لطالما كانت الفرشاة والقلم أبلغ وسائل التعبير عن الرأي، دائما ما استطاعا التعبير عما عجزت عنه الألسن، فشُرعت قوانين تحترم حرية القلم الذي يكتب والفرشاة التي ترسم. وبما أن ديمقراطية الدولة تقاس بمدى حرية التعبير عن الرأي فيها، فقد شرعت الدول الديمقراطية والغربية على عدم تقييد حرية الرأي والإبداع، ونادرا ما توجد دعاوى تقييد الحريات في تلك الدول. أثار قرار محكمة الجنايات، اليوم، بحبس رئيس تحرير جريدة الدستور إسلام عفيفي، عاصفة شديدة ومخاوف متجددة من تقييد حرية التعبير والتعدي على حريات الصحافة، بخاصة بعد مصادرة أعداد من صحف مستقلة في الأيام الأخيرة. وتقول مجلة "بلومبيرج"، إن قرار المحكمة "أعاد للأذهان المخاوف من تكرار سيناريو حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وتقييد الحريات في عهده"، وتؤكد على أن "الضوء سُلط على حرية الصحافة بعد قرار المحكمة فورا". الكاريكاتير.. أبلغ الفنون تعبيرا عن النقد بما يفوق المقالات والتقارير الصحفية أحيانا، لا يحتاج لكلمات كثيرة أو عبارات لتوصيل فكرته، فهو مجرد "رسمة" تعبر بأفضل الأشكال عن فكرة. ولأنه فن نقدي بالمقام الأول، استطاع رساموا الكاريكاتير استخدامه سياسيا، فظهرت كاريكاتيرات تسخر من هذا الرئيس أو ذاك، وتتهكم على رئيس الوزراء الذي لحقت به فضيحة، أو أخطأ في التعامل مع موقفِ ما، ومع ذلك كانت تلك الكاريكاتيرات في حدود حرية الصحافة والنشر، عملا بمقولة "إن كنت مشهورا.. فعليك احتمال النقد واحتساب خطواتك"، ولم يتقدم أي من المتضررين بدعاوى قضائية تقيد حرية الرأي أو الصحافة. في الفترة الأخيرة، وبعد تراكم ديون الولاياتالمتحدة، وإخفاقات الرئيس الأمريكي باراك أوباما، من وجهة نظر معارضيه، ظهرت كاريكاتيرات لا تحصى تتهكم على أسلوب قيادته للبلاد، بدءا من تسببه في تراكم الديون وإقراره قانون الرعاية الصحية الذي تسبب في تراكمها، وحتى إظهاره بمظهر الخائف أمام وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، بعد إطلاقها كلبها الخاص عليه، والذي يظهر في شكل زوجها "بيل كلينتون"، الرئيس الأمريكي الأسبق. كاريكاتير آخر يظهر أوباما بمظهر الشخصية الأسطورية، "بنوكيو"، الذي كلما كذب طالت أنفه، فيظهره رسام الكاريكاتير الأمريكي راميرز، طويل الأنف، ويبدأ في شرح سبب طول أنفه لهذه الدرجة بعدة تصريحات يعتبرها الرسام كذبا، بدءا من الشفافية، وحسن سير القطاع الخاص في الاقتصاد الأمريكي، وحتى تصريحه بأن قانون الرعاية الصحية الجديد لن يزيد من أعباء الضرائب، وارتفاع نسبة البطالة في الولاياتالمتحدة في عهده، وإلقائه باللوم على فترة سابقه "جورج بوش". أما رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني، فقد كان له النصيب الأكبر من الكاريكاتيرات التي تتهكم على أدائه، بخاصة بعد فضائحه المتعددة في الحفلات الخاصة التي كان يقيمها، فتارة يظهر في شكل تمثال عارٍ باستثناء الملابس الداخلية له، وينظر له عدد من المشاهدين، في حين يسقط سرواله الذي يحمل كلمة "الأخلاق"، في إشارة لسقوط المبادئ والأخلاق عنه. وتارة أخرى يظهر رافعا ب "حمالة صدر" بعد فضائحه المتكررة، ويكتفي رسام الكاريكاتير بكتابة عبارة "قريبا يستقيل سيلفيو برلسكوني الإيطالي". الرئيس الفرنسي الأول الذي لم يفز بدورة ثانية في الانتخابات الرئاسية، نيكولا ساركوزي، والذي أطاحت به الأعباء الاقتصادية التي اجتاحت أوروبا في السنوات الأخيرة، لم تخلُ قائمة البحث عن المعلومات عنه من رسومات الكاريكاتير التي تتهكم عليه، فمرة تظهر قدم شخص ترتدي بنطال يحمل علم فرنسا، تطيح به خارج القصر الرئاسي، في إشارة إلى أن الفرنسيين أطاحوا به، وأتوا برئيس جديد، وأخرى يظهر فيها ساركوزي في إيحاء جنسي، ويتألم بسبب الإطاحة به. وعلى المستوى الإسرائيلي الداخلي، لم يتوقف رسام الكاريكاتير الإسرائيلي شلومو كوهين، من التهكم على أداء رئيس وزراءه بنيامين نتنياهو، فيظهره على أنه السبب في حادث السفينة التركية "مافي مرمرة"، التي شاركت في أسطول الحرية، وتعدت عليها البحرية الإسرائيلية، فتوفي ثمانية أتراك، حيث يظهر نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك، يخططان للعملية فيقول نتنياهو أنه سيتولى مشكلة مراقب الدولة، في حين أنه يطلب من باراك التنسيق مع البحرية الإسرائيلية، وكاريكاتير آخر يظهره بائسا يحمل لافتة "اركلني" على ظهره، وينظر إليه ساركوزي وأوباما بسخرية.