وائل جمعة: الاعتزال قرار نهائى.. ولا يوجد من يخلفنى

«صخرة» الدفاع المصرية ل«الوطن»: «اعتزلت عشان أريح اللى بيهاجمونى»

وسط الأفراح والاحتفالات والحفاوة الشديدة، آلاف الجماهير تهتف باسمه وترفع لافتات تُشيد به، واثق الخُطى يمشى نحو منصة التتويج، عيناه دامعتان تريان أجواء الاحتفالات من حوله ولا ترسلان إشارات لعقله، أذناه تسمعان ضجيج الجماهير وصيحات الانتصار لكن عقله لا يستوعب إلا قراره الحاسم المنتظر، صعد درجات السلم نحو المنصة، ورفع كأس السوبر الأفريقى، بصفته قائد كتيبة الأهلى، حمل الكأس بابتسامة غير مكتملة، معلناً عودة الأهلى لزعامة القارة الأفريقية.
دقائق أخرى مرت، وخلال المؤتمر الصحفى الذى أعقب المباراة، دقائق سكون دوماً ما تسبق العاصفة، ثم أفصح «الصخرة» وائل جمعة، قائد الأهلى والمنتخب المصرى، عن اعتزاله كرة القدم رسمياً نهاية الموسم الحالى، ووسط بكاء حار قال «لن أجد لحظة أنسب من هذه لإعلان اعتزالى نهاية الموسم». جمعة «قلب الأسد» الذى بكى بعد قراره الصعب، ووسط الدموع وعجزه عن الكلام اختص «الوطن» ليحكى ويبوح بكل أسرار وكواليس قراره بالاعتزال ومستقبل فريقه بعد رحيله.
■ ما شعورك بعد الفوز بلقب السوبر الأفريقى؟
- الحمد لله.. هى بطولة غالية وجاءت فى وقت مهم وصعب بالنسبة للفريق ككل، فالجميع فى النادى سواء مسئولون أو جهاز فنى أو لاعبون، بالإضافة إلى الجماهير، كنا بحاجة ماسة إلى هذه البطولة التى جاءت لتعدل مسار الفريق، بعدما تعرضنا لظروف صعبة خلال الفترة السابقة، أهمها اعتزال لاعبين مميزين فى الفريق بجانب غياب العديد من اللاعبين، بسبب الإصابة وهو ما أثر بشكل سلبى على الفريق.
■ وماذا بعد إعلانك قرار الاعتزال عقب نهاية الموسم؟
- قرار الاعتزال والابتعاد عن الملاعب صعب للغاية على أى لاعب كرة قدم، نتيجة الارتباط بالجمهور واللاعبين فى الفريق، ولكنها سنة الحياة، وأنا راضٍ تماماً عن نفسى عندما اتخذت هذا القرار، ولم أقصد به إفساد فرحة الجماعير كما ردد البعض.
■ هل ترى أنه التوقيت المناسب للاعتزال؟
- فكرت فى الاعتزال منذ فترة طويلة، ولكنى قررت اختيار اللحظة المناسبة، والحمد لله هذا التوقيت مناسب جداً، عندما أترك الأهلى وأنا قائد للفريق الفائز بدورى الأبطال الأفريقى وكأس السوبر وتربعه على عرش أندية العالم، من حيث الحصول على الألقاب القارية، أعتقد أن هذا يعتبر مسك الختام بالنسبة لمسيرتى مع الأهلى، والإعلان حاليا يمنح الجهاز الفنى ولجنة الكرة مساحة للبحث عن بديل وأن يتأقلم الفريق على غيابى بداية من الموسم المقبل، بعدما قدمت كل ما فى وسعى ولم يعد لدىَّ المزيد لأقدمه للأهلى بعد الموسم الحالى، وأديت واجبى وحان الوقت لترك الفرصة لغيرى.
