إلى حجم المعارضة الشعبية التى رفضته من قبل فى منصب رئيس الوزراء، وتظاهرت ضده فى أهم ميادين وشوارع العاصمة التركية إسطنبول. وعلى الرغم من أن تركيا عرفت فى فترة تولى «أردوغان» منصب رئيس الوزراء، ازدهاراً وتقدماً، فإنها شهدت أيضاً قمعاً للحريات والإعلام، صاحبه انفجار فضيحة مدوية ل«أردوغان» وابنه، حين حامت الشبهات حول تورطهما فى قضايا فساد، بالإضافة إلى قضايا أخرى تورط فيها عدد من أبناء الوزراء المنتمين لحزب العدالة والتنمية الذى يرأسه «أردوغان». طاشت الرصاصة، لكنها أحدثت دوياً هائلاً، لم يكن بعيداً عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتى لم يحصل فيها «أردوغان» إلا على نسبة 52% من أصوات الناخبين الأتراك. ترجع أصول «أردوغان» إلى مدينة طرابزون، فيما ولد بإسطنبول فى 26 فبراير 1954، وأمضى طفولته المبكرة فى محافظة ريزة على البحر الأسود، ثم عاد مرة أخرى إلى إسطنبول وعمره 13 عاماً، ونشأ فى أسرة فقيرة، والتحق بمدارس «إمام خطيب» الدينية، ثم كلية الاقتصاد والأعمال فى جامعة مرمرة. انضم «أردوغان» إلى حزب الخلاص الوطنى، بقيادة نجم الدين أربكان فى نهاية السبعينات، لكن مع الانقلاب العسكرى الذى وقع فى 1980، تم إلغاء جميع الأحزاب، وبحلول عام 1983 عادت الحياة الحزبية فى تركيا، وعاد نشاط «أردوغان» من خلال حزب الرفاه، خاصةً فى محافظة إسطنبول، وبحلول عام 1994 رشح «الرفاة» أردوغان لمنصب عمدة إسطنبول، وفاز بالفعل قبل أن يؤسس حزب «العدالة والتنمية». وبوصول «أردوغان» لمنصب رئيس وزراء تركيا راح يسن الكثير من القوانين ويمررها فى البرلمان التركى الذى يسيطر على الأغلبية فيه، مما اعتبره معارضوه «انقلاباً» على الدستور التركى، وجاء إعلان حكومته لخطة إعادة تخطيط إحدى المناطق وقطع الأشجار فيها بمثابة الطامة الكبرى، فخرج الآلاف فى تظاهرات سلمية سرعان ما تحولت إلى اشتباكات هى الأعنف فى تركيا خلال سنوات طويلة، لكنه تمكن من احتوائها حتى وصل إلى القصر الرئاسى، بعد أن ودع منصبه كرئيس للوزراء.