بلهجة صعيدية، وملامح جنوبية، وقف «عبدالله محمود» العامل بأحد المنتجعات السياحية بشرم الشيخ، إلى جوار إحدى السيارات صبيحة التفجير، ممتعضاً، يتحسس طريقاً جديدة، لمدينة أخرى، باحثاً عن لقمة العيش، فكلما اندلع حادث، فقدت المنطقة التى يقطنها منذ عام 97، رواجها السياحى: «إحنا بتوع لقمة العيش بندوّر على شغلنا فى أى مكان، والحكاية فى شرم ماكنتش ناقصة، السياحة من بعد ثورة يناير وهى ميتة والضرب فى الميت حرام». محمود أربعينى السن، ترك بلدته فى الجنوب بقنا، ليلتحق بالمنطقة السياحية عاملاً، بأحد منتجعاتها، ليلاً، وفى الصباح يقوم بتنظيم السيارات فى أحد الجراجات «بنحاول نشوف لقمة عيش تانية، السياحة هنا بقت حاجة صعبة والعيشة أصعب»، رغم المسافة بين طابا الحدودية والمدينة الأكثر جذباً فى منطقة جنوبسيناء، لكن تأثير اندلاع أى حادث يلقى بظلاله عليها بشكل لا يقل عن المدينة نفسها، حسب روايته، «الطريق واحد واللى بييجى فى زيارة لطابا لازم يعدّى على شرم والعكس صحيح، وأى قلق هناك تأثيره على هنا بيوضح أكبر، لأن طابا بتشتغل على سياحة إسرائيل، لكن هنا الروس والآسيويين هما الأساس». ليلة أمس كان الرجل يحدث خاله عن وضع السياحة بعد التفجير، تدور بينهما همهمات حول المستقبل فى المدينة الساحلية، بعد الحادث الذى أعاد لأذهانهم ذكرى تفجير 2005: «شرم بتقوم وبتقعد، وتمسك نفسها وبيرجع الشغل.. والدنيا كل ما تدهور بترجع تانى لكن الوضع كده بقى صعب»، عايش الرجل جميع التفجيرات التى طالت سيناء فى السنوات العشر الأخيرة، ومع كل حادث يرحل إلى الغردقة، ويعود مع تحسن الوضع إلى شرم الشيخ، فهى بلدته الثانية، ولا يستطع مفارقتها «السياحة بقت فى شرم على قدها بس برده بلدنا وعيشنا فيها وأكلنا فيها عيش ومينفعش نسيبها خالص، لكن مكان زى اللى أنا شغال فيه لما يتأثر بالسياحة هل أنا أقدر أرجع لبيتنا ولولادى». خارجاً من أبواب مستشفى شرم الشيخ الدولى، بجلبابه الأبيض وعمامته البدوية، يخطو مسرعاً، على عجل، فشقيق الجبالى سليم، بدوى يعمل «مرافقاً» للسياح فى سانت كاترين، مريض وحجز بالمستشفى منذ أيام، حالة الطوارئ التى انتابت المستشفى أمس، كانت سبب معرفته بالأحداث والانفجار الذى وقع بطابا: «عرفت بالصدفة وطبعاً الموضوع هيطول الناس اللى زينا اللى شغالة مع السياح، الدنيا ماكنتش ناقصة، والوضع من الثورة وحتى الآن شبه معدم». على مقربة من أحد الأوتوبيسات السياحية، يقف رمسيس قنديل مرشد بإحدى الشركات السياحية التى تعمل داخل منطقة جنوبسيناء، يتحدث لسائح آسيوى، يحاول إقناعه بالاستمرار بالفوج السياحى، وعدم المغادرة إلى «إسرائيل»، لقضاء باقى الرحلة: «الدنيا كانت بدأت تقوم وتتعدل، واحدة واحدة والسياحة بدأت ترجع بشكل مش كبير بس رجعت شوية، التفجير الجديد فى طابا زوّد الطين بلة». يعبث بالملابس البدوية المعلقة على المحل، سعيد ناجى بائع بالسوق التجارى لشرم الشيخ، يناقش الزبائن فى سعر أحد المنتجات: «يا جماعة الحكاية مش ناقصة الدنيا واقفة والحاجة مركونة»، فالشاب العشرينى، يعيش فى شرم منذ فترة طويلة، يعمل بائعاً فى السوق، ممن عُرفوا فى شرم بالصعايدة، وهم العاملون فى شرم الشيخ وليسوا من البدو ولكن جاءوا من الصعيد للعمل والبحث عن الرزق. «الحال واقف لوحده وماكنتش ناقصة تفجير كمان»، يقولها بجبين مقطب ووجه متجهم، فالتفجير الذى هز طابا أمس الأول، يمتد تأثيره إلى كل مدن الجنوب السياحية حسب تعبيره، وكل الأماكن السياحية تستقبل تأثيره، مؤكداً أن نسبة الإشغال ستعود إلى وقت الثورة: «الدنيا اتقلبت بعد الثورة والشغل وقف وكانت الدنيا بدأت ترجع تانى لكن حكاية التفجير دى هتقضى على كل حاجة».