■ البعض أكد أنك اتخذت قرار الاعتزال عقب مونديال الأندية لكنك أجلته بعد اعتزال أبوتريكة ومن قبله بركات؟
- هذه حقيقة لا يعرفها أحد، فقد اتخذت قرار الاعتزال بمجرد انتهاء مونديال الأندية بالمغرب، لكن واجبى ودورى كقائد للفريق منعانى من تنفيذ ذلك القرار، خاصة بعد اعتزال بركات وإصرار أبوتريكة على الاعتزال ورحيل حسام غالى من قبل، والفريق كان بحاجة لوجودى للم الشمل، لذلك فضلت مصلحة الفريق على مصلحتى الشخصية.
■ وهل قرار اعتزالك جاء بسبب قيام البعض بمهاجمتك عقب تعرضك لحالتى طرد فى الدورى؟
- رسالتى إلى هؤلاء الذين ينتقدوننى بداعٍ ودون داعٍ «أدينى اعتزلت علشان أريحكم»، أما من ينتقدنى بموضوعية ولديه ضمير فيعلم كم المجهود الذى أبذله مع فريقى، ويعلم أيضاً أننى تعرضت للظلم فى حالتى الطرد.
■ هل الفريق تأثر باعتزال بركات وأبوتريكة؟
- بالطبع اعتزالهما خسارة كبيرة للأهلى والمنتخب الوطنى، ولا أنكر أن الفريق تأثر كثيرا باعتزالهما كرة القدم، ولا أخفيك سرا أننى تحدثت مع الثنائى كثيرا للتراجع عن هذا القرار، لكن مثلما قلت لك الاعتزال قرار شخصى لكل لاعب وهو سنة الحياة، وبالتالى كل لاعب وجد أنه الوقت المناسب لقراره.
■ من اللاعب الذى تراه خليفتك فى الملاعب؟
- أنا شخصيا لست مقتنعا بمسألة الخليفة، فقد ترى فى لاعب أنه يشبهك فى أسلوب اللعب، لكن الظروف لا تساعده أو تسعفه أو لا يطور من أدائه، لذلك أتمنى أن تسير الأمور بشكل أفضل فى السنوات المقبلة ويظهر لاعبون مميزون.
■ كيف ترى مستقبل الأهلى فى السنوات المقبلة؟
- النادى الأهلى دائما له هدف واضح ولن يسير سوى على طريق البطولات، لكن طبيعة كرة القدم لا يوجد فريق يفوز دائما، وبالتالى نحن نحقق البطولات ثم نبنى فريقا ليحقق البطولات وهكذا.
■ تدربت مع العديد من المدربين مثل جوزيه والبدرى ويوسف وحسن شحاتة، فما تأثير كل منهم فى شخصيتك كلاعب وكإنسان؟
- علاقتى بهم جميعا جيدة، وتعلمت من كل شخص منهم الكثير، وتربطنى بهم علاقة قوية على المستوى الشخصى، خصوصا أننى أؤدى عملى المهنى فى الملعب على أكمل وجه، وعلاقتى بهم مبنية على أساس الاحترام، بداية من جوزيه وحسن شحاتة، مرورا بالبدرى، وانتهاء بمحمد يوسف، وتعلمت منهم التحدى وحب البطولة.
■ حققت كل الألقاب مع الأهلى والمنتخب، لكن يبقى حلم المشاركة فى المونديال فكيف ترى ذلك؟
- اللعب مع المنتخب الوطنى فى كأس العالم خاصة فى البرازيل 2014 بمثابة الحلم الضائع بالنسبة لى، فكنت دائما أحلم باللعب فى المونديال، وأحيانا تكون سيرة المونديال محزنة بالنسبة لى وتؤلمنى بشدة، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وأنا سعيد بكل ما حققته فى كرة القدم وتحديدا مع الأهلى والمنتخب، وما لم أحققه فهو ليس مكتوبا لى.
