هنا شارع المعز، هنا فقط يطل التاريخ من النافذة، ويأتى الحاضر من وجوه مصرية تعمل فيه. هنا شهر رمضان بروح مختلفة عن أى مكان فى القاهرة. «رمضان المعز» كما يطلق عليه أصحاب المحلات الموجودة فى الشارع، فالمكان بالنسبة لهم ليس مجرد أكشاك صغيرة ل«أكل العيش»، بل حياة جديدة مع بداية كل نهار وحتى مطلع الفجر. «المصرى هو الحل».. يقول «أحمد يوسف» الذى يعمل فى أحد بازارات شارع المعز، حيث استعد بكل جهده للشهر الكريم من خلال توفير متطلبات الزبون المصرى الذى ثبت بالفعل أنه «فاتح بيوتنا» على حد قوله: «إحنا فى رمضان بنعتمد على المصريين، هما اللى بيشتروا وبيفتحوا بيوتنا، بس عيبهم الوحيد إنهم بيفاصلوا كتير». استعدادات يوسف لا تتوقف على مجموعة الفوانيس الخشبية والنحاسية التى زين بها سقف البازار، فلديه أيضاً أطقم قهوة نحاسية. ويقول يوسف إن الفتيات اللائى سيُعقد قرانهن فى العيد يقبلن على شرائها، كذلك علب المجوهرات الصدفية التى تُوضع فيها «الشبكة»، أما الطبلة والعود فيشتريهما رب البيت المصرى ليرفه بهما عن أبنائه خلال وجبة السحور. يمشى «خالد محمد» شابكاً كفيه بيدى بنتيه التوأم اللتين تبلغان من العمر 9 سنوات، وهى عادته التى لا يغيرها. يصطحبهما أول رمضان إلى شارع المعز لشراء البُمب والصواريخ، وربما الفوانيس أيضا، كذلك تذهب البنتان إلى «الحنانة» لتزينهما بالرسومات الجميلة، ويصف خالد شارع المعز بأنه «أحلى خروجة فى العالم، ومتعة الدنيا كلها فيه». يعمل «شعبان إبراهيم» فى مطعم بجوار شارع المعز منذ أكثر من 16 عاما، حيث يستعد لرمضان قبل شهر من حلوله، واحتياجاته للمطعم تتضاعف كما يتضاعف زبائنه: «خلايجة ومغاربة وجزاروة.. كلهم بييجوا ياكلوا هنا فى رمضان». ويعتبر شعبان نفسه محظوظاً لأن عمله يتيح له الصلاة يوميا فى مسجد الحسين: «شغل تمام، وكمان باحسّ إنى واصل مع ربنا.. هو فيه أحلى من كده».