أستاذ اقتصاد يُوضح أسباب انخفاض الدولار وارتفاع الذهب (فيديو)    توريد 85 ألف طن من محصول القمح إلى شون وصوامع سوهاج    ميدو بعد التتويج بالكونفدرالية: جمهور الزمالك بنزين النادي    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم بأسوان    ويزو: فيلم «اللعب مع العيال» حقق حلمي بالتعاون مع شريف عرفة    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    الديوان الملكى السعودى: الفريق الطبى قرر خضوع الملك سلمان لبرنامج علاجى    «الفن المصري الحديث».. «درة» متاحف الشرق الأوسط ويضم قطعا نادرة    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    الصحة: طبيب الأسرة هو الركيزة الأساسية في نظام الرعاية الأولية    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    قصواء الخلالي: نفي إسرائيل علاقتها بحادث الرئيس الإيراني يثير علامات استفهام    الاتحاد الفلسطيني للكرة: إسرائيل تمارس رياضة بأراضينا ونطالب بمعاقبة أنديتها    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    محافظ الوادي الجديد يبحث إنشاء أكاديميات رياضية للموهوبين بحضور لاعبي المنتخب السابقين    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    دعوة خبراء أجانب للمشاركة في أعمال المؤتمر العام السادس ل«الصحفيين»    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    «نيويورك تايمز»: هجوم روسيا في منطقة خاركوف وضع أوكرانيا في موقف صعب    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد الطاهرى يكتب عما دار فى العاصمة الأمريكية: «ثورة يونيو» من أوراق مكتب «الوطن» فى «واشنطن»
نشر في الوطن يوم 30 - 06 - 2016

كان يونيو 2013 غريباً كطقس العاصمة الأمريكية، واشنطن تشهد فيه الفصول الأربعة طوال ال24 ساعة.. وكانت مصر حاضرة فى فصول أمريكا الأربعة.. مؤتمرات وأوراق بحثية وندوات جميعها تتحدّث عن مستقبل العاصمة الأهم فى الشرق الأوسط.
جاء الاهتمام قبل اندلاع الثورة بأسابيع، وتحول إلى هوس حقيقى بعد بزوغ حركة تمرد.. كانت الأوساط البحثية والسياسية والدوائر الإعلامية تأخذ تمرد على محمل الجد، فى حين بدا الضباب مسيطراً على رؤية إدارة الرئيس باراك أوباما من جراء تقارير ثبت فى ما بعد عدم دقتها كان مصدرها «آن باترسون»، سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى مصر.
وداخل هذه التفاعلات كانت جريدة «الوطن» حاضرة تنقل كل كلمة تخص «مصر» وترصد كل سيناريو بحثى عن مستقبل «مصر» وتضع تحركات لوبى التنظيم الدولى للإخوان تحت المجهر الإعلامى.. واليوم وبعد ثلاث سنوات من انتصار إرادة الشعب المصرى فى ثورة يونيو نعيد قراءة أوراق الثورة الخاصة بمكتب «الوطن» فى واشنطن، الذى تشرّفت بتولى مسئوليته فى هذه المرحلة الفارقة من عمر هذا البلد العظيم.

