على ما يبدو أن رجال الشرطة أعلنوا بقوة عودة هيبة الدولة فى الشارع المصرى بعد حالة الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد عقب الثورة، منذ أيام سقط نخنوخ أخطر وأشهر البلطجية، الذى روع الأمن على مدار سنوات طويلة، ويقال عنه إنه العصاة الأمنية التى استخدمها حبيب العادلى خلال توليه وزارة الداخلية من أجل تأديب معارضيه. وفى السياق نفسه، وبعد سقوط نخنوخ، نجحت الأجهزة الأمنية بمحافظة البحر الأحمر فى القبض على نخنوخ آخر، يدعى محمد عثمان عبدالعزيز عثمان، الشهير باسم محمد سمير، والسابق اتهامه فى 12 قضية متنوعة، مخدرات وسرقة بالإكراه وبلطجة، والمفرج عنه بعد الثورة بعد أن قضى 10 سنوات داخل سجن قنا، والذى اشتهر عنه أنه يتاجر فى المخدرات، واستولى على شقة سكنية مملوكة لمحافظة البحر الأحمر والهارب من تنفيذ أحكام نهائية بالسجن. وردت معلومات إلى اللواء مصطفى بدير، مدير أمن البحر الأحمر، بمكان اختفاء المسجل خطر بمدينة الغردقة، وأنه يقيم مع زوجته فى شقة سكنية فى منطقة الأحياء، وأن تحريات المباحث التى أجراها العميد جرير مصطفى تؤكد أن المتهم الهارب يتاجر فى المواد المخدرة ويحوز بعض الأسلحة بقصد الاتجار، فأمر اللواء بدير بسرعة ضبط المتهم المذكور، الذى كان قد اختفى عن الأنظار منذ لحظة الإفراج عنه بعد ثورة يناير. تم تقنين الإجراءات القانونية، وتوجهت قوة من مباحث قسم ثانى الغردقة بقيادة المقدم رضا النحاس مفتش المباحث، والرائد أحمد لاشين رئيس المباحث، والنقيب أحمد العزازى معاون المباحث، وقوة من الأمن المركزى، وبمداهمة منزل المتهم تم القبض عليه، والعثور على 190 قرصاً مخدراً و2 سيف ومطواة قرن غزال و2 شومة وخنجر و2 قطر حديدى وعدد من المقصات الحديدية كبيرة الحجم، وقطعة أثرية مقلدة، وتبين أنه يقيم فى شقة مملوكة للمحافظة، استولى عليها دون وجه حق، وجلس فيها عنوة وبلطجة، وتم اقتياده إلى قسم ثانى الغردقة، وهناك التقته جريدة «الوطن» وتعرفت على تاريخه الحافل بالإجرام. يقول نخنوخ الغردقة: اسمى محمد عثمان، وشهرتى محمد سمير مواليد 1980 بمحافظ الشرقية، وأعمل «فران» فى الأصل ومتزوج وأعول أربعة أبناء، مضيفاً «أنا من أسرة متدينة وفقيرة ومسقط رأس العائلة هو محافظة الشرقية ولم أتمكن من استكمال دراستى بسبب الفقر الشديد، الذى اضطر والدى أن يهاجر إلى مدينة الغردقة، وكان ذلك عام 1990، ولذلك خرجت من الصف الأول الإعدادى ولم أتمكن من استكمال تعليمى، وكانت طموحاتى أن أصبح ضابط شرطة، أحمل سلاحاً وأرتدى الزى الميرى، الذى كنت أحلم به منذ الطفولة، لكن الحكومة الطاغية والرئيس الجاحد مبارك كانا سبباً فى تحطيم أحلام وطموحات جيل عريض من نفس جيلى، وتحولت إلى لص وبلطجى بعد أن فشلت فى تحقيق حلم عمرى». ويضيف: «وقتها لم يكن أمامى سوى البحث عن لقمة العيش والثراء بشتى الطرق، ففى البداية كنت أعمل مع أبى «فران» فى مدينة الغردقة، ثم ابتسمت لنا الحياة وأصبحنا نمتلك ثلاثة مطاعم فى قلب مدينة الغردقة، لكن حظى العاثر دفعنى للتعرف على صديق السوء، الذى عرفنى على رجل مسئول كبير بالمحافظة كان يتاجر فى خيار البحر، وهى تجارة أخطر من تجارة المخدرات ممنوعة ومجرّمة، وعملت معه كباقى زملائى فى تهريب خيار البحر بكميات كبيرة، وكنت أحصل على مقابل مغرٍ وكوّنت ثروة». وتابع: «وفى إحدى المرات اختلفت مع صاحب العمل المسئول الكبير بالمحافظة، الذى كنت أعمل لصالحه فى التهريب، وقررت الانتقام منه، فتوجهت إلى منزله الذى كان يخفى فيه كميات كبيرة من خيار البحر، وقمت بسرقة البضاعة كلها وكانت كمية كبيرة وتوجهت إلى الجبل من أجل بيعها لحسابى، وهناك تم القبض علىّ ودخلت السجن، وتمت معاقبتى بالسجن لمدة ست سنوات وقضيتها فى سجن قنا العمومى وتعرضت للظلم، لأن الحكم لم يكن عادلاً، والسبب أن المسئول الكبير كان صاحب نفوذ وقرر الانتقام منى بعد أن خرجت من تحت عباءته». وأوضح محمد سمير: «لم أكن أعلم أننى سوف أتحول إلى مسجل خطر إلا عندما دخلت السجن، وتعلمت كافة أنواع الإجرام داخل السجن، هو أكاديمية لتعليم الإجرام، ويوجد بداخله كافة أنواع الموبقات والممنوعات أيضاً، وكنت أقضى عقوبة السجن ست سنوات، لكن تحولت إلى بلطجى وتاجر مخدرات بالسجن وعوقبت من داخل السجن بأربع سنوات إضافية ليكون إجمالى ما ضاع من عمرى بداخله عشر سنوات، لكن عندما خرجت عقب الثورة كان هناك العديد من الأحكام تلاحقنى، وهى عن جرائم سابقة، وبعد خروجى من السجن قررت التوبة، وعندما ضاقت بى الدنيا اتجهت نحو بيع الأقراص المخدرة لكى أسد احتياجات أسرتى، ولم أرتكب أى جريمة جديدة، خاصة أننى أصبحت أباً لأربعة أبناء». وعندما سألناه عن الأقراص المخدرة، التى تم ضبطها فى منزله اعترف بحيازته لها واعترف أيضاً بحيازته للسيفين والمطواة بقصد الدفاع عن النفس، معللاً ذلك بأنه لديه العديد من العداءات وأنه يحتفظ بهذه الأسلحة بقصد الدفاع عن النفس وليس بقصد ارتكاب أى جرائم جديدة. أكد محمد سمير، أنه يعشق ضباط الشرطة، ولذلك رسم وشماً على كتفيه عبارة عن ثلاث نجوم، وكتب أسماء جميع ضباط المباحث الذين ألقوا القبض عليه فى الماضى، لافتاً إلى أنه على صلة طيبة برجال الشرطة فى البحر الأحمر، وأنهم يقدمون العون والمساعدة لأطفاله عندما يدخل السجن. وبسؤال مفتش المباحث عن سلوكيات محمد سمير عقب خروجه من السجن بعد الثورة، أكد أنه كان هارباً من تنفيذ العديد من الأحكام الصادرة ضده، وأنه غادر الغردقة منذ خروجه، وعندما عاد تم القبض عليه لتنفيذ أحكام بالسجن سابقة صادرة ضده، لافتاً إلى أنه لم يرتكب أى جرائم عقب الثورة، مشيراً إلى أنه تم ضبط أقراص مخدرة وأسلحة بيضاء بحوزته لحظة القبض عليه. انتهت أسطورة محمد سمير، وتم إخطار النيابة العامة، التى أمرت بحبسه أربعة أيام بتهمة حيازة الأقراص المخدرة والأسلحة البيضاء، واتخاذ الإجراءات القانونية نحو ترحيله إلى السجن لتنفيذ الأحكام الصادرة ضده.