يحتاج الرئيس محمد مرسى ألف ألف يوم، لا مائة يوم لينقذ مصر مما هى فيه؛ لذا فإننى أشفق عليه من المسئولية الصعبة التى يحملها وأدعو الله أن ينقذ هذا الشعب الطيب من معاناة مقدم عليها إذا لم يتكاتف الجميع. لست من الذين يتمنون فشل الرئيس مرسى حتى لا تنجح تجربة الإخوان المسلمين، فيسيطرون على البلاد ويتحولون إلى استبداد جديد أخطر من القديم؛ لأنه باسم الدين، حتى لو كان لهؤلاء مبرراتهم بسبب تصرفات بعض المنتسبين إلى الجماعة، أو لتسرعها رغبة فى السيطرة على الأمور قبل أن تفلت من أيديهم ولشعورهم بأن بعض القوى السياسية والعسكرية تحلم بإزاحتهم عن المشهد تماماً ولو أدى الأمر لإعادتهم إلى السجون. أقول إننى لست من هؤلاء وإن كنت أتفق مع بعض انتقاداتهم ولكن حتى فى هذا الاتفاق لا أميل إلى تحميل الدكتور محمد مرسى -الرئيس- أوزار الجماعة حتى لو حاولت هى الاحتماء أو التباهى به. فالرئيس الآن غارق حتى أذنيه فى لعبة التوازنات السياسية، وأداء ما يتناقض مع ما يؤمن به كقيادى فى جماعة الإخوان المسلمين، دائما هو مضطر للتصادم مع القانون، ثم الرضوخ له، الاحتفال بثورة يوليو وهو يدينها، يوفد مندوباً للعزاء فى اللواء عمر سليمان، ولو كان بيده لذهب بنفسه، فرجل الدولة ينازع رجل الجماعة. رجل الدولة يتعامل مع أمريكا وإسرائيل كما يتعامل مع السعودية وقطر.. وما كان يمكنه قوله قبل الرئاسة لا يجوز أن يكرره أو ينطق به وهو رئيس دولة كمصر. الرئيس كشف أن الجماعة لم تكن جاهزة، حتى حكومة الجنزورى التى تظاهرت من أجل إسقاطها، وجاء ترشيحه لمنصب الرئيس بزعم أن العسكرى يرفض تغييرها، فهاهم -وها هو- يعجزون حتى الآن عن تشكيل حكومة تنفذ مشروعه لمصر. الرئيس مستنفد بين مظاهرات واعتصامات وإضرابات ومطالبات، مع حرصه على الحفاظ على إنسانيته بالبقاء بين أفراد أسرته أو الصلاة - كما اعتاد- فى المسجد المجاور للبيت. فشل مرسى وهو فى الأيام الأولى لحكمه -ويستحيل الحكم عليه الآن- لن يضر بجماعة الإخوان المسلمين -كما يعتقد البعض- ولكنه سيضر بمصر التى لا تحتمل المزيد من العبث أو الصراعات، وإذا كانت جماعة الإخوان المسلمين غير جاهزة لإدارة الحياة السياسية لمصر بعد الثورة، فمن يا ترى هذه القوة الجاهزة للنهوض بمصر؟ مصر لن تنجح بالإخوان وحدهم، ولا بأى قوة أخرى، بل ستنجو مصر لو ذابت القوى والتيارات والأحزاب وأجلوا أى صراعات أو مكاسب وساعدوا الرئيس فى العبور بالأزمة أزمة شعب يوشك أن ينهار من الكساد والفقر وفقدان الثقة. دعونا من أحاديث اللجان التأسيسية والأحكام الدستورية.. أطعموا الناس قبل أن يسدوا جوعهم بكم وبنا.. الطوفان يطرق الأبواب، فلا تفتحوا بل ابنوا السدود معا وخلفها أعيدوا بناء الوطن الذى يتسع للجميع.