فاجأنى علاء الأسوانى بمقال نشرته «المصرى اليوم» بعنوان «ماذا تعرف عن مرض الكرسى؟» حمل فيه مهاجماً فئة المنافقين الذين يتبعون طريق التملق تقرباً من السلطة. وأقول فاجأنى «الأسوانى» بهذا المقال، لما ذكره به من صفات التملق وأعراض ما سماه مرض الكرسى. وكلها صفات تنطبق على «الأسوانى» نفسه وتدفعنا إلى الحكم عليه بالإدانة بنفس الحيثيات التى ذكرها هو فى مقاله. خاصة بعد أن تابعنا عن قرب موقفه المؤيد لترشح «مرسى» للرئاسة بل وتزعمه جماعة «عاصرى الليمون» ثم الاستمرار فى دعمه بعدها. ولكنه حين رأى بأم عينيه بوادر سقوطه شعبياً سارع بالارتداد عنه وإنكاره لكل ما كان منه من تأييد له، حتى إنه تجرأ لينكر أنه قابله ذات يوم رغم وجود الفيديو الذى يؤكد ذلك..!! والذى يعود إلى مقالات «الأسوانى» وتغريداته على «تويتر» أثناء الحملة الانتخابية ل«مرسى» سيجدها مؤيدة للرجل أكثر من تأييد أى إخوانى له أمضى عمره فى خدمة «التنظيم» الذى وصفه «الأسوانى» بعد ذلك ب«الفاشية»! قال «الأسوانى» إنه لن يخالف ضميره وسيعطى صوته ل«مرسى»، ولم يكتفِ بذلك بل نصب نفسه رأس الحربة فى حملة ضارية ضد منافسه أحمد شفيق. بذرائع وحجج ثبت بعدها أن المتهم كان بريئاً من كل تلك الاتهامات التى ألصقها به «الأسوانى». بل إن «مرسى» وجماعته كانوا الأحق بكل تلك الاتهامات من «شفيق». ليس هذا فقط بل سارع «الأسوانى» بتقديم التهنئة ل«مرسى» قبل أن يتم الإعلان رسمياً بفوزه. وحين أصدر «مرسى» قراره بإقالة «طنطاوى» ومجلسه العسكرى عبر «الأسوانى» عن ترحيبه بالقرار قائلاً إن «مرسى» يرسى دعائم الدولة المدنية، بينما كان الرئيس الإخوانى غارقاً فى خطته لتمكين إخوانه من السلطة! هكذا ظل «الأسوانى» داعماً ل«مرسى» وأهله وعشيرته طوال الوقت مسخراً قلمه فى خدمة قراراته حتى وإن كانت تتناقض مع أبسط قواعد الدستور والقانون، بل أبسط قواعد الديمقراطية التى اعتاد «الأسوانى» أن ينهى بها مقالاته، قائلاً: «الديمقراطية هى الحل»! على سبيل المثال حين قرر «مرسى» إعادة مجلس الشعب رغم حله دستورياً بقرار من أعلى محكمة فى البلاد، احتفى «الأسوانى» بالقرار واصفاً إياه «بأنه أول قرار مستقل لرئيس منتخب»، ثم هاجم الذين انتقدوا القرار وطالبهم بالاعتذار خجلاً.. ثم دافع «الأسوانى» عن فشل «مرسى» فى تنفيذ وعوده. مبرراً له ذلك قائلاً: إن وعود «مرسى» تحولت إلى صيغة «إن أمكن».. أى أن عدم تنفيذ «مرسى» لوعوده ليس تعبيراً عن عجزه وفشله بل تعبير عن تعذر وجود إمكانية فى الواقع لذلك! ماذا نسمى ذلك كله إن لم يكن هو التملق ونفاق السلطة ومحاولة التقرب منها طمعاً فى منصب أو انتظاراً لمكرمة. وكلها من أعراض مرض الكرسى الذى فاض «الأسوانى» وزاد فى إدانته؟! الغريب أن علاء الأسوانى لم يعتذر عن كل ما ارتكبه من أخطاء فى حق قرائه بحملات التضليل التى خاضها من أجل الترويج ل«مرسى» وجماعته، التى ثبت فيما بعد عدم صحة كل ما جاء فيها من آراء. فهو من جعل «مرسى» بضاعة رائجة فى سوق السياسة بينما كان الفساد يعشعش فى ثناياها العطنة. ولم يدر «الأسوانى» أن ثورة الشعب على «مرسى» كانت فى واقع الحال صرخة احتجاج بالإدانة لكل من باع لهم هذه البضاعة الفاسدة على أنها بضاعة «فرز أول»، حسب المواصفات القياسية! إذا كان الأستاذ حمدى قنديل قد اختار أن يتوارى عن الأنظار خجلاً من موقف مشابه لموقف «الأسوانى»، ولم يشأ العودة إلى الساحة الإعلامية مجدداً قبل أن يقدم اعتذاره للناس معترفاً بخطئه فى حقهم، فإن «الأسوانى» قرر أن يتجاهل فضيلة الأخلاق رغم أنه كاتب يعتبر الأخلاق قضيته الأولى، فاستمر فى الكتابة للقراء الذين ضربهم على قفاهم، فى موضوع أخلاقى يتعلق بنفاق السلطة وتملقها دون أن يدرى أن ما خطه بيمينه فى هذا المقال يعتبر دليل إدانة له هو نفسه قبل أن يدين غيره من الكُتاب. هكذا لم ينجح الكاتب فى تبرئة نفسه، كما لم ينجح فى إدانة آخرين، لأنه لم يعتذر عن وجوده بينهم ذات يوم.. حقاً «الأخلاق هى الحل»..!!