الفيل أبوزلومة، كإعلام الحكومة؛ أذناه مفرطحتان، لكن سمعه ثقيل، له ذيل رفيع ينتهى بكمبوشة. يأكل كثيراً، ولا يخجله التخلص من فضلاته أمام الجميع. أنيابه قاتلة، إذا انغرست فى جسد سيئ الحظ الذى تطاله، لا يهتم على الإطلاق بمن يركبه فى الحديقة ما دام سيدفع المعلوم. صوته حاد وجلده سميك. السيد الذى يقوده هو دائماً من يحدد أين أو كيف أو متى يجب أن يسير أو يتوقف. عيناه ضيقتان، ولا يرى أبعد من زلومته. أبرز صفاته هى القدرة المذهلة على التسبب باستمرار فى اتساخ المكان المحيط. باستثناء مطربى الميدان، فإن الغناء الذى نسمعه حالياً كالأحرف المطبوعة على ظهر تذكرة الأتوبيس، نراها يوماً مئات المرات، لكنها -أبداً- لا تبقى فى الذاكرة. مرسى هو مرسى لا فائدة، صورة طبق الأصل من جميع الإخوان، كما لو أنهم جنيهات معدنية من تلك التى يجرى دقها فى دار صك العملة، لا فرق بالمرة بين الواحد والآخر. كلهم يتحدثون فى الفضائيات بنفس النبرة مستخدمين نفس الألفاظ أو الأكلشيهات البلهاء التى تشبه الطبيخ الحمضان، كلهم ينظرون بنفس الطريقة المراوغة الزائفة الغلاوية التى يفشلون فى إخفائها، كرمال الصحراء المجدبة هم، لا يستطيع أحد أن يرى فى بعضها ما ليس فى البعض الآخر، ولم أستغرب، فالذين يركعون لتقبيل نفس اليد، لا بد أن تتليف بنفس الدرجة أنسجة الكرامة داخلهم. صكوك الغفران لا تختلف عن صكوك الإخوان، إلا فى أن الأولى حدثت فى القرن الحادى عشر، بينما الثانية تأتى فى القرن الحادى والعشرين. هذا هو الفرق الوحيد. بما أن الاتجار فى الجنس لم يعد مربحاً بالقدر الذى يتناسب مع حجم الاستثمارات، نظراً لانشغال الناس بالغرائز الأكثر إلحاحاً، كالبحث عن أنبوبة البوتاجاز أو رغيف الخبز أو «جيركل» ماء نظيف، أو ربما أيضاً كنتيجة منطقية لهذا التدهور الحاد فى هرمونات الذكورة، فلقد امتد نشاط هؤلاء إلى سائر الميادين الأخرى، بما فى ذلك الاقتصاد والبيئة والتظاهر بالتدين على طريقة: «فتح عينك تاكل ملبن»، فضلاً بالطبع عن الخطب بلغة الكتاتيب أو ثقافة الهلضمة أو الطب بعقلية العطارين، وكقضايا قمع الطفل والمرأة والفقراء ومتحدى الإعاقة والمختلفين فكرياً. بمن فى ذلك المتشنجون فوق المنابر، أو المتخصصون فى مكيجة الوجوه الدميمة وترقيع الذمم. الدعارة بآلياتها المختلفة ليست حكراً على التعاطى الجسدى بمعناه المباشر. بل إن من المؤكد أن هذا الأخير هو الأقل تأثيراً فى منظومة التشوه العام، العبرة ليست بنوع السلعة المطلوب توصيلها إلى المنازل، أو حتى بمدى جودتها العبرة بأسلوب الأداء وخطورة المادة التى يحقنون بها الوعى الجماعى فى الوريد، بينما هو يغط فى النوم حالماً، أو مستحلماً بالرز مع الملايكة، أو على الأرجح بالحد الأدنى من العدل. فقط بالحد الأدنى من العدل. فى ظل نظام كالذى يحكمنا الآن يصبح الموت من أجل الوطن أسهل بمراحل من الحياة فيه.