ربما استثقل البعض الذهاب إلى المساجد لأسباب مقبولة أو غير مقبولة، لكن الذى أذكر به إخوانى وأذكر به عموم المسلمين أنه لا رخصة للإنسان فى ترك الجماعة فى المسجد إلا لعذر قاهر، وأن الترخص فى الصلاة فى البيوت ولو فى جماعة أمرٌ مكروهٌ، وهذا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأعمى رضى الله عنه فيما أخرجه ابن ماجه يقول: قُلْتُ لِلنبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّى كَبِيرٌ ضَرِيرٌ شَاسِعُ الدّارِ وَلَيْسَ لِى قَائِدٌ يُلاَوِمُنِى، فَهَلْ تَجِدُ لِى مِنْ رُخْصَةٍ؟ قَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً». وأخرج ابن ماجة بسند صحيح عَنِ ابْنِ عَباسٍ رضى الله عنهما عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إِلا مِنْ عُذْرٍ». وأخرج أيضاً بسند صحيح عن ابْن عَباسٍ وَابْن عُمَرَ رضى الله عنهما أَنهُمَا سَمِعَا النبِى صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجَمَاعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُم لَيَكُونُنّ مِنَ الْغَافِلِينَ». كما أخرج بسند صحيح عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضى الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيَنْتَهِيَنّ رِجَالٌ عَنْ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ لأُحَرِّقَنّ بُيُوتَهُمْ». وأخرج مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضى الله عنه قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَداً مُسْلِماً فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِن، فَإِن اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنّهُن مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنكُمْ صَليْتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّى هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِى بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهّرُ فَيُحْسِنُ الطهُورَ ثُم يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلاّ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرجُلَيْنِ حَتى يُقَامَ فِى الصفِّ». إلى هذا الحد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظرون إلى جماعة المسجد على أنها فرقان بين المؤمن والمنافق، وكان المريض منهم يُحمَل إلى المسجد حملاً وهو غير قادر على المشى!. فإلى المساجد أيها الأحباب اعمروها بالصلاة والذكر والقرآن، وانطلقوا منها بالدعوة والتوجيه والإرشاد، وعودوا إليها مع كل نداء بالصلاة تغسلوا أرواحكم وتستأنفون حركتكم ونشاطكم، والله معكم، ولن يتركم أعمالكم.