■ كيف ترى مشاركة المصرى البورسعيدى فى الدورى هذا الموسم؟
- مشاركة المصرى البورسعيدى فى الدورى أمر صعب علينا جميعا كلاعبين فى صفوف الأهلى، خاصة أن الجانى لم يعاقب حتى الآن، وأسر الضحايا لن تهدأ النيران بداخلهم سوى بالقصاص، فالأمر لن ننساه ولن ينساه كل إنسان ضميره حى، ونحتاج لسنوات وسنوات حتى نستطيع التأقلم، لكننا لن ننسى شهداءنا ولن ننسى مجزرة بورسعيد التى ستظل عالقة فى الأذهان، لذلك وجود الأهلى فى مجموعة والمصرى فى مجموعة أخرى أمر جيد.
■ وماذا لو حدث ذلك أو واجه الأهلى المصرى فى السنوات المقبلة؟
- لا أستطيع التنبؤ بأمر معين، لكن كل ما أستطيع أن أقوله إن القصاص هو الحل الوحيد حتى تهدأ النيران بداخلنا، وربما يستطيع الزمن أن يداوى الجرح، مع أنه أمر صعب مثلما قلت لك فى البداية.
■ كيف تنظر لمسيرتك الطويلة داخل الفريق؟
- عندما انتقلت إلى الأهلى كان أسعد يوم فى حياتى بعد ارتداء قميص الفريق، وقضيت أسعد أيام حياتى داخل النادى الأهلى، وأعتقد أنها كانت مسيرة طيبة للغاية حققت خلالها العديد من البطولات والألقاب وأنا سعيد للغاية بهذه الفترة من حياتى.
■ ما خطوتك القادمة بعد الاعتزال فى نهاية الموسم؟
- لم أحددها حتى الآن، وأحاول التركيز لإنهاء الموسم بشكل جيد ليكون ذلك أفضل وداع مع الجماهير، ووقتها سوف أحدد وجهتى ولكن بعد نهاية الموسم الحالى.
■ نعود إلى السوبر كيف ترى فوز الأهلى بهذه البطولة؟
- كنا فى حاجة إلى فوز يعيد الثقة إلى اللاعبين ويجدد العلاقة القوية مع الجماهير، والبطولة جاءت فى وقت مناسب للغاية، بسبب ما نتعرض له من انتقادات فى الفترة الأخيرة، والفوز بالسوبر أثبت أن ما يمر به الأهلى من ظروف لا يمكن أن يؤثر فى فريق بطولات يسعى دائما إلى المنافسة على الألقاب.
■ وكيف كنتم تنظرون للمباراة قبل بدايتها؟
- خارج الفريق كان الكثير يتوقعون خسارة الأهلى للقب، من واقع مباريات الدورى، ولكن داخل الفريق كان لدينا طموح وتفاؤل قوى بالفوز، خاصة أن معظم البطولات التى فاز بها الأهلى جاءت فى ظروف عصيبة للغاية ووسط انتقادات كبيرة، وتعاهدنا على أن نكون 11 مقاتلا فى الملعب، لكى نضمن الفوز بالبطولة وهو ما تحقق وأثبت لاعبو الأهلى جدارتهم بثقة الجماهير.
■ البعض أكد أن الفوز بالسوبر أنقذ نصف لاعبى الفريق من الرحيل؟
- هذا الكلام يتردد لهدم الفريق، فإذا كان هؤلاء اللاعبون سيرحلون عن الأهلى فمن سيلعب بعد ذلك؟ وهؤلاء اللاعبون هم الذين حققوا بطولة دورى أبطال أفريقيا منذ شهرين، وهم الذين شاركوا فى كأس العالم للأندية بالمغرب، ولم يكن لدىَّ شك للحظة فى العودة سريعا لمنصة التتويج، وإن كنت لا أنكر أن هذه البطولة خففت من الضغط العصبى والنفسى على اللاعبين.
