فى سيناء تتوقف الحياة مع غياب الشمس، ويخيم الظلام وتخلو الطرقات من المارة، فى ظلام الليل يستيقظ الخارجون على القانون، الحياة تتوقف مع غياب ضوء النهار، بينما كل ما يحلم به أهالى بعض المناطق الصحراوية فى سيناء توصيل الكهرباء حتى يستطيعوا حفر الآبار، وتركيب مواتير شفط المياه منها، والاستغناء عن المازوت، الذى يستعين به البعض عوضاً عن الكهرباء. الظلام لا يبعد عن مدينة العريش أكثر من 15 دقيقة بالسيارة، فى اتجاه الشرق فى قرية السكاسكة، وتحديداً فى تجمع تبارك السكنى الذى يمتد من الطريق الدولى وصولاً إلى شاطئ البحر المتوسط. يقول توفيق أحمد، أحد سكان التجمع: «كل ما نطلبه مد الكهرباء، لا نطلب المستحيل أو توفير شقق ومساكن لنا، بنينا منازلنا فى هذا التجمع بتراخيص رسمية من مجلس مدينة العريش ونريد من المسئولين أن ينظروا إلينا، ويحققوا حلمنا فى توصيل الكهرباء». بعد نصف ساعة من هذا التجمع يحيط الظلام بقرية الثومة التابعة لمدينة الشيخ زويد، ويستغيث الأهالى من الانقطاع الدائم للكهرباء بسبب تهالك محطات الكهرباء التى لم تجر لها الصيانة منذ تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلى، وأسلاك الكهرباء عارية، وتمثل خطراً كبيراً على حياة الأطفال. يقول محمد شهوان، أحد أبناء القرية: «شكونا مر الشكوى للمسئولين عن صيانة الكهرباء دون فائدة، قلنا لهم لدينا استعداد لتحمل مصاريف الصيانة ولكن لم يستجب لنا»، وأطلق الأهالى على مدينة الشيخ زويد، وخاصة الشارع الرئيسى فيها «مدينة الظلام» بسبب تكرار انقطاع الكهرباء بشكل شبه يومى. يقول إسلام محمد: إن «انقطاع الكهرباء تسبب فى احتراق الأجهزة المنزلية، وقدمنا شكاوى عديدة لا تجد اهتماماً من المسئولين». وعلى الشريط الساحلى الممتد من مدينة الشيخ زويد نجد حتى مدينة رفح الحدودية مع غزة يعانى المزارعون من انقطاع الكهرباء وضعفها، مما دفعهم إلى تشغيل معداتهم الزراعية، وأجهزة شفط المياه الجوفية بالمازوت، حيث يقول أحمد حسن أحد المزارعين: «لا نعرف ماذا نفعل فى البداية منعونا من حفر الآبار، وحفرناها بالجهود الذاتية، ومنعونا من توصيل الكهرباء إلا بتعقيدات وأسعار مرتفعة ورشاوى، وعند توصيلها قطعوها عنا، لا نعرف ماذا تريد الحكومة منا، هل لديهم رغبة فى استمرار إهمال سيناء، وتفريغها من المواطنين لإعادة احتلالها مرة أخرى؟». وفى المناطق الحدودية فى رفح، تعانى معظم المناطق من غياب الكهرباء وانقطاعها المتكرر، فى قرية شبانة التابعة لمدينة رفح يقول الأهالى: «لو وصلتنا الكهرباء سنحول القرية إلى جنة بالزراعة، ونحفر الآبار لكن دون جدوى لعدم وجود كهرباء لتشغيل مواتير الشفط». وعلى بعد مائة كيلومتر من ساحل البحر فى وسط سيناء منطقة صحراوية تشعرك أنك فى زمن العصور الوسطى، على طول الطريق أعمدة كهرباء، لكن دون أسلاك كهربائية، فى تجمع بئر بدا بالقرب من القسيمة كانت أقصى أمانى الأهالى توصيل أسلاك الكهرباء فى الأعمدة، ليستطيعوا حفر آبار المياه والزراعة، لتستمر الحياة، بدلاً من الموت جوعاً أو العمل فى التهريب. يقول الحاج سليم حسن: «كل ما نحتاجه توصيل الكهرباء فى الأعمدة حتى نستطيع العيش، ونحفر الآبار ويعمل أولادنا بدلاً من الاتجاه إلى التهريب، والموت فى مطاردات مع الأجهزة الأمنية من أجل توفير لقمة العيش».