«أوباما» تدخّل بنفسه لإنقاذ «مرسى» قبل 24 ساعة من الثورة وطالب القوات المسلحة المصرية بضبط النفس و تقارير السفيرة الأمريكية «آن باترسون» غير الدقيقة عن مصر ورّطت إدارة «أوباما» فى قرارات خاطئة
مراكز البحث الأمريكية أصدرت أكثر من دراسة عن «الإعلام المصرى» ووصفته بأنه أحد عناصر القوة الصريحة التى روجت ودعمت ثورة 30 يونيو
1 - أول مواجهة داخل الكونجرس الأمريكى يوم 20 يونيو 2013:
فى هذا اليوم، دعانى الدكتور وليد فارس، مستشار الكونجرس الأمريكى الذى ينتمى إلى الحزب الجمهورى لحضور مؤتمر مهم عن مصر فى إحدى القاعات الفرعية للكونجرس الأمريكى. وقال نصاً: «اليوم سنكشف تحالف أوباما والمرشد»، وبالفعل استمر هذا المؤتمر لمدة 10 ساعات، وخلاله فشل توماس ميلا، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان، فى إقناع الحضور، بأن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لا تنحاز إلى الإخوان المسلمين، بينما قال أمام الحضور إنهم كثيراً ما قاموا بالطلب والضغط على الرئيس محمد مرسى من أجل حفظ الحريات والمضى فى إجراء إصلاحات حقيقية، فرد عليه الحضور الذى تألف من 40 شخصية دولية، فضلاً عن أبناء الجالية المصرية: وماذا حدث بعد الضغط؟ وما النتيجة؟ وأثناء خروجه من القاعة، قال له أحد الحضور: أبلغ سفيرتكم فى مصر بأن «تخرس»، ولا تتحدث فى ما لا يعنيها. ولم يعلق المسئول الدبلوماسى الأمريكى. وخلال ساعات من المناقشات تحدث سبعة أعضاء من الكونجرس، موجهين انتقادات لاذعة إلى إدارة «أوباما»، وحمايتها ل«مرسى» والإخوان، مؤكدين أن مصر شهدت انهياراً فى الحريات، سواء حرية الإعلام أو حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، وكل ما ينضوى تحت لواء حقوق الإنسان، وفى مقدمتها حقوق المرأة، كما أن تحالف «أوباما» مع الإسلاميين فى الشرق الأوسط لم يعد سراً، وأن الولايات المتحدة والرأى العام الأمريكى سيظلان متمسكين بقيم أمريكا الداعمة للحريات. فى حين سرد جيمس والزلى، المدير الأسبق للاستخبارات المركزية الأمريكية، تاريخ أمريكا مع الإسلاميين فى المنطقة، وفترة مواجهتهم للاتحاد السوفيتى فى أفغانستان، وقال إن أفكارهم كلها معروفة وتاريخهم معروف، وعلينا أن نتساءل: ما الذى يدفع إلى التحالف معهم. أما نيد والكر، سفير أمريكا الأسبق لدى مصر، فقال إن الأفكار المتشدّدة التى يموج بها الشارع المصرى الآن غريبة عليه، وإن القوى الديمقراطية المدنية فى مصر تواجه مأزقاً بسبب عجزها عن مواجهة الدعم السعودى للسلفيين، والدعم القطرى للإخوان، فضلاً عن افتقاد المعارضة المصرية للقيادة الكاريزمية. وقالت الصحفية الأمريكية جتيس ميلير إن اللعبة الدولية الآن تستخدم الإسلاميين، فالسنة تدعمهم أمريكا، والشيعة تدعمهم روسيا.
محاولة «أوباما» الأخيرة لإنقاذ «مرسى» والصدام الأمريكى مع الجيش
2 - «أوباما» يتدخّل لإنقاذ «مرسى» قبل 24 ساعة من الثورة:
فيما كان المصريون فى واشنطن، وفى جميع أرجاء الولايات المتحدة ينتظرون قدوم فجر 30 يونيو.. قرر الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى كان يزور جنوب أفريقيا حينها أن يتدخّل بنفسه على خط الأزمة لإنقاذ «مرسى» والإسلاميين.. كان المتوقع أن تبدأ دائرة التصريحات الرسمية الأمريكية من وزارة الخارجية أو مستشارية الأمن القومى، لكنه قرّر أن يأتى الموقف الأمريكى من رأس الدولة الأمريكية، ووقتها طالب «أوباما» بالحوار بين جميع الأطراف، وطالب القوات المسلحة المصرية بضبط النفس.
كان التصريح مستفزاً لإرادة المصريين الذين تجمّعوا عشية هذا اليوم فى مبنى السفارة المصرية بواشنطن، التى قررت أن تحتفل مبكراً بعيد ثورة يوليو، لتزامن مجيئها مع شهر رمضان المبارك!!
فى هذا الاحتفال حضر أقطاب التنظيم الدولى للإخوان فى واشنطن، حاولوا رسم ابتسامة ثقة، بينما تحاشاهم كل الدبلوماسيين المصريين وغاب التمثيل الدبلوماسى العربى والخليجى على وجه التحديد رفيع المستوى فى هذا الحفل على النحو المعتاد.. وخلال الحفل جمعنى حوار عابر مع اللواء أركان حرب محمد عبدالعزيز، ملحق الدفاع المصرى آنذاك، سألته صراحة عن موقف القوات المسلحة.. ابتسم الرجل ورد بهدوء القوات المسلحة ملك الشعب، والذى سيقرره الشعب هو أمر للقوات المسلحة.
