شنت دار الإفتاء المصرية حربا لمواجهة الشائعات وانتشارها، على مدار الشهور الماضية، وأصدرت عدد من الأبحاث والبيانات والتقارير التي توضح تعريف الشائعات، والهدف منها وأنواعها، وأسباب انتشارها. وعرفت الدار الشائعات بأنها تدويرٌ لخبرٍ مختَلَقٍ لا أساس له من الواقع، يحتوي على معلومات مضلِّلة، باعتماد المبالغة والتهويل في سرده، وهذا الخبر في الغالب يكون ذا طابعٍ يُثير الفتنة ويُحْدِث البلبلة بين الناس؛ وذلك بهدف التأثير النفسي في الرأي العامّ تحقيقًا لأهداف معينة، على نطاق دولةٍ واحدةٍ أو عدة دول، أو النطاق العالمي أجمعه. - أنواعها وأكد مرصد الفتاوى التكفيرية التابع للدار، أن الشائعات تهدف إلى زعزعة استقرار الدول وإثارة الاضطرابات عبر الإشاعات والأكاذيب التي تروج لها على وسائل التواصل الاجتماعي ومنابر إعلامية خارجية ذات ولاءات أجنبية، تهدف إلى هدم جسور الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وإشاعة مناخ من التشكك والخوف الدائم من المستقبل، فهي نوع من الحرب النفسية. وأكد المرصد أن الشائعات منها استراتيجية: ويقصد بها الشائعات التي تترك أثراً دائماً أو طويل المدى على نطاق واسع، والتكتيكية: التي تستهدف فئة بعينها أو مجتمعاً معيناً لتحقيق هدف سريع ومرحلي، وصولاً إلى نتائج قوية وفورية لضرب الجبهة الداخلية، وربما الجبهة الخارجية أيضًا. - طرق مواجهتها شدد المرصد على أهمية وعي الأفراد والتمييز بين الشائعة والأخبار الصحيحة، عبر طرق ثلاث، أولاها مصدر الشائعة، التي تكون عادةً مجهولة المصدر وبلا دليل منطقي، مع المبالغة والتضخيم، أما الثانية، فتتمثل في هدف الشائعة، والذي يدور دائماً حول التأثير في الروح المعنوية وإثارة البلبلة وزرع بذور الشك، أما الثالثة فعن طريق التعرف على القطاع المستهدف، مثل السياسة أو الجيش، والأمن والاقتصاد، وربما أيضاً رموز الوطن، وقيمه العليا. ودعا المرصد، الأفراد، إلى التصدي لتلك الظاهرة وعدم تناقل الأخبار دون التحقق من مصدرها والوقوف على مدى صحتها، وكذلك عدم الخوض فيما ليس به علم ولم يقم عليه دليل صحيح. - حكمها وأكد المرصد، أن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، حرمت المشاركة في ترويج الشائعات والأكاذيب والأقاويل غير المحققة والظنون الكاذبة، فقد حرَّم الإسلام نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم في الدنيا والآخرة؛ فقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، وهذا الوعيد الشديد فيمن أَحَبَّ وأراد أن تشيع الفاحشة بين المسلمين، فكيف الحال بمن يعمل على نشر الشائعات بالفعل! كما أشارت النصوص الشرعية إلى أن نشر الشائعات من شأن المنافقين وضعاف النفوس، وداخلٌ في نطاق الكذب، وهو محرَّم شرعًا. - الوصف الشرعي لمروجيها وأشار المرصد إلى أن مروجي الشائعات وعناصر الحرب النفسية يصدق عليهم وصف "المرجفين"، والمقصود بالإرجاف الإخبار بما يضطرب الناس لأجله من غير تحقق به، والإرجاف هو إشاعة الباطل للاغتنام به، وقد نهى الشرع الحكيم عن هذه الصفة؛ "الإرجاف" فجاء في قوله تعالي: "ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين". - أسباب انتشارها أكت الدار أنه يساهم في سرعة انتشار الشائعة سببان رئيسيان: الأول هو أهمية الموضوع؛ فكلّما كان الموضوع ذا أهمية كثرت الشائعات حوله، والثاني هو قلة انتشار المعلومات الصحيحة عن هذا الموضوع. ولا ينبغي إغفال دور وسائل الاتصال الحديثة؛ فإنها تساهم بدورٍ كبيرٍ في سرعة انتشار الشائعة ووصولها لقطاعٍ عريضٍ من الناس، مشددا على ضرورة التصدي لنشر الشائعات التي جفَّف الإسلام منابعَها؛ فألزم المسلمين بالتَّثَبُّت من الأخبار قبل بناء الأحكام عليها، وأمرنا بِرَدِّ الأمور إلى أولي الأمر والعِلم قبل إذاعتها والتكلم فيها، كما نهى الشرع عن سماع الشائعة ونشرها، وذمَّ سبحانه وتعالى الذين يسَّمَّعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن.