- جاستن بيبر؟!، هانا مونتانا؟! جاستن بيبر ال...؟، إحم. - آه، وساعات سبونج بوب. - سيبك من سبونج بوب دلوقتي، جاستن بيبر وهانا مونتانا؟!. كان هذا جزءاً من محادثة بسيطة دارت بيني وبين أحد الأطفال –كمان كان يطلق عليهم قديماً- من سن 10 سنوات، عندما سألته عن ما يحب مشاهدته على التلفاز والأغاني التي يفضلها، أصابتني إجابته بصدمة أعادتني إلى أيام طفولتي التي بدت لي في تلك اللحظة شديدة السذاجة والحمق، مجموعة من الأطفال المعاتيه تنتظر يوم الجمعة صباحاً بفارغ الصبر، لتشاهد برامج معتوهة يقدمها مجموعة من الكبار الأكثر عتهاً، فقط لكى يصيبونا بالتخلف العقلى، كم كانت طفولتنا رائعة! ولكن بالتأكيد بدا لي ذلك أنه أفضل من مشاهدة سخافات هانا مونتانا وهذا ال...إحم. لا يتعلّق الأمر بكون هذا الطفل مدللاً ولديه تلفاز في منزله، فمن المؤكد أن أقرانه في المناطق الشعبية يستمتعون الآن بالشيء الملعون المدعو بالمهرجانات بدلاً من الأشياء الأخرى الرائعة التي كان يسمعها من كانوا في سنهم في الماضي أياً كانت، الأمر سيان ولا يوجد فارق كبير. أذكر أننى عندما عدت إلى منزلى فى هذا اليوم أخذت أفكر فى الموقف وأحلله، ثم شعرت بحنين مفاجئ لأغنية المقدمة لمسلسل جرندايزر بصوت الفنان اللبنانى "سامى كلارك" صاحب الصوت الأسطورى، صحيح أننى وقت طفولتى لم أكن أفهم 90% من كلماتها ولم أكن أعرف اسم المغنى لكنها انطبعت في ذاكرتي بشكل ما، فقط لأبحث عنها بعد سنوات لاحقة على اليوتيوب وأسمعها لأدرك كم كانت أغنية راقية رائعة (وبالطبع لكى أقول لنفسى كم هى مقززة أغانى المسلسلات الكارتونية فى أيامنا هذه!). ماذا أصاب هؤلاء فعلاً؟ لماذا يبدو لى أن هناك عملية تسارع بشعة فى النمو حتى صار الطفل يتصرف كمن هو فى أوج مرحلة المراهقة؟ لماذا صار كل شىء الآن معقداً متشابكاً بينما كان فى الماضى بسيطاً وسهلاً ومباشراً؟ لماذا لم تعد تلك الأشياء الطفولية لطيفة بريئة ساذجة كما كانت وصار كل شىء به لمحة نضج وخبث مقززة مخيفة لا تستطيع تبيّن معالمها جيداً؟ ما الذى تغيّر؟ أو بالأحرى من الذى تغيّر؟ حكى لى أحد أصدقائى منذ فترة -وهو خادم بالكنيسة- عن موقف عجيب جداً حدث معه مع أحد أطفال المرحلة الإبتدائية، حيث اتصلت بصديقى هذا أخته لسؤاله عن شيء بينما كان بصحبة أحد الأولاد الصغار، وبعد أن انتهى من المكالمة سأل الطفل صديقى "كنت بتكلم مين يا أستاذ؟" فرد عليه صديقي "دي أختي يا حبيبي"، فوجئ صديقي برد الطفل عليه ضاحكاً ساخراً متغامزاً "أختك ولا زى أختك يا أستااااذ ؟" !!! عندما حكى لى صديقى القصة أول مرة ضحكت بشدة ثم أصابنى صمت وحالة "تناحة" مفاجئة، وقلت لصديقى "هو إحنا كان فينا حاجة غلط ولا هما اللى فيهم حاجة غلط؟ انا فاكر كويس إنى مخدتش بالى من وجود كائن إسمه بنات على كوكب الأرض غير فى أولى ثانوى تقريباً!" ضحك صديقى وقال لى "ما كلنا كنا كده، الظاهر إحنا جيل تعبان وعلى قد حاله!" لم أعلق بعدها لأنى لم أجد ما أقوله، حقاً لم أعد أفهم ما الذى تغيّر: العالم أم انا. (الآراء المنشورة كتبها القراء ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع وجريدة "الوطن"، وإنما تعبر عن آراء أصحابها)