■ هل واجهت هذه الضغوط من قبل؟
- نعم واجهنا هذه الضغوط عدة مرات، فقد عشناها عام 2003 عند بناء فريق جديد للنادى الأهلى قبل قدوم البرتغالى مانويل جوزيه، ثم عشناها فى بداية ولاية حسام البدرى، وها نحن نعيشها الآن، وفى كل مرة كنا نعود أقوى مما كان ونحقق مزيدا من البطولات.
■ ما سبب تدهور النتائج فى الدورى رغم قوة الأداء فى السوبر؟
- بالنسبة للدورى خسارة مباراة أو اثنتين لا تعنى أن الفريق قد انهار، وكل فرق الدورى تعرضت للخسارة ويمكن تعويض ذلك مع المباريات، أما فى السوبر فهى بطولة من مباراة واحدة وتحتاج إلى ظهور خاص، والفريق تأثر فى الفترة الماضية بعدة عوامل يعلمها الجميع، من غياب الجمهور وإصابات اللاعبين والأزمات المالية وغيرها من الأمور التى أثرت على الجميع داخل الفريق.
■ ما رأيك فى ظاهرة تكرار الإصابات بالفريق؟
- الإصابات ظاهرة تعانى منها كل أندية العالم، ولا يوجد فريق مكتمل الصفوف بشكل دائم، ولكن لسوء الحظ فى النادى الأهلى يوجد عدد كبير من اللاعبين المصابين، خاصة من أصحاب الخبرات فى وقت واحد، ولكن الفريق نجح فى التعامل مع الأمر الواقع من خلال دكة البدلاء واللاعبين الشباب، ولعل كثرة الإصابات كانت السبب الرئيسى فى تراجع النتائج فى الفترة الأخيرة.
■ ما سبب الهفوات الدفاعية للفريق فى الفترة الأخيرة؟
- الأخطاء أمر طبيعى فى كرة القدم، والأهلى يتميز بأنه فريق يسعى للفوز ولا شىء غيره، لذلك يعمل الجميع على أداء الدور المطلوب منهم، ولكن الهفوات لا يمكن أن تختفى تماماً وكل الأندية تعانى من ذلك وليس الأهلى فقط.
■ كيف ترى مستقبل خط الدفاع فى النادى الأهلى؟
- خط الدفاع يضم لاعبين مميزين للغاية، ولا يمكن لأحد أن يقلل من قيمة ومكانة محمد نجيب وشريف عبدالفضيل وسعد الدين سمير ورامى ربيعة، لأنهم لاعبون دوليون وشاركوا مع المنتخب الأول وشاركوا فى فوز الفريق بدورى أبطال أفريقيا والسوبر الأفريقى، وهذا يعنى أنه يملك أفضل الخطوط فى كل المراكز وبصورة لا تدعو للقلق على الإطلاق.
■ إذن لماذا يحتاج الأهلى إلى دعم فى هذا المركز على وجه الخصوص؟
- التعاقد مع لاعبين جدد مطلوب وبشكل مستمر فى الأندية التى تنافس على بطولات، لأن الفريق معرض وبشكل دائم لخسارة اللاعبين، سواء للإصابة أو الإيقاف، والنادى الأهلى يحتاج إلى وجود فريقين من اللاعبين الجاهزين أصحاب الخبرات، لأنه يشارك فى أكثر من بطولة، والبحث عن لاعبين جدد لا يقلل من قيمة الموجودين بقائمة الفريق فى الفترة الحالية.
■ هل يمكن أن يؤدى اعتزال اللاعبين الكبار إلى انهيار أسطورة الأهلى؟
- رحيل الكبار يترك أثرا كبيرا لا يمكن تجاهله، وهو ما ظهر بعد اعتزال بركات وأبوتريكة، ولكن الأندية الكبيرة تستطيع أن تعوض ذلك مع مرور الوقت، ولا يمكن أن يرتبط مصير البطولات بلاعب أو حتى بجيل كامل، لأنها سنة الحياة أن تتعاقب الأجيال، والحمد لله الأهلى ينجح فى دمج الأجيال بصورة مثالية.