مصر بين جمهوريتى 23 يوليو و30 يونيو ورسائل الرئيس    تشكيل المصري - منذر طمين يقود الهجوم أمام النجم الساحلي وديا    حوار في الجول - تيدي أوكو يكشف أسباب فشل انتقاله إلى الزمالك.. وموقف الكشف الطبي    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي.. كليات ومعاهد تقبل مجموع 50% فقط في 2024    محمد الجالى: توجيهات الرئيس السيسي عن الطاقة استراتيجية للتحول لمركز إقليمى.. وتحقيق الاكتفاء الذاتي يرتبط ب"الأمن القومي"    وزير الخارجية والهجرة يسلم رسالة خطية من فخامة رئيس الجمهورية الى رئيس جمهورية النيجر    «أجبرتها على التراجع».. مروحية إيرانية تتصدى لمدمرة أمريكية في المياه الإقليمية    صلاح عبدالعاطي: إسرائيل تستخدم المفاوضات غطاءً لإطالة أمد الحرب وفرض ترتيبات قسرية    أوكرانيا وروسيا تستعدان لإجراء محادثات سلام في تركيا    حزب إرادة جيل يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو    البابا تواضروس يستقبل مجموعة خدام من كنيستنا في نيوكاسل    أرسنال يهزم ميلان في مباراة ودية بسنغافورة    علي معلول يوقع على عقود انضمامه إلى ناديه الجديد    الرابط المعتمد لنتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. استعلم عبر بوابة الأزهر الشريف برقم الجلوس (فور ظهورها)    محمد رياض: نبحث عن تيارات فكرية جديدة في الكتابة المسرحية    "شفتشي" ثاني أغنيات الوش الثاني من "بيستهبل" ل أحمد سعد    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    بالأسماء.. رئيس أمناء جامعة بنها الأهلية يُصدر 9 قرارات بتعيين قيادات جامعية جديدة    منهم برج الدلو والحوت.. الأبراج الأكثر حظًا في الحياة العاطفية في شهر أغسطس 2025    متحدث الوزراء يكشف السبب الرئيسي وراء تأجيل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدفاع يكرم أصحاب الإنجازات الرياضية من أبناء القوات المسلحة (تفاصيل)    ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلمون نيئًا؟    من الارتفاع إلى الهبوط.. قراءة في أداء سهم "بنيان" في ثاني يوم تداول بالبورصة    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    بعد تراجع 408.. تعرف على أسعار جميع سيارات بيجو موديل 2026 بمصر    برلين تمهد الطريق أمام تصدير مقاتلات يوروفايتر لتركيا    حمدى رزق يكتب: الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    113 شهيدًا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    محادثات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.. على أساس مبادئ الاحترام المتبادل    «اتصرف غلط».. نجم الأهلي السابق يعلق على أزمة وسام أبو علي ويختار أفضل بديل    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    «فتحنا القبر 6 مرات في أسبوعين».. أهالي قرية دلجا بالمنيا يطالبون بتفسير وفاة أطفال «الأسرة المكلومة»    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    «ادهشيهم في الساحل الشرير».. حضري «الكشري» في حلة واحدة لغذاء مميز (المكونات والطريقة)    رضا البحراوي يمازح طلاب الثانوية العامة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    طرح إعلان فيلم Giant لأمير المصري تمهيدا لعرضه عالميا    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    تباين أداء مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«صباحى» فى أخطر حوار ل«الوطن»: «السيسى» ليس مجرماً هو قائد جيش عظيم انحاز لشعبه.. فكيف أحاكمه؟
حملت روحى على كفى قبل «المشير».. ومن قال إننى «مرشح الثورة»؟!

بهدوء شديد جلس المرشح الرئاسى حمدين صباحى الذى تنتظره بعد أيام «أصعب معركة انتخابية» فى حياته، على حد تعبيره، يتحدث ل«الوطن» فى أول حوار صحفى له بعد تقديم أوراق ترشحه رسمياً إلى اللجنة العليا للانتخابات، يصف خريطة وأجواء المعركة، وعناصر القوة والضعف، المتاحة له ولمنافسه المقبل لتوه من على رأس المؤسسة العسكرية، عبدالفتاح السيسى.
فى مكتبه بحى المهندسين، وإلى جواره صورة لزعيم ثورة 1952 الراحل جمال عبدالناصر، ولوالده الحاج عبدالعاطى «صباحى»، الذى يعتبره رمزاً لكفاح الفلاح المصرى عبر 7 آلاف سنة، بدأ الرجل المقبل من قلب ميادين الثورة والمظاهرات وأحياناً المعتقلات، يشرح ما يراه «سكة السلامة» للدولة المصرية، ورؤيته فى حال أصبح رئيساً.