خارج بهو السفارة تجمّع عدد من أقطاب الجالية يدرسون تحركات مظاهرات 30 يونيو، وأنهم نجحوا فى الحصول على تصريح بالتظاهر أمام البيت الأبيض، وأن الحشود ستأتى من ولاية فيرجينيا وولاية ميرلاند ونورث كارولينا، وفى المقابل ستتحرك مظاهرات أمام مقر الأمم المتحدة، فضلاً عن استعدادات خاصة تجهزها الجالية المصرية فى لوس أنجلوس، وهو ما جرى وانطلقت المظاهرات على النحو الذى تم ترتيبه.
3 - الصدام المعلن مع «أوباما» بعد بيان 3 يوليو 2013:
لم يكن انتصار القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسى -رئيس الجمهورية المنتخب فى ما بعد- لإرادة الشعب المصرى وإعلان بيان 3 يوليو، الذى تضمّن خارطة الطريق بالأمر السهل على إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما التى دخلت مع هذا التاريخ معركة صريحة، لتطويق وتطويع الأمر الواقع فى مصر.. بدا الارتباك حاضراً على المستوى الرسمى الأمريكى وانتقل إلى شريحة كبرى من مراكز الأبحاث الأمريكية، لأكثر من سبب، أهمها أن عدداً كبيراً من هذه المراكز كانت تحصل على تمويل ودعم من دول تناصر حكم الإخوان فى مصر، ومن خلال هذا الدعم ظهرت شريحة متخصصة فى دراسات الإسلام السياسى، وبإعلان 3 يوليو أصبحت تلك الشريحة البحثية تواجه تهديداً فى مستقبلها السياسى والبحثى داخل واشنطن تماماً كما هو الحال للمتخصصين فى شئون الحرب الباردة بعد انتهائها.
مستشار بالكونجرس دعا «الوطن» إلى مؤتمر مهم قبل 30 يونيو وقال: «اليوم نكشف تحالف أوباما والمرشد»
فتحت بيوت التفكير الأمريكية نيرانها على ثورة يونيو، التى سمّتها انقلاباً عسكرياً، وتجاهلت ملايين المصريين الذين خرجوا للمطالبة بالتغيير، أصبحت أرقى المراكز البحثية الأمريكية صوتاً لأعضاء التنظيم الدولى للإخوان، بمعاونة شركات اللوبى والدعاية، ولم يكن لثورة يونيو صوت داخل الأوساط البحثية الأمريكية سوى الباحث المصرى المرموق الدكتور عادل العدوى.
فى هذه الأثناء اجتمع السفير ياسر النجار، نائب السفير المصرى فى واشنطن آنذاك -مستشار وزير الاستثمار حالياً- بعدد من الصحفيين المصريين، كنت أحدهم، أطلعنا خلالها على جزء من خطة التحرك الدبلوماسى داخل واشنطن والمعركة الشرسة التى تجرى.
بينما كانت تجرى جهود فردية من السفيرين هشام النقيب وماهر العدوى، ولعلها المرة الأولى التى يكشف فيها هذا الأمر.. كان «النقيب»، وهو حالياً مساعد لوزير الخارجية، قد حصل على إجازة دون راتب من وزارة الخارجية بعد تولى الإخوان الحكم وانتظم فى تدريس الدبلوماسية العامة داخل الجامعة الأمريكية بواشنطن، واستغل «النقيب» علاقاته مع عدد من الشخصيات الأمريكية المرموقة فى خلق مسار موازٍ لتوضيح الصورة الحقيقية فى مصر، وكان يعاونه فى ذلك وائل سنجر أحد أبناء «الخارجية المصرية» المميزين، بينما كان السفير ماهر العدوى يشغل آنذاك منصب نائب مساعد وزير الخارجية، وبالفعل قام بكتابة مقال فى صحيفة «يو إس توداى» الشهيرة لفضح ممارسات السفيرة الأمريكية «آن باترسون» فى القاهرة وتزييفها الحقائق التى تشهدها مصر.
