عشت مع مسئولى اتحاد الكرة صباح الجمعة الماضى لحظات عصيبة، احتبست فيها الأنفاس خشية فشل حل أزمة ملعب مباراة المنتخب مع غينيا، وهو ما كان سيعرّضنا لعقوبات من الاتحاد الدولى «فيفا» تصل إلى خصم نقاط أو حرمان من التصفيات، أو المنع من خوض المباراة الفاصلة فى مصر. وتساءلت لماذا تسير كل الأمور لدينا فى اتجاه واحد؟، فالكل يعلم منذ أكثر من عام أن المنتخب لديه فى هذا التوقيت مباراة ربما تكون فاصلة فى حسم مسيرته فى التأهل إلى المرحلة النهائية، لكن الجميع تباطأ وألقى كلٌ بالمسئولية على الآخر حتى ظهر المُنقذ هانى أبوريدة عضو المكتب التنفيذى للاتحادين الدولى والأفريقى، الذى تدخّل لإنقاذ الموقف بنقل اللقاء إلى استاد الجونة، فحصل فى ساعات على موافقة الاتحاد الدولى جاءت مشروطة بإقناع الجانب الغينى بنقل اللقاء، ونجح «أبوريدة» رغم انشغاله بتمثيل «فيفا» فى احتفالات فلسطين بانطلاق موسم جديد بمكالمة تليفونية مع ساليفو كمارا رئيس الاتحاد الغينى فى حل الأزمة. ما فعله «أبوريدة» من نقل المباراة رغم أن ملعب الجونة غير مؤمّن وغير مدرج فى الملاعب التى اختارها المنتخب للعب عليه، إضافة إلى بُعده عن العاصمة نحو 600 كيلومتر، ومن حق غينيا أن ترفض، وتصر على اللعب فى برج العرب، ما فعله «أبوريدة» لمصر فشلت فيه تركيا التى لم تنجح محاولاتها فى تغيير ملعب مباراتها مع هولندا. وتخيّلوا لو لم يتدخل «أبوريدة» ويستغل علاقاته بالأفارقة، ويستغل نفوذه فى الاتصال بمسئولى الاتحاد الدولى، وكنا حتى وقت قريب نهتز عندما نسمع اسم «فيفا»، وكنا كذلك نفشل فى الوصول إلى مسئول بالاتحاد الأفريقى، لكن الوضع فى وجود هذا النموذج المصرى تبدّل، فهو يمتلك شعبية طاغية بالقارة، وعلاقاته داخل دولة «فيفا» متسعة ومتشعبة، بدليل أنه لعب دوراً كبيراً فى الفوز غير المتوقّع لقطر بتنظيم كأس العالم. لست فى حاجة إلى مجاملة «أبوريدة»، فعلاقتى به أكبر من ذلك، وهو ليس فى انتظار مجاملتى، فمناصبه ترفعه إلى مكانة يقدّرها العالم كله إلا المصريون وإلا ما حاربت الدولة ترشّحه لرئاسة اتحاد الكرة، وأتصور أن يتولى أى مسئول بارز فى الاتحاد الدولى للعبته رئاسة اتحاده المحلى، على اعتبار أن وجوده يضمن نجاحاً كبيراً للعبة، وهى التجربة التى عشناها مع الدكتور حسن مصطفى مؤسس كرة اليد المصرية الحديثة. وأخيراً فإن حديثى عن «أبوريدة» الممثل الأبرز للقارة السمراء فى دولة «فيفا»، لن يمنعنى من الحديث عن نموذج آخر يشرّف القارة، وهو منتخب الرأس الأخضر، مفاجأة التصفيات المؤهلة لكأس العالم، الذى أطاح بتونس العريقة، ولا جديد لدىّ لأقوله عن ذلك الفريق بعدما سبق أن خصّصت له مقالاً بتاريخ 29 يناير الماضى للحديث عن تجربة هذا المنتخب الذى فرض احترامه.