يا عم ماتقول على فين؟ أجابه زميله: وقفة احتجاجية قدام وزارة الصحة. الصهاينة الخونة طالبين استيراد 100 ألف حمار مصرى. عاوزين يفرغوا البلد من الكفاءات.. تخيل مصر اللى خصصت دكتور نفسى لعلاج عجول أستراليا من أسبوع. عاوزين ياخدوا حميرها. سأله بغضب: طب والحمير موقفها إيه؟ رد صاحبه: ما احنا ح نروح نندد.. هكذا وهب صباحه من أجل التنديد. ولكنه لم ينشغل بعيداً عن خبر العجول الأسترالى. همس مُندد آخر فى أذنه «بالك لو مكانتش إسرائيل.. كان الواحد قدّم».. فأنهى تنديده متجهاً إلى سفارة أستراليا. سأله الموظف: طالب اللجوء لأستراليا ليه؟ فرد عليه بثبات: عجل ويعول. الإجابة أصابته بزغللة نتيجة البوكس الأسترالى الموجه إلى العين اليسرى لكنها لم تمنعه من قراءة خبر وصول المركبة الأمريكية إلى سطح المريخ بينما كان السائق يهنئه بوصول التوك توك بسلام إلى محطة صفط اللبن.. أخبار الفضاء بالتأكيد ستثير اهتمام حماته التى تهوى السفر للبدرشين.. ولكن ما إن بدأ يحكى لها حتى زغدته زغدتها المشهورة: سطح مريخ؟؟؟؟ سطح مريخ مين يا موكوس؟ من ساعة الولية أم حُسحُس ما أجّرت السطح واحنا مش عارفين ننشر. والنبى إن ما اتلمت لأكون مشرّطه وشها بالموس... فربت على كتفها مطمئناً إياها بأن السيد الرئيس ألغى عقوبة الحبس فى قضايا النشر. فى المساء اجتمعت الأسرة أمام التليفزيون فى جلسة دائما ما تصيبه بالأذى. صرخ المحلل الاستراتيجى فى وجه المشاهدين بأن الرخاء فى هذا الوطن على الأبواب والموارد موجودة.. وكله فى السليم.. ولكنه لن يتحقق إلا بالتحام الشعب مع السلطة، وما إن أنهى حواره حتى انطلق صوت الزوجة فى وجهه: وانت مش مُلتحم ليه يا منيل؟؟ قوم فز التحم.. العيال بقالها تلات توشهور ما داقتش الزفر. .. وأردفت حماته: تلتحم وتجيب معاك كيلو سجق وإزازة زيت وتغير الأنبوبة.. وخد ورقة الطلبات كلها فى إيدك وأنا ح أحط الحلة ع النار على ما تلتحم وتيجى. على أبواب المبنى الحصين استوقفه الحرس.. قدم لهم طلبا رسميا بالالتحام مرفقا به ورقة طلبات البيت والعيال. فحصها المسئول باهتمام.. راجَع البنود بنداً بنداً وصنفاً صنفاً. منحه نظرةً حانيةً وابتسامةً مطمئنةً أعادت له الأمل فى الحياة. سحبه من يده برفق. سأله بحنان: معندكش أى طلبات تانية؟ أجاب بأسى: لا والله طالبين بس نعيش. فاحتضنه بعيون دامعة ثم نادى على واحد من كبار مساعديه وأمره بحزم: السيد المواطن ده أنا باحبه. تاخد تليفونه وورقة الطلبات بتاعته كلها. «الطلبات كلها.. فاهم؟».. وتديله نهضة. لم تجف دموعه من التأثر حتى وصل إلى البيت. وما إن لمحته الزوجة خاوى الوفاض حتى انطلق الشرر من عينيها: ما جبتش الحاجة؟؟ فأجابها بنظرة منكسرة: ادونى نهضة. وحين بدأت الزوجة وصلة اللطم كانت حماته قد أصابتها نوبة هيستيرية وهى تهرش يدها بجنون وتعض ساعدها فى موضع الوريد ومولولة تطارده وهى تستجديه: «ادينى النهضة بسرعة.. ادينى ادينى الجرعة».