وربما يكون مناسباً أن ننوه هنا إلى أن هذا الحوار تم إجراؤه يوم الثلاثاء الماضى الموافق 22 أبريل، أى قبل لقاء حمدين صباحى مع الشباب يوم الخميس 24 أبريل الذى أثار جدلاً بسبب قضية «محاكمة السيسى»، لذا ننشر ما قاله «حمدين» حرفياً فى الحوار معنا بخصوص هذه القضية.قضايا وتحديات شائكة، داخلية وخارجية، طرحتها «الوطن» على المرشح الرئاسى.. فجاءت إجاباته واضحة وصريحة وصادمة أحياناً.. إلى نص الحوار:
■ هل مساحة الحركة أمامك أكبر هذه المرة، مقارنة بمنافسك المشير عبدالفتاح السيسى؟
- الظرف كله مختلف عن ظرف الانتخابات الرئاسية الماضية، وجزء من ذلك أن القدرة على التحرك وسط الناس أصبحت أقل بكثير من الانتخابات الماضية، لأسباب كثيرة.
■ أسباب أمنية بالدرجة الأولى؟
- أمنية بالدرجة الأولى، وأضف إلى ذلك أن إحدى مشكلات مصر الآن هى حدة الاستقطاب بين المختلفين، وهذا مزاج عام، وهو إحدى المشكلات التى تحتاج مصر لأن تنتبه لها، وأن يكون واضحاً أن دخول الانتخابات من أجل التنافس وأن يكون هناك خلاف جاد واضح وحاد، ولكن ذلك لا يعنى فى الوقت نفسه وجود كراهية أو خطاب تخوين.
لكن المزاج الذى اختلف فى مصر بعد 30 يونيو جعل هناك بدلاً من التنافس نوعاً من الإقصاء والإلغاء، وكان لدينا إفراط فى استخدام الدين بشكل خاطئ يؤدى إلى تكفير المختلف، وأصبح لدينا إفراط فى استخدام الوطنية أيضاً يؤدى إلى تخوين الآخر إذا اختلف، وطبعاً هناك أيضاً إفراط فى استخدام الثورة، ونرجو ألا يؤثر ذلك على المناخ الذى تعمل فيه الحملة، ولكن تبقى قدرتى على التنقل أفضل، وإن كان بطريقة محدودة.
■ كيف سيكون مصير المشير «السيسى» إذا أصبح السيد حمدين صباحى رئيساً للجمهورية؟
- سأحترمه، لأنه بالنسبة لى، كما هو الحال مع كل المصريين، وقف فى 30 يونيو موقفاً يستحق تقديراً دائماً من الشعب المصرى، والرئيس المقبل لا بد أن يحافظ على هذه القيمة المعنوية للرجل ويحترمه، ويضع فى اعتباره عوامل أمانه.
■ أمانه أم تحصينه؟
- أمانه، فأنا لا أتكلم عن تحصين أى أحد، لأن اللحظة التى كان الشعب فيها فى الشارع يتحدى السلطة، وروحه على كفه، ومنتظر الجيش يميل لمن، الرجل اختار أن يكون مع شعبه، والمفروض أن شعبه يكون معه.
■ حتى لو طالبتك بعض القوى السياسية والثورية بحسابه؟
- السيسى بالنسبة لى ليس مجرماً لكى تكون محاكمته مطلوبة، السيسى بالنسبة لى قائد جيش عظيم انحاز لشعبه، فينبغى تكريمه واحترامه وأن يؤمَّن سواء فى الجيش أو خارجه، نجح فى الرئاسة أو لم ينجح. أعتقد هذا حقه.
وبشكل عام لا بد أن تكون هناك إجراءات جادة عادلة هدفها أن تقفل صفحة الماضى بحساب وجبر ضرر وتسامح ومصالحة بين المصريين، وجزء رئيسى فى برنامجى هو ذلك عبر عدالة انتقالية، فأنا أريد عدالة انتقالية هدفها أن يكون هناك حساب حقيقى على الدم والمال والإفساد السياسى. وعندما يشعر صاحب الحق أن حقه عاد إليه، هذه هى النقطة الوحيدة التى يمكن فيها أن يتصالح، وطول ما حقه منكور عليه سيظل وجعه فى قلبه ولا يسامح أحداً. وأنا أريد أن أؤمن هذه العملية، وليس جزءاً منها، فأنا أريد أن أؤمن بالعدالة الانتقالية كل من ظُلم فى دمه وجسده وماله وصوته؛ أى جرائم الدم والإصابات ونهب المال العام وتزوير الانتخابات على الأقل أو الأشكال الواضحة للإفساد السياسى. وعندما يشعر أصحاب الحقوق أن صدرهم انشرح بأن هذا المجتمع اعترف لهم بحق، هذه هى اللحظة التى ستكون مواتية أن هذا المجتمع يجبر الضرر ويوفر تعويضاً أدبياً ومادياً لكل من أضير، وهذه هى اللحظة التى يمكن فيها أن يتسامح ويتصالح. ورأيى أن مصر تحتاج هذه العملية بأكملها دون أى اجتزاء فى أى مرحلة، فلن يكون هناك تصالح وتسامح ما لم نعترف لأصحاب الدم بحقهم، ولا أستثنى من ذلك إلا الذين ارتكبوا عنفاً أو أهدروا دماً بأن أهدروا دم مصريين آخرين، يعنى أن الموصومين بإرهابهم أو استخدامهم للعنف ليسوا طرفاً فى هذا، وكل مسالم وصاحب رأى أياً كانت نواياه، فى اللحظة التى فقد فيها حياته، لا بد للدولة والمجتمع أن يطبطبوا على أهله ويقولوا لهم وجعكم وجعنا، أنتم لكم حق.. تعالوا نقفل هذا الملف الحزين، لأن ذلك جزء من سيناريو إعادة نسيج مصر بدون تقطيع الأوصال ولم شملها، ويكون هناك سلم مجتمعى حقيقى مصر فى منتهى الاحتياج إليه.
وأياً كان الرئيس المقبل لا بد أن يتصدى لهذا الملف لأنه لن يقدر أن يبنى ويعمر وينتج ويعمل عدالة اجتماعية وديمقراطية والناس ممزقة، وفى هذه العملية سيدان ناس وناس لن تدان.
ولكن نحن لا نريد أن نخلط الأمور، ونحول العدالة الانتقالية إلى عدالة انتقامية أو انتقائية، وهذا يحتاج مفهوماً أوسع من النصوص، ولذلك أنا أقول لا بد أن كل صاحب حق يأخذ حقه ويُجبر خاطره ويكون فى وضع يسمح له طائعاً أن يتسامح بحثاً عن صفحة جديدة فى المجتمع، وكل صاحب دور وطنى لا بد أن يحترم ويصان ويؤمن ولا يكتشف أنه ضحية الدور الوطنى الذى قام به.
■ البعض يقول إن هذه الانتخابات مختلفة تماماً عن انتخابات 2012 من ناحية أجواء المعركة الانتخابية، ولكن يبقى أن التنافس بين طرفين اثنين فقط يؤدى إلى ضعف الإقبال على التصويت مقارنة بما كان عليه الحال فى الانتخابات الماضية، فهل تتوقع ذلك؟
- أولاً، هناك مصريون لن يجدوا ممثلاً لهم فى هذه الانتخابات، وإحدى مزايا الانتخابات الماضية، أنه كان هناك زيادة فى عدد ممثلى كل طرف، وبعض الأطراف ممثلة بأكثر مما ينبغى، على حساب قواه الاجتماعية، مثلما حدث تعدد فى المنتمين للثورة، فوجد المصريون أن الإعادة بين طرفين لم يكونا تعبيراً عن هذه الثورة، وهذه المرة بالعكس هناك أطراف غائبة عن التمثيل، وهذا من المؤكد أنه سيلقى بظلاله على عدد الناخبين.
■ هل ترى أن تيار الإسلام السياسى لا يوجد له ممثل فى هذه الانتخابات؟
- طبعاً.. ليس لديه ممثل.
■ بخبرتك السياسية كمحلل، هل هذا التيار سيقاطع أم أن هناك أطيافاً منه ستشارك، وماذا عن الإخوان، هل سيشاركون رغم إعلانهم المقاطعة؟
- هذا التيار بحكم اتساعه لن يكون له موقف واحد، ولن يقاطع كله بالتأكيد، ولا تستطيع أن تحسم الآن من سيشارك وسيعطى صوته لأى من المرشحين، لأن هناك منطقاً وراء إعطائه صوته لأى منهما، واختيار أحدهما سيكون حصاداً لعوامل متعددة، وما لم يعلن أحد ماذا سيفعل بالضبط أعتقد أنهم سيكونون صندوقاً مغلقاً، حتى يوم الإدلاء بأصواتهم فى الصندوق.
■ ما قراءتك لمنطقهم فى التصويت لحمدين صباحى أو المشير السيسى؟
- هناك منطق فى الحالتين، وهنا سأتكلم عن جزء من هذا التيار وهم الإخوان، فهم لديهم موقف مبدئى ضد الاثنين، والاثنان حاضران فى مشهد موجة الثورة الكبيرة فى 30 يونيو، والاثنان يقدمان مشروعاً مختلفاً عن المشروع الذى تقدمه هذه الجماعة، ولهذا أرجح أن يقاطعوا، لكن نفترض أنهم صوتوا، فهم لديهم منطق بسيط يقول إنه لو نجح السيسى تكون كذبة الانقلاب رائجة، وتثبت أن هذا انقلاب كما ادعت، ومن الممكن بهذا المنطق أن يعطوا أصواتهم للسيسى، وهناك منطق آخر، هو أن حمدين بينهم وبينه خصومة سياسية وتصل لأقصى درجات الحدة، لكنهم يعتبرون أن بينهم وبين السيسى دماً، وفكرة الثأر غير فكرة الخلاف أياً كانت درجتها، وبالتالى من الممكن أن يميلوا لأن يظهروا أنهم قادرون على أن يقتصوا من السيسى بالأصوات، ويظهروا أنه لا يستحق الحكم.
لكن كيف سيتصرفون؟ اعتقادى الشخصى أن الأرجح أنهم سيقاطعون.
■ هل هناك فئات أخرى من المجتمع غير ممثلة فى الانتخابات غير تيار الإسلام السياسى؟
- بالمعنى الجوهرى «لا»، كل طرف سيجد فى أى من المرشحين درجة من تمثيله، ولكن إلى أى مدى هو مطابق، سيتفاوت ذلك.
■ هل هناك مراجعة داخل عقل المرشح حمدين صباحى، فيما يتعلق بمصطلح «مرشح الثورة»، خصوصاً أن الثورة تراجعت شعبياً بسبب ما حدث للمواطن المصرى منذ 25 يناير حتى الآن، وإن لم يكن ذلك ذنب الثورة؟
- الشعب المصرى الآن قام بثورة، ويريد أن يحقق أهداف هذه الثورة عن طريق دولة، أى أنه يريد ثورة تنجح بدولة ناجحة، وهذه هى الفكرة الرئيسية فى خطابى للجمهور، أننى أريد دولة ناجحة، لأن الدولة الناجحة ستكون شهادة النجاح للثورة، فليس هناك ثورة ستنجح وهى فى الشارع خارج السلطة، وإلا كيف تطبق سياسات تحقق أهدافها، ولا دولة ستنجح فى مصر إلا لو تبنت أهداف الثورة، هذه هى المعادلة الأكيدة، وأنا أقدم نفسى باعتبارى «مرشح من الثورة»، ولا أريد أن أقول «مرشح الثورة» لأنى ضد أن تحتكر فكرة وتمنع سواك منها.. فأنا من الثورة هذا يشرفنى وتوصيف دقيق لى، لكن لا أريد أن أنكر على أحد آخر أن يكون أيضاً من الثورة، فلا أريد احتكاراً للثورة أو الوطنية أو الدين، فأنا أنتمى للثلاثة، لكن أى أحد آخر يمكن أن ينتمى لها.
النقطة الثانية أن المصريين الآن يريدون دولة، ولكن تحقق مطالب الثورة، بمعنى أنه لو جاءت دولة وتظاهرت بأنها لم تر ما حدث من ثورة والمظاهرات التى بالملايين، ودم الشهداء، وأغمضت عينيها عن أن شعباً قال «أنا أريد عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية»، وسارت فى سكة السياسات القديمة، فهى دولة لن يكون لها مصير إلا مصير مبارك ومرسى، وذلك على سبيل القطع، وأثق فى ذلك كما أثق فى جلوسنا معا الآن.
■ هل الشعب المصرى قادر على القيام بثورة ثالثة والإطاحة بنظام رئيس أو حكومة منتخبة جديدة، فى هذا الوقت القياسى، ومناعة البلد ضعفت؟
- هناك احتمال آخر أن يكون الشعب المصرى قادراً أن يأتى برئيس يجعل الدولة تحقق أهداف الثورة، فبدلاً من أن يقوم بثورة للمرة الثالثة على رئيس يطبق سياسات «مبارك ومرسى» نفسها، يأتى برئيس يطبق سياسات تعبر عن مطالبهم فى الثورة.
■ هل هناك احتمال أن يكون منافسك امتداداً لممارسات الدولة فى عصرى «مبارك ومرسى»؟
- الحكم عليه الآن يبقى نوعاً من الاستنتاج أو الاحتمال أو التوقع والاستقراء، ولا يكون تأكيداً لنتائج عنه، لأنه جاء إلى السلطة محمولاً على جماهير 30 يونيو فى سلطة انتقالية، وبقى فى السلطة مدة تقترب من 9 شهور، من يقرأ أداء هذه السلطة باعتباره شريكاً فيها وجزءاً منها، وأحياناً الرجل القوى فى هذه السلطة، ويحاكمها على درجة تنفيذها لمطالب الثورة، وقدرتها على تقديم نموذج لدولة جديدة، سيكون حكمه ضد السيسى.
■ هل ترى المرحلة الانتقالية التى أعقبت 30 يونيو فاشلة إذن؟
- المرحلة الانتقالية كان مطلوباً أن تحافظ على الحلف الشعبى الذى أقام 30 يونيو وتفكك، وتحفظ الحريات العامة والحقوق، وتوازن بين ضرورات الأمن وضرورات الحرية، وفشلت.. فلا هى أتت بالأمن ولا حافظت على ضرورات الحرية.
حدث احتشاد هائل من الشعب الذى أعطى للسلطة تفويضاً بأن تقضى على الإرهاب والعنف، لتضع مصر فى موضعها كشعب أنجز ثورة فيتماسك لكى يبنى بعدها، وأعتقد أن السلطة لم تتمكن حتى هذه اللحظة من مواجهة جادة واسعة صحيحة لظواهر العنف والإرهاب، وفى الوقت نفسه أقدمت على انتهاكات متكررة للحريات بإجراءات أصيلة تعبر عن خطأ الرؤية والإدراك، أهمها صدور قانون التظاهر، على سبيل المثال، أو بطريقة تنفيذ هذا القانون وغيره، المعيبة، وكانت النتيجة أنه لا يزال الإرهاب قائماً، بينما حلف 30 يونيو تفكك والشباب الذين كانوا فى الميدان فى 25 يناير و30 يونيو موجودين فى السجن ومن يقومون بعمليات إرهابية فى الشارع.
