تلقيت اتصالاً من صديق يبدى تساؤلات وحيرة من مقال مُذيَّل باسمى، ويحمل صورتى على موقع «إخوان أون لاين»، ومنه انتشر إلى عدد من المواقع الإلكترونية الإخوانية، وأبدى اندهاشه من الأفكار الواردة فيه، واللغة التى كُتب بها. بحثت عن المقال حتى وجدته فى موقع «نافذة دمياط»، التى عرفت لاحقاً أنها تابعة للإخوان المسلمين. المقال الصدمة يحمل اسم «ثورة حقيقية حضارية وأخرى وهمية تخريبية»، قرأته مستغرباً عباراته وسطوره، التى تنضح شعبوية وديماجوجية، وتحمل آراء لا أؤمن بها، ولم تتسلل يوماً إلى كتاباتى. موقف غريب. تدليس، افتراء، تلفيق، قل ما شاءت. أعرف أن هناك صحفاً وصحفيين ينشرون أخباراً مفبركة، أو يروجون لأكاذيب، أو روايات مُجهَّلة المصدر، لكن هذه هى المرة الأولى التى -فى حدود علمى- أرى فيها مقالاً يُكتب لكاتب، ويُذيَّل بتوقيعه، وتتصدره صورته فى حين أنه لم يكتبه ولا يعرف عنه شيئاً. كثيرون لم يصدقوا هذا، مثلما فعلت فى البداية، حتى رأيت بعينى ورأوا بأعينهم، وقد تتبعت نشر المقال عبر المواقع الإخوانية. بدأت من 3 فبراير الجارى. الأمر لا يحتمل سوى احتمالين لا ثالث لهما: الأول: أن يكون هناك شخص دسّ المقال -بغرض الوقيعة- فى موقع «إخوان أون لاين»، وظن القائمون على العمل أننى صاحب المقال، فقاموا بنشره ومنه انتشر إلى بقية المواقع الإلكترونية. الثانى: أن يكون التدليس والفبركة من جانب الموقع الإلكترونى. فى كلا الحالتين ينبغى أن يكون لدى موقع «إخوان أون لاين» تفسير وبيان. نريد أن نسمع رداً شافياً، لأن الأمر يتعلق أولاً بالنزاهة الفكرية للشخص الذى جرى الترويج بأنه كاتب المقال الصدمة المزيف المهترئ الذى لا يروج للأفكار الواردة فى المقال أو يستخدم اللغة التى تشملها سطوره، ثانياً أمانة الكلمة والنشر والاتساق الأخلاقى من جانب منبر إعلامى إسلامى. إننى لا أريد تحويل الأمر إلى وقود إضافى فى المعركة بين الإخوان المسلمين والقوى السياسية الأخرى، لأنه أياً كانت هوية الموقع الذى اقترف ذلك فسوف يكون موقفى كما هو، لا يهم أن يكون إسلامياً أو علمانياً، الأمانة تسبق الأيديولوجية، والمجتمعات تُبنى بالقيم وليس باللافتات السياسية. ولكن حيث إن الموقع الإلكترونى يعرّف نفسه بأنه إسلامى، ينبغى أن يعتريه الغضب ويسعى لتفسير ما حدث، وكيف حدث، ويكون أسرع إلى تصحيح الخطأ، والاعتذار عنه إذا استوجب الأمر، والتقييم الذاتى منعاً لتكرار الأمر فى المستقبل. هكذا يكون رد الفعل المهنى الواعى. أما إذا صمت أو تجاهل الموقع الإلكترونى الأمر فإننى لن أمنع نفسى من الاعتقاد بأن المسألة منذ البداية مختلقة، مدبرة، ملفقة. مرة أخرى، القضية تتجاوز الخلاف الفكرى والسياسى، لتدخل مساحة مهمة من الأخلاق والقيم المهنية، التى لا ينبغى أن نختلف حولها، ونحتاج جميعاً للتطهر من الأخطاء والخطايا التى تجرح الذات الأخلاقية أو المهنية.