قال محفوظ عبدالرحمن، الكاتب والسيناريست، إن حرية الفكر والإبداع فى مصر تتعرض إلى انتكاسة فاقت عصر مبارك، وإن إغلاق القنوات والتعرض للإعلاميين ينذر بكارثة تصل إلى حد الاغتيالات للمعارضين؛ مستنكرا أن تمارس جماعة الإخوان المسلمين وحزبها القهر والقمع للحريات العامة فى الوقت الذى كان يمارس ضدها العنف والقهر فهى تنقلب الآن على الماضى وتفقد أى تعاطف معها؛ مشيرا إلى أن ما تفعله الجماعة هو تصفية حسابات من خلال قوائم سوداء معدة سلفا. * فى البداية؛ كيف ترى حرية الإبداع والتعبير عن الرأى، بعد مصادرة الصحف وإغلاق القنوات؟ - من الواضح أن هناك إرهابا فكريا غير مسبوق، يُمارس ضد حرية الرأى والتعبير فى المجتمع من نظام جديد، كنا نتقبله بكل أسف على مضض لأنه جاء من خلال الديمقراطية والآن نفاجأ به يضيق ذرعا بأى معارضة ولا يتسع صدره لأى نقد، بل السلوك الموجود حاليا لدى الجماعة وحزبها «الحرية والعدالة»، هو سلوك عدوانى غير مبرر. * وما اعتراضك؟ على إغلاق القنوات الفضائية، أم تدخل الإخوان المسلمين فى شئون الإعلام؟ - على الرغم من اختلافى مع ما تقدمه قناة «الفراعين»، أو ما يقوله رئيسها، فإن من حقه أن يكون موجودا وألا تغلق قناته دون حكم قضائى؛ وما حدث كارثة؛ مثل تدخل «الحرية والعدالة» فى اختيار رؤساء الصحف القومية؛ وهو أمر غير مسبوق فى العالم، ناهيك عن الاعتداء على الإعلاميين والصحفيين ومصادرة الصحف؛ وكان من الأجدر بالإخوان والسلفيين أن يخرجوا فى قنواتهم ليوضحوا مواقفهم، بدلا عن الاعتداءات، لكن من الواضح أن الإخوان المسلمين التى مورس ضدها القهر وعانت منه لسنوات، هى من تمارس الآن القهر والقمع ضد المبدعين والإعلاميين فى أول فرصة؛ ما يعنى انقلابا من قبل الجماعة على الماضى، ولن يتعاطف أحد معها. * هل تتوقع مزيدا من القمع والمصادرة؟ - أرى أننا بالفعل ندخل فى مرحلة ظلامية يسود فيها القمع الفاشستى وتكبل فيها الحريات، من جماعة كانت تحتاج إلى معالجة سلوكية، والآن فى صدارة العمل العام، ولكنهم يدخلون مرحلة تصفية الحسابات والانتقام من كل من يعارضهم وينتقدهم، ولا يسمى هذا سياسة، ويعنى ببساطة أن هذه الجماعات لا تدرك معنى الحرية، ولا معنى العهد الجديد؛ خصوصا أن الناس فى البداية لم تكن ضد جماعة الإخوان؛ بل خرجوا لكى ينتخبوهم وكانوا ينتظرون منهم تصرفات إيجابية تجاه القضايا المحورية فى المجتمع، والآن خيبوا الظنون، وأدخلونا عهدا أسوأ من عصر مبارك فى قمع الحريات والتعرض للمعارضين والنيل منهم. * هل هناك قمع تمارسه الجماعات الدينية، ضد الدراما؟ - قمع الأعمال الدرامية أمر يجهز له الآن، وهناك أعمال درامية تخص هذه التيارات ينتجونها تمهيدا لعرضها الأيام المقبلة، وتحمل توجها معينا وتريد الوصول بأفكار دينية متشددة إلى البسطاء، وفى نفس الوقت تقصى أعمالا درامية أخرى وتمنعها من الظهور، ويرددون الآن عبارة «أنهم ليسوا ضد الإبداع، لكن فى حدود الثوابت والأخلاقيات»، وهم من يحددون الثوابت والأخلاقيات؛ ولولا انشغالهم بالسياسة لنفذوا هذا المخطط منذ فترة. * إلى أى مدى تستطيع تلك التيارات أن تحكم قبضتها على المجتمع؟ - مصر تعرضت لأكثر من ذلك، ولا يستطيع تيار بعينه أن يفرض رؤيته على المجتمع ولن يستطيع نظام إسلامى أو علمانى أن يفرض رؤيته على المصريين، والمشكلة فى أن التيارات الإسلامية تقدم العقيدة على أى شىء آخر حتى وإن كان الوطن، ونحن لا نعترض، ولكن نرى أن الوطن أولا. * كيف يكون الدفاع عن حرية الإبداع ورفض مصادرة الفكر والتنكيل بالمعارضين؟ - يكون من خلال تكوين جبهات تدافع عن حرية التعبير والرأى واتحاد الأقلام الحرة، التى لا تستهدف إلا مصلحة الوطن فى مواجهة تلك الانتكاسة؛ بعيدا عن المتلونين من الإعلاميين والصحفيين، واعتبار أن حرية الإبداع قضية مصيرية وأن قمع الفكر، هو إهانة لنا وللأجيال المقبلة واعتبارها معركة. * ألا تتوقع أن تكون هناك قوائم سوداء لدى الإخوان المسلمين خاصة بعدد من الإعلاميين وطرق التعامل معهم؟ - نعم هناك قوائم سوداء لدى من ينكرون حرية التعبير، ويمارسون الاستبداد بالنظام وبالقانون، ويخرجون فى مظاهرات يقودها قيادات من الحرية والعدالة للتعرض للإعلاميين، وإذا كنا رأينا إغلاقا للقنوات الفضائية والاعتداء على الإعلاميين، فلا أستبعد حدوث اغتيالات للمعارضين، ولكن لا أتمنى ذلك من جماعة مارست العنف فى الماضى وأدركت أن استخدامه لا يجدى.