وإذا أردت أن تقوم بتقييم إجمالى واضعاً فى الاعتبار حجم الجهد الهائل الذى بذله الشعب والجيش والشرطة، واتفاقهم على مقاومة الإرهاب، لا بد أن تقول إن السلطة لم تنجح لا فى توفير الأمن، ولا فى صون الحريات، بينما هناك مطلب رئيسى وثابت للمصريين منذ 25 يناير وهو الحرية والعدالة الاجتماعية، ومطلب مستجد بعد 30 يونيو هو الأمن ولم الشمل، لأن البلد مقسومة بحدة، والأمن مفتقد فيها، وأنا لا أستطيع أن أحاسب السيسى والسلطة الانتقالية، فى 9 شهور، عن أنهم لم يحققوا العدالة الاجتماعية، لأن القضية بطبيعتها مشروطة بتنمية اقتصادية هائلة، وتوزيع عادل للثروة، وهذا يحتاج لوقت.. لكن المفروض أن تتم محاسبته على الأقل على ما كان فى غنى أن يقوم به، فهو لم يكن يحتاج إلى قانون تظاهر بهذه الصيغة، فكان من الممكن أن يُصدر قانوناً ديمقراطياً يوحد الصف الذى شارك فى 30 يونيو وراءه، بدلاً من أن يقسمه، وكان يمكن أن يطبق هذا القانون على التظاهرات التى تمثل تحدياً لإرادة الشعب وتريد أن تعيق الحياة، أى مظاهرات الإخوان، وليس مظاهرات أنصاره.
وإذا تساءلنا: هل طريقة إدارة الدولة فى هذه اللحظة صحيحة؟ فستكون الإجابة أن هذا منهج فى الإدارة لو استمر لا يحقق الأمن ولا يصون الحرية ولا يحمى تحالفاً شعبياً واسعاً، ولا يلم شمل المصريين.
■ إذن مقدمات 9 أشهر تقول من وجهة نظرك أن الدولة لن تنجح فى حالة استمرار المشير السيسى فى الحكم بعد الانتخابات الرئاسية؟
- بالتأكيد الدولة لن تنجح فى حال استمرت فى إدارة البلد بالطريقة نفسها التى كانت تدار بها فى ال9 شهور الماضية، ولا يوجد شىء إيجابى فى هذه الفترة يعتد به إلا قرار رفع الحد الأدنى للأجور الذى يسجل لصالحه، فمثلما هو يتحمل مساوئ الفترة الانتقالية، فهناك مزايا من حقه أن يحصدها، منها قرار الحد الأدنى للأجور، وهناك ممارسات تتم الآن وهو خارج السلطة لكن ظله ملقى عليها ومنها رفع سعر الغاز الطبيعى مؤخراً، فلا يمكن أن الغاز الطبيعى يتم رفع سعره على المستهلك فى البيت، بينما الغاز الطبيعى الذى يعطى لصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة والتى تحقق أرباحاً هائلة وتطرح منتجاتها بسعر عالمى، يظل مدعماً، وذلك لسببين؛ الأول أن الدعم يجب أن يتم رفعه عن الأغنياء، وأنا أقف تماماً ضد رفع أى دعم عن الفقراء.
والفلسفة الصحيحة فى هذا البلد تقول إن الفقير مسئول من أهله، أى الشعب والدولة المصرية، والدولة لا بد أن تدعم الفقير ولا تدعم الغنى، وعندما أرفع الدعم عن الاستهلاك المنزلى والتجارى الذى بحكم المنزلى، وأترك مصانع الأسمنت التى تحقق أرباحاً هائلة فى «الطن» مقارنة بسعر مواده الخام، بما فيها الطاقة التى تحصل عليها.. معنى ذلك أنى أفكر بطريقة خاطئة، أولاً أنا لا أوفر شيئاً لأن معظم الغاز يذهب للمصانع، وإذا كنت أريد أن أقلل عبء فاتورة الدعم من على كاهل الموازنة العامة للدولة، وهذا أمر مشروع ولابد منه، فلابد أن أقللها بالنسبة للحجم الكبير الذى يأخذه الأغنياء، وليس فى الحجم الأقل من حيث المبالغ المالية ولكن يصيب أغلبية من المصريين بمزيد من العبء فى حياتهم اليومية.
هنا أداء الحكم الانتقالى يمكن أن تستشعره من مشاعر المصريين، وأعتقد أنهم ليسوا راضين، وهم، وأنا واحد من هؤلاء، غفروا أخطاء كثيرة للحكم الانتقالى، لسبب بسيط أن هذا الحكم أتينا به بأيدينا بثورة شعبية والإخوان يقفون ضده، وبالتالى لا يغفر لهذا الحكم إلا شىء واحد، هو الإخوان.
■ هل دعم الإخوان الحكم الانتقالى دون قصد؟
- الإخوان الآن هم مصدر الدعم للحكم الانتقالى وسكوت الناس عن أخطاء 9 شهور له، وذلك لأن الإخوان ضد السلطة التى أتى بها الناس فى 30 يونيو، وعندما أنتقدها يكون فى فمى ماء، لأن الإخوان سيقولون «رأيتم».
ولكن هناك حدود للتحمل، وهذا منطق لا يجب أن يستمر، فلنفرض أن الإخوان مثلاً قرروا أن يتوقفوا عن أى مظاهرات أو أن يغذوا أى عنف، وتوقف طلبة الجامعة عن التظاهر، وتوقفت العمليات الإرهابية، تخيل البلد فى هذا الوضع.
وضع الشعب المصرى هنا مثل الذى لديه مرض يهدد حياته وفجأة يصاب بخراج حاد جداً بالغ الإيلام، حينها سينصرف اهتمامه إلى الخراج الحاد وليس المرض المزمن الذى يهدد حياته، فهو كان مهتماً بعلاج مرضه الأصلى وهو الاستبداد والفساد والتبعية (كما عبروا عنه فى شعارات عيش حرية عدالة اجتماعية) لكن عندما جاءه «خُراج الإرهاب» انشغل أو «اتلهى» فيه، ولو انفتح «الخُراج» واتقفل على نظافة، وهو ما ينبغى أن يتم فى أسرع وقت، وبرؤية أوسع من مجرد الأمن، لا بد أن الشعب سيسأل عن الدواء الذى يعالج المرض الذى يهدد حياته، وهو العدالة الاجتماعية ونظام ديمقراطى واستقلال وطنى، وهذه المشكلة لن تحل بسياسات مبارك - مرسى، وهى طريقة واحدة بالمناسبة مع تغيير الوجوه، وأهم ما تحتاجه مصر الآن هو تغيير جاد عميق فى السياسات.
■ وكيف ستحدث تغييرات فى السياسات.. عندك إرهاب وفقر ودولة شبه فاشلة واقتصاد متدهور وخدمات منتهية وشُرطة محتاجة لدعم؟ كيف ستعالج ذلك؟
- الحكمة تقول إنه لا منطق من أن تضع المقدمات نفسها وتنتظر نتائج مغايرة، أو أن تُجرى تجربة بنفس الطريقة كل مرة وتنتظر نتائج مختلفة، فنفس العناصر الكيميائية ستُخرج نفس النتيجة، وهذه هى الرسالة التى أصبحت واضحة عند المصريين ويتم التعمية عليها، والبعض يريد من المصريين أن يدخلوا التجربة بنفس المكونات والسياسات ولا يريد لهم فى النهاية أن يكونوا غاضبين، أو ينتظر منهم رضا على ما رفضوه من قبل، فهذا لن يحدث.
فإذا كان البلد يحتاج لشىء بجد فهو محتاج لتغيير عميق فى سياساته، وهذا أهم من تغيير الوجوه والأفراد والأشكال، من الطبيعى أن أى سياسات جديدة تحتاج لأناس مؤمنين بها، ولن تأتى بالقدامى الذين تم تجريبهم لينفذوا سياسات جديدة، وكل واحد فى المصريين ابن خبرته وقناعاته وانحيازاته، بمن فى ذلك الاثنان المرشحان، عندهما خبرات شكلت وجدانه وعقله ولديه اختيارات وانحيازات.
والسؤال الآن هل أستطيع أن أعتمد سياسات جديدة فى مصر؟ والإجابة نعم، لأنه لن ينجح شىء فى مصر إلا السياسات الجديدة، ومفتاحها فى كلمة هو الإرادة السياسية، فأنت يمكن أن تكون ديمقراطياً جداً ويمكن أن تكون قمعياً، والمناخ العام فى مصر فيه دوافع كافية لأن تكون ديمقراطياً، وأهمها أنك جئت بعد ثورتين قام بهما الشعب ضد الاستبداد، والثورة التى تحركت فى 25 يناير جزء كبير من سبب تحريكها هو شعور الناس بالامتهان من سلطة أمنية توحشت على حساب حقوق وكرامة الناس، فخرجوا فى 25 يناير، فأى عاقل يقول إنه لكى أدير هذا البلد جيداً، لا بد أن أحترم الحريات والحقوق، وأحرص على كرامة الناس، وأدعم الشرطة المصرية وأطورها مثلما سأدعم كل هياكل الدولة، فالمشكلة ليست فى جهاز الشرطة وحده وإنما فى كل الإدارة التى نقول عنها منذ سنين «الدولة العجوز.. أو الرخوة». وتجديد الإدارة فى مصر شرط لتحقيق أى برنامج بغض النظر عن ماذا تقول أنت.
■ وكيف يتم تجديد الإدارة فى «دولة عميقة»، مثل الدولة المصرية؟
- رقم واحد: علينا أن نكون مؤمنين بأن الدولة المصرية الوطنية الحديثة الكفئة الناجحة، هى الأداة الرئيسية فى المرحلة المقبلة، حتى يرضى الشعب وتتحقق أهداف الثورة، ولكى يشعر الشهيد أو المصاب بأن ما استشهد أو أصيب من أجله تحقق. كل ذلك مفتاحه دولة ناجحة، وضع تحت «ناجحة» مائة خط، ودولة شابة مكان الدولة العجوزة التى شاخت على كراسيها، دولة حديثة بكل معنى الكلمة فى طريقة الإدارة، وهذا يحتاج لمواصفات الدولة الناجحة التى ليست سراً، فالسياسات الصحيحة معروفة لدى قطاع واسع من المصريين بالبداهة الشعبية الذكية، وعند أغلبية خبراء وعلماء وسياسيى مصر من الدارسين، وخططها موجودة، لكنها لم تجد أبداً إرادة أن تُطبق، وعلى سبيل المثال لا يمكن أن تكون هناك دولة ناجحة، وسوس الفساد ينخر فيها. إذن التصدى للفساد وتفكيك دولته، شرط لإدارة ناجحة، لأننا موقعون على اتفاقيات لمكافحة الفساد، وإذا تأملت الوضع فى مصر، فستجد أنه لا يوجد أى جدية فى تطبيق التزامات مصر وتحويلها إلى تشريعات وطنية، وبرنامجى فيه خطة جادة لتفكيك الفساد فى الدولة المصرية.
هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، قال إن كلفة الفساد فى مصر حوالى 200 مليار، ورأيى أن «بلوى الفساد»، هو أن الرقم الذى تخسره فيه أكثر بكثير من الرقم بالجنيه، لأن الفساد معناه ليس فقط الخسارة المالية التى يمكن حسابها، وإنما هناك خسارة أخلاقية مهولة، وهذا يؤثر مباشرة على ما يسمونه فى أى علم للإدارة ب«الدافعية»، فأنت ستبنى هذا البلد بناسه، وعندما يشعر ناسه بأنهم يعيشون فى دولة نظيفة، سيكونون مستعدين لأن يستيقظوا من الساعة 5 صباحاً بل وقبلها لكى يعملوا، لكن لو أردت أن تقول لهم استيقظوا 5 صباحاً وامشوا على أرجلكم إلى الجامعة، وهم يرون أن هناك من يأخذون ملايين بالباطل والفساد، فإن الدافعية لن تكون موجودة وليس من حقك أن تطالبهم بذلك.
وأنت الآن تقول مستحيل المصريين يعملوا ثورة ثالثة، ولكن أنت منذ أقل من سنة كنت تقول مستحيل المصريين يعملوا ثورة ثانية ويشيلوا مرسى، وكان ساعتها الكلام يبدو منطقياً، ومع ذلك عملوا هذه المعجزة، وقبل 25 يناير كان يُقال مستحيل المصريين يتخلصوا من مبارك، وأن مبارك هو المكتوب لنا، و«اللى مصروف لنا» بعده ابنه جمال بالتوريث، وكان هناك قليلون يقولون «لا»، وكان لدى هذا اليقين أنهم لن يكملوا، ولا يوجد شىء فوق إرادة ربنا وهذا الشعب، وبالتالى من الممكن تكون هناك ثورتان ثالثة ورابعة.. ورأيى أن دوافعها أكثر، لأنك عندما تبنى ستتردد لكن بعد ما ترمى الأساس ستخسر الذى رميته فى الأساس، وبعدما تبنى أول دور ويقولك مفيش بناء، والشعب المصرى رمى الأساس، وبنى السقف ويريد أن «يشطب» لكى يسكن، ولن يكون من السهل أن يتراجع، وهناك أجيال جديدة، وتحديداً هذه الأجيال، لأن الروح والمزاج النفسى الحريص على الثورة هو بطبائع الأشياء فى الدنيا كلها مرهون بالشباب، وهذه الأجيال الجديدة لن تسمح لأحد بأن يغتال ثورتها، فهى خرجت ضد «مرسى» لأنه سرقها، ولن تسمح بأن تخمد الثورة أو تدفن.
وأريد أن أرجع إلى أن مشروعى وبرنامجى هو ضرورة وجود دولة ناجحة؛ يعنى خالية من الفساد، وفى برنامجى هناك مشروع إقامة المفوضية المصرية لتكافؤ الفرص ومكافحة الفساد.
وجوهر المشروع هذه الآلية الوطنية لمكافحة الفساد، هو أن يتم تمكين أجهزة مكافحة الفساد وأن تستقل، وتتمكن من أن تقيم الدعاوى القانونية بدون أخذ إذن من السلطة التنفيذية، فلا يمكن أن تكون رقيباً على الدولة، وعندما تكتشف فساداً تذهب لتستأذن سيادة الوزير فى أن تقيم عليه دعوى أو على «واحد تبعه».
والشىء الثانى أننا لن نتمكن من مكافحة الفساد بدون إصلاح نظام الأجور فى مصر وأن يتمكن كل موظف من ال7 ملايين موظف الموجودين فى مصر من أن يعيش بكرامة من مرتبه، فإذا كنت تريد أن تجعل هذا الموظف خادماً حقيقياً للناس وغير فاسد، فعليك أن تكفيه، وما سأوفره من مكافحة الفساد (200 مليار)، سأصرف ربعه على إصلاح نظام الأجور، والباقى سأنفقه على بناء المدارس وتحسين نظام الرعاية الصحية.
والخبراء الذين شاركوا فى كتابة برنامجنا الانتخابى وضعوا تصوراً عن حجم «الوفورات» التى من الممكن أن نحققها فى أول سنة بخلاف الإنتاج، وهى لا تقل عن 150 مليار جنيه، بمجرد اتخاذ بعض قرارات بالإرادة السياسية.
فهناك وفر ممكن تحققه من مكافحة الفساد، ومن ترشيد الإنفاق، ومن الدعم الموجه للأغنياء، مع الحفاظ على الدعم الموجه للفقراء وزيادته إذا لزم الأمر، ومن نظام ضريبى عادل، حيث يتضمن برنامجى توسيع قاعدة الضريبة، وتطبيق ضريبة متعددة الشرائح؛ وتصاعدية.. وهذا سيعطينا فرصة لأن تكون لدينا حزمة محفزات للاستثمار سنستخدم فيها النظام الضريبى، لتحفيز عمل مشروعات فى الصعيد، وذلك بتخفيض الضريبة 5% مثلاً إذا كان المشروع فى الصعيد، و5% أخرى كلما كان المشروع يستخدم طاقة نظيفة، و5% أخرى إذا وظف نصف عمالته من النساء مثلاً، وهنا سيكون لدينا وفر، ولكن يظل رهانى على ما يمكن أن يضيفه المصريون إلى اقتصادهم.
■ ألا ترى معنا أن المواطن يعطى صوته عادة للاستقرار؟
- هو يعطى صوته للاستقرار والستر ووظيفة ابنه.
■ ولكن هذا المواطن وأمثاله يعتقدون أن «السيسى» هو من سيمنحهم هذه الأشياء، لأن معه القوة والجيش؟
- الناس أملهم أو عشمهم أن هذا الرجل لو حكم، سيقوم بذلك، ولكن أيضاً يقينهم أننى لو حكمت سأفعل ذلك وليس العكس.
■ ولكنهم جربوه، ووقف بجانبهم فى 30 -6 وكانت روحه على كفه؟
- وهم جربونى أيضاً، فأنا كنت فى الميدان وروحى على كفى، أنا و30 مليون مصرى، فمن نزل لتحدى «مرسى» أولاً كان الشعب، ولحق به الجيش، وليس العكس، ومن كان يحمل روحه على كفه فعلاً، هم المصريون الذين كانوا واقفين فى الميادين يواجهون رئيس الجمهورية وجماعته المسلحة، وضمنياً أجهزة الدولة من الجيش والشرطة، لأنه كان رئيسهم، ولم يكن أحد يعرف هل سينحازون له، أم للشعب، وبعدما هذا الشعب أصبح طوفاناً، أخذ الجيش موقفه وانحاز للشعب، مثلما فعل فى 11 فبراير.
وانحياز الجيش فى هذه اللحظة للشعب، كان معناه أنه بعدما أكد الشعب إرادته بالملايين يوم 30 يونيو ضد «مرسى» وحسم المعركة، كان فى حاجة لمن يعلن النتيجة، والجيش دخل ليعلن النتيجة، وليس ليحرز هدفاً، فمن أحرز الهدف أساساً كان الشعب المصرى، فالأصل هو الشعب، ولا يصح فى الدعاية أن تنكر هذا الشعب، وتقول: «يا سلام على اللى حط روحه على كفه»، صحيح أن الجيش بأكمله وضع روحه على كفه، ولكن هناك من يستخدم ذلك لإنكار دور الشعب المصرى.
■ المواطن المصرى البسيط أيضاً كان يضع روحه على كفه فى «التحرير والاتحادية»؟
- لو لم تكن المواطنة «أم السيد» نزلت إلى التحرير أو الاتحادية كان يستحيل على عبدالفتاح السيسى تحريك جندى واحد خارج ثكناته، وهذا أمر إجابته قاطعة، لأن ذلك كان سيكون انقلاباً عسكرياً.. وهو لم يفعل ذلك، وكان يعرف أنه فى الوقت الذى كنا فيه نشكل جبهة الإنقاذ ضد الإعلان الدستورى، وندعم «تمرد» التى تنشأ كظاهرة شعبية ومظلة للمطالبة بإسقاط النظام، الجيش المصرى كان جيش النظام، ويقدم قادته التحية لمرسى، ونحن نهتف ضده فى الشارع، وهنا كان الشعب المصرى فى «وش المدفع»، والجيش انحاز له، فهذا شىء عظيم.
وبعض الناس عندما «يبقى عندها عشم» فى أن هذا الرجل سيكون «حنين» عليها، وعلى أكل عيشها فهذا من حقها، وأنا مستفيد من أن الناس ظنها حسن بالمرشح الآخر، لكن بالنسبة لى فى قضايا أكل العيش والعدالة الاجتماعية وحقوق الناس والفلاحين والعمال، الكلام بالنسبة لى لا يعتمد على مجرد العشم، فأنا تم اختبارى على مدار 40 سنة، كنت أناضل من أجل هذه القوى الاجتماعية بمواقفى وأدائى فى البرلمان واستجواباتى وطلبات إحاطتى، ومظاهراتى فى الشارع، ورأيى الذى أكتبه فى مقالتى فى الجريدة.
■ 40 سنة نضال، فيها معارك كثيرة، لكن يخيل لى أن الانتخابات المقبلة هى أصعب معركة ستخوضها؟
- أصعب انتخابات ولكن ليس أصعب معركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.