شاهدت مع مجموعة من الزملاء الإعلاميين والمثقفين والفنانين تفتيش حرب بالفرقة التاسعة المدرعة بدهشور.. فى أجواء تعكس دفء العلاقات بيننا وبين قيادات الجيش، التى وصلت إلى حرص معظم الضيوف على الصعود للدبابات والتقاط الصور التذكارية وترديد هتافات «الجيش والشعب إيد واحدة»، بل إن عدداً من الضباط تمسكوا بأن يكون الشعار «الجيش والشعب.. حاجة واحدة»، واستجاب الضيوف بحماس كبير. وقيمة هذه اللقاءات، كما قال الفريق أول عبدالفتاح السيسى، أنها فرصة لتطمئنونا علينا ولنا وعلى أنفسكم، بالإضافة إلى أنها تذيب «الجلطة النفسية» التى أصابت أفراد الجيش بسبب شعار «يسقط يسقط حكم العسكر». وتبارى المطربون فى إهداء الأغانى للجيش؛ مدحت صالح ومحمد فؤاد ومنى عبدالغنى وإيمان البحر درويش وغيرهم، حتى جاء ختام الحفل بكلمة صادمة للفريق أول السيسى، رداً على مداخلة للفنان عادل إمام أكد فيها وزير الدفاع أن تكلفة نزول الجيش للشارع ستعيد الدولة للخلف 40 عاماً، وأنه يجب فتح حوار سياسى وأن صندوق الانتخابات هو الحل، وبالطبع تدخل المفكر والمحامى رجائى عطية مؤكداً أن أحداً لم يطلب نزول الجيش، ولكن ضرورة حفاظه على الدولة التى تنهار، مشدداً على أنه يدرك وجود حسابات داخلية وإقليمية ودولية لدى القوات المسلحة قبل اتخاذ مثل هذه القرارات، وهو ما حرص السيسى على أن يرد عليه «لا توجد حسابات إنما إدراك من القوات المسلحة لدورها الحالى فى رفع كفاءة أفرادها بعد أن ظلوا فى الشارع 18 شهراً». بالطبع لم يعجب كلام السيسى معظم الحاضرين.. وأصر بعضهم خلال تناول الغداء على التعقيب؛ فقال الفنان القدير أحمد بدير «إذا كان نزول الجيش سيعيد مصر للوراء عشر سنوات، فإن ترك جحافل الظلام سيعيدها لعصر الجاهلية» بينما أكدت د. لميس جابر أنها مطمئنة بعد ما رأته فى القوات المسلحة، وتساءلت الزميلة الصحفية نشوى الحوفى بحدة: «هل يعاقب الجيش شعبه على اختيار مرسى؟.. عموماً الشعب سينتصر ومصر لن تتأخون»، أما المفاجأة فكانت من الطالب كريم بلال رئيس اتحاد طلاب جامعة عين شمس عندما قال «لن نترك فصيلاً واحداً يتحكم فى مصر.. وسنقاوم وسننجح»، وعندما يقول ذلك الشاب، الذى سعدت بمعرفته -وإن كان روى لى أننا عملنا معاً من قبل- هذا الكلام، وهم ممن لقنوا الإخوان درساً لن ينسوه فى انتخابات اتحاد طلاب مصر، الذى فاز برئاسته الطالب محمد بدران الذى حضر اللقاء أيضاً، فيجب أن نصدق هذا الجيل ونراهن عليه. المهم.. لم يجد السيسى أمام هذا الطوفان سوى تقديم الشكر للضيوف، مختتماً بكلمات «ما تستعجلوش.. ما تستعجلوش.. ما تستعجلوش» وهو ما أثار علامات استفهام كثيرة، وظلت التساؤلات بين الضيوف خلال رحلة العودة: هل يحث السيسى الشعب على النزول للشارع أولاً؟ أم هى رسالة طمأنينة لمرسى ونظامه وقوى خارجية؟ أم دعوة لحزب الكنبة بأن يشارك فى الانتخابات ليختار من يريده ويسقط من لا يريده؟. عموماً فإن الرحلة تركت لدى المتابعين انطباعات إيجابية فقد اطمأنوا على تماسك ووحدة وكفاءة قواتهم المسلحة التى تستطيع حماية البلد فى الداخل والخارج.. وأن الرهان الأول فى مصر مع التغيير يجب أن يكون على الشباب من أمثال «بدران» و«بلال»، الذين يجب أن تكون نقطة الانطلاق نحو التغيير من عندهم ثم تأتى أدوار أخرى!