قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إنّ قيمة "العدل" من القيم التي نفتقدها في أحيان كثيرة بمجتمعاتنا في معاملاتنا وتصرفاتنا العادية، موضحا أنّ العدل هو الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط، ومن لوازمه القسط والمساواة بين الناس في الحكم، وهو أيضا اسم من أسماء الله تعالى، وبه قامت السموات والأرض. الطيب: غياب العدل أضاع حقوقا وشرد أطفالا وهدم بيوتا كانت عامرة وأوضح الإمام الأكبر خلال الحلقة الرابعة والعشرين من برنامج "الإمام الطيب"، أنّ صفة "العدل" ورد ذكرها في القرآن الكريم في أكثر من 20 آية، وهي من أوجب الصفات التزاما وتطبيقا في مناحي الحياة؛ فهي معيار أو ميزان يزن الأمور كلها، والعدل يستلزم "الإنصاف"، كما يستلزم "المروءة والاستقامة" والترفع عن صغائر الأمور وسفسافها. وأشار إلى أنّ الله أمر عباده بالعدل أمرا صريحا في قوله تعالى: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون﴾، مبيّنا أنّ العدل في الآية هو الإنصاف بين الناس، والتعامل معهم باعتدال لا ميل فيه ولا عوج"، وأنّ هذه الآية وصفت بأنّها أجمع آية في كتاب الله تعالي للخير والشر، كما قال عنها القاضي البيضاوي أحد عمالقة علم التفسير: "لو لم يكن في القرآن غير هذه الآية لصدق عليه أنه تبيان لكل شيء ورحمة للعالمين"، لما اشتملت عليه من الأمر بالعدل والإحسان وصلة القربى، والنهي عن الفحشاء والمنكر، ومنها يتبين أنّ العدل أول الأركان في استقرار الحياة وانضباطها على شريعة الله.. ومن هنا قيل: العدل أساس الملك. وبيّن، أنّ الله تعالى أمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يلتزم جادة "العدل" في المعاملة بين الناس، وذلك في قوله تعالى: ﴿فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم﴾، كما أمر المؤمنين بما أمر به نبيه من إقامة العدل بينهم. وأوضح أنّ المتأمل في القرآن الكريم يجد الحرص الشديد على "إقامة العدل" في المواطن التي يصعب فيها عادة على المرء أن يلتزم فيها بواجب العدل فيما يفعل أو يقول، مع الأعداء والأولياء على السواء، ومع القريب والبعيد على قدم المساواة، وخاصة في باب "الشهادة" والقضاء، يقول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا﴾. الإمام الأكبر: غياب العدل هو العامل المشترك في كل هذه المآسي التي نعيشها وشدد الإمام الأكبر على ضرورة أن يلتزم المؤمن بقول الحق في هذه الدنيا، ولا يحابي فيها غنيا من أجل غناه، أو قريبا من أجل قرابته، ولا يجور فيها على فقير أو مسكين لفقره ومسكنته، وأنّ على المؤمن أن يعلم أن الله سوى في إقامة العدل بين الأغنياء والفقراء. ولفت إلى خطر "العدل" في قضية تعدد الزوجات، وكيف أنّ مجرد الخوف من عدم تحقيقه يمنع المسلم شرعا من التعدد: ﴿فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة﴾، موضحا أنّ الوقوف عند مثنى وثلاث ورباع دون الانتباه لشرط إباحة المثنى والثلاث والرباع، كيف أضاع حقوقا وجلب مظالم وشرد أطفالا وهدم بيوتا كانت عامرة؟، وقد كان غياب العدل هو العامل المشترك في كل هذه المآسي.