ما زالت العقلية التى تدير الكرة المصرية كما هى، لا تنظر سوى تحت أقدامها فقط، وتنتظر حتى وقوع الكارثة وبعدها تبدأ البحث عن حلول وقتية ومسكنات، وتتناسى دائماً علاج الجرح من الأساس، لتتكرر مشاهد الألم والمرارة. قبل أشهر، كتبت عن العقول المشلولة التى تسيطر على المسئولين فى الدولة بصفة عامة، وأن أياً منهم لم يكلف نفسه لعلاج أزمة الألتراس التى تسببت فى كارثة بورسعيد ووفاة 72 مصرياً دون ذنب، ولكن ولأننا فى بلد لا يقرأ فيها المسئولون من الأساس، لم يلتفت أحد، وعندما عادت جماهير الأهلى للمرة الأولى بعد الكارثة، كادت تتسبب فى كارثة جديدة، وبالتالى جاء المسكن كالعادة لإرضاء بعض القيادات، بإقامة مباريات الدورى والمباريات الأفريقية دون جماهير لأجل غير مسمى، وهو ما يعنى إفقاد كرة القدم متعتها لأجل غير مسمى أيضاً. لم يسأل العامرى فاروق، وزير الرياضة، نفسه وهو يتخذ هذا القرار، هل هو عالج أزمة الجماهير وتأمين الملاعب قبل انطلاق النشاط، ولماذا لم يستغل فترة عام بالكامل توقف فيها النشاط لعلاج تلك الأزمة؟ وبعد ما حدث من جماهير الأهلى، هل طرأت بباله فكرة وضع خطة لتعديل سلوك الجماهير؟ وبالمناسبة هى ليست معضلة، لأنه لم يكن هناك أعنف من «الهوليجانز» فى إنجلترا خلال مباريات كرة القدم، ولكنهم عندما وضعوا أيديهم على المشكلة، نجحوا فى التخلص منها، أما نحن فما زلنا نتخذ قرارات لإرضاء من تعرضوا للإهانة من الجماهير، ونفكر فى الحل الوقتى فقط لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. الأغرب من ذلك، هى أزمة بدون لازمة أيضاً خلّفها حضور جماهير الأهلى لمباراة «توسكر» فى دورى أبطال أفريقيا، وهى تحطيم المقاعد وبلغت القيمة المستحقة على القلعة الحمراء 500 ألف جنيه، ونفس الأمر حدث مع الزمالك قبلها، الذى تم تغريمه مليوناً و250 ألف جنيه، قبل أن يتم تخفيضها، وأرى أنه بدلاً من إصلاح تلك المقاعد، كان يجب استغلال تلك التكلفة لتصميم المدرجات خلف المرميين بشكل يتناسب مع تشجيع جماهير الألتراس، كما حدث فى معظم ملاعب العالم. فالألتراس سيحضر المباريات عاجلاً أم آجلاً وبالتالى ستتحطم المقاعد مرة أخرى، ولذا فعلينا أن نعى تلك الأزمة ونحول المدرجات خلف المرميين إلى مدرجات معدنية أو حتى خرسانية على الطريقة التى كان عليها استاد القاهرة قبل إدخال نظام الكراسى عليه، حتى تصمد أمام انفعالات وتحركات الألتراس، وبالتالى نوفر على أنفسنا العديد من الخسائر سواء المادية أو البشرية ونخفف من على كاهل الأندية تلك التكاليف الباهظة. وبمناسبة التكاليف الباهظة، أهمس فى أذن اتحاد الكرة، ومن بعده وزارة الرياضة، أنه عليه الإسراع فى تطبيق نظام الاحتراف الحقيقى، وإلا فالأهلى سيقوم بإنشاء بطولات موازية كخطوة مقبلة، بعدما نجح فى تحريض عدد كبير من أندية الدورى على الانسحاب من كأس مصر بسبب عدم ملاءمة شروط البطولة لفريقه، لعدة أسباب من وجهة نظرى، أساسها أزمة الراعى وبالتالى فهو يرد الصاع صاعين لاتحاد الكرة، بعدما تعنت فى أزمة الرعاة بالدورى، فضلاً عن أنه لا يملك وفرة من اللاعبين تساعده على اللعب فى 3 بطولات (الدورى والكأس وبطولة أفريقيا)، وذلك بالإضافة إلى اعتراضه الدائم على سياسات اتحاد الكرة، وبالتالى فعلى الاتحاد تحصين موقفه بسرعة تطبيق نظام المحترفين الذى يحدد لكل فرد فى المنظومة دوره، بدلاً من أن ينفرد نادٍ بقرار معين وينساق وراءه آخرون، فى حين أن الزمالك وافق على المشاركة ومعه بعض الأندية، ليكون الشكل النهائى أشبه ب «السَّلطة»، وهكذا حال الرياضة المصرية فى العموم.. وللحديث بقية.