توقعتُ قرار مجلس إدارة النادى الأهلى تجاه أحمد عبدالظاهر، لاعب الفريق، بعد تلويحه بإشارة «رابعة» عقب إحرازه الهدف الثانى لفريقه فى مرمى أورلاندو، بطل جنوب أفريقيا، وعلى الرغم من أن مجلس الأهلى راعى، لأبعد الحدود، لائحة الاتحاد الدولى، فإن الجماهير المصرية ولاعبى الأهلى شعروا جميعاً بقسوة وقوة العقوبة المتمثلة فى عرض اللاعب للبيع وتجميده وخصم 250 ألف جنيه من مستحقاته. والسؤال الذى يفرض نفسه: مَن الفريق الذى يستطيع أن يتقدم بطلب شراء للاعب؟ ومن سيدفع فيه خمسة ملايين جنيه قيمة ما دفعه الأهلى عند التعاقد معه؟ والإجابة: لن يتقدم أى نادٍ مصرى لشراء اللاعب، ليس لأسباب فنية أو أخلاقية، فاللاعب يتمتع بسمعة جيدة وأخلاق عالية، ولكن الأندية ستفضل الابتعاد عن المشهد تماماً، وكأنها لم تسمع بقرار الأهلى، خوفاً من الأبعاد السياسية، يعنى من الآخر اللاعب فى دورى من الاثنين، التركى أو القطرى، وهناك إشارة «رابعة» حلال ولا عقوبات عليها. أما البعد الثالث فى العقوبة فإنه لا يتقدم أى فريق للشراء، ووقتها سيستمر «عبدالظاهر» فى الأهلى، وبعد فترة قصيرة الموضوع بالكامل سينتهى وستظهر على الساحة قضايا أخرى وإشارات أخرى لتختفى واقعة اللاعب وتدخل طى النسيان.. والقضية هنا ليست إشارة «عبدالظاهر»، ولكن فى التركيز الإعلامى الشديد على الإشارة، فحديث الإعلام بكل أنواعه عن الإشارة هو السبب فى انتشار وتصعيد القضية، وأنا أعلم أنها ليست بسيطة، ولكن تجاهلها مع عقوبة مناسبة كان كفيلاً بغلق الباب أمام الجميع. إذا نظرنا إلى الموقف بشكل عقلانى نجد أن سبب أزمة إشارة «رابعة» هو وزير الرياضة نفسه طاهر أبوزيد الذى لجأ للتصعيد فى أزمة لاعب الكونغ فو محمد يوسف الذى عاقبه بالحرمان من تمثيل منتخب بلاده، وأوقفه سنتين، وهى عقوبة قاسية ومتسرعة دون أن يبلغ الأوساط الرياضية ويجتمع معهم ويطالبهم بفصل السياسة عن الرياضة، ولم تتدخل وزارة الرياضة إلا بعد حدوث الأزمة وكان تدخلها خاطئاً وقاسياً. وجاءت إشارة «عبدالظاهر» لتحرج الجميع، وزير الرياضة الذى رفع العقوبات لأقصى درجة فلم يجد أمامه مفراً من مواجهة إشارة «عبدالظاهر» إلا بالبيانات والتهديد والضغط على الأهلى لبيعه، وعلى اتحاد الكرة المصرى بالتحقيق معه، رغم عدم أحقية الاتحاد فى إعلان التحقيق مع اللاعب لأنه ليس الجهة المنظمة أو المشرفة، وأخيراً بقراره المتسرع أيضاً بحرمان اللاعب من اللعب لمنتخب مصر عامين دون الرجوع لأى قانون، بل فقط لإرضاء الرأى العام. إن مشكلة الوطن الحقيقية تكمن فى رغبة كل مسئول إرضاء الرأى العام وعدم الاعتماد على القانون، وكان يجب على وزير الرياضة إعطاء القدوة والمثل فى التعامل مع الرياضيين بالجلوس والتفاهم وتحديد لائحة عقوبات متفق عليها قبل أن تقع المشاكل، لأننا أدمنا التحرك المتأخر دائماً، ننتظر وقوع المصيبة أولاً ثم نتحرك بقوة عكسية لإرضاء الرأى العام، والرأى العام مع تجاهل القانون سبب خراب البلاد، البلد دى محتاجة قانون، وإذا كان محمد يوسف فى الكونغو فو البداية فلن يكون أحمد عبدالظاهر فى الأهلى النهاية، وأقول لوزير الرياضة: انتظر إشارات أخرى ل«رابعة» فى جميع المحافل الرياضية. القضية ليست إشارة «رابعة»، لأن «رابعة» نفسها انتهت، القضية هى التعامل مع الإشارة بالقانون، لأن لوائح الرياضة فى العالم بداية من الميثاق الأولمبى ونهاية بالاتحادات الرياضية تحرم استخدام شعارات سياسية أو دينية أو عنصرية، واللوائح تصل للإيقاف والشطب، فالقانون فى الرياضة جاهز، والاعتماد عليه والاستقواء به أفضل من التسرع، وإصدار عقوبات بقوة الرأى العام غير الثابت على موقف أو رأى.. وسبحان مغير الأحوال ومبدلها من حال إلى حال.