4 - رسالة «السيسى» إلى «هيجل» بعد تعليق المعونة.. زمن المشروطية انتهى:
وصل شطط إدارة الرئيس باراك أوباما إلى الحد الذى دفعها لاستخدام ورقة المساعدات العسكرية مع مصر، وذلك فى إطار معركة تطويع الإرادة المصرية، فى هذا اليوم قام المركز الإعلامى للبيت الأبيض بعقد لقاء صحفى لتوضيح أبعاد هذا القرار والغرض منه، بينما كان «البنتاجون» يعلن عن اتصال هاتفى استمر لنحو الساعة بين وزير الدفاع الأمريكى «هيجل» ونظيره المصرى الفريق أول عبدالفتاح السيسى.
كان مضمون هذا الاتصال هو المهمة الصحفية الحقيقية التى سعينا إليها، ويبدو أيضاً أنها كانت تسعى إلينا.. وبالفعل أفادتنا بها مصادر مصرية مرموقة داخل واشنطن آنذاك، وقالت المصادر إن وزير الدفاع الأمريكى تشاك هيجل، أكد أن «البنتاجون» يضغط على الرئيس الأمريكى باراك أوباما لإعادة العلاقات العسكرية مع مصر إلى طبيعتها، وزيادة أوجه الدعم، وأنه أبلغ «أوباما» أن مصر دولة محورية لا يجب التخلى عنها، خصوصاً مع النجاحات التى بدأت تشهدها المرحلة الانتقالية، ورضا أغلبية المصريين عن خارطة الطريق. وأضافت أن «هيجل» أبلغ «السيسى» أن العلاقات ستعود إلى طبيعتها قريباً، وأكد «السيسى» خلال الاتصال أن عودة العلاقات لن تكون مشروطة من قبَل الأمريكان، وأن مصر ستواصل خطواتها للتعاون مع دول أخرى مثل روسيا، وغيرها. وتابعت المصادر: «السيسى جدّد رفض القوات المسلحة المصرية أى وجود أجنبى لمساعدته فى القضاء على الإرهاب فى سيناء، وقال إن على أوباما أن يدرك أن القوات المسلحة المصرية غير منفصلة عن إرادة الشعب المصرى». وأشارت المصادر إلى أن «السيسى» أوضح أن الجيش يؤسس حالياً لمرحلة جديدة فى ما يخص عمليات التسليح.
5 - عندما قال جاكسون ديل: لن نسمح بصناعة «ناصر» جديد فى مصر:
فى هذه الفترة بدأ اسم «السيسى» حاضراً فى كل الفعاليات التى تخص مصر ما بين الخوف والتشويه، خرجت عشرات الأوراق البحثية الأمريكية عن الرجل تحت غطاء التفكير فى مستقبل مصر، ثم تحول الأمر إلى حالة من الرعب الحقيقية ترجمتها حلقة نقاشية، نظمها معهد ماكين.
كان العنوان العريض للحدث «مصر.. هل الإجابة هى الجيش؟»، بحضور السيناتور الجمهورى جون ماكين، وأدار النقاش مذيع «فوكس نيوز» جان وليامز، وشارك فيها ميشيل دان، رئيس برنامج الشرق الأوسط فى المعهد الأطلنطى، وجاكسون ديل، نائب رئيس صفحة الرأى فى صحيفة واشنطن بوست، والمحلل السياسى وليام كريستول، رئيس تحرير صحيفة «ستاندرد»، والمحلل الاستراتيجى أنتونى كوردسمان. وبدأ المؤتمر بكلمة كارت فولكار، رئيس معهد ماكين، الذى أوضح الهدف من المناقشات، وهو بحث نتائج ما حدث فى مصر مؤخراً، والادعاء بأن «أمريكا تُقدّم ملياراً وثلاثمائة مليون دولار سنوياً إلى جيش أطاح برئيس منتخب». وألقى السيناتور ماكين كلمة مقتضبة، قال فيها إن مصر مركز المنطقة العربية، وما يحدث فيها يؤثر على جميع الدول المحيطة بها. ومهّد جان وليامز للنقاش بعرض التطورات التى شهدتها مصر منذ ثورة 25 يناير حتى يوليو 2013. وقال: «خرج الملايين إلى الشارع يطالبون برحيل (مبارك)، وانحازت الولايات المتحدة إلى ثورة الشباب، وطلبت رحيل (مبارك) فوراً، وبعد ذلك تولى الجيش تسيير الأمور حتى انتخاب محمد مرسى رئيساً للجمهورية بأجندة إسلامية فى أول انتخابات ديمقراطية تعرفها مصر، ثم حدثت احتجاجات شعبية ضد حكم (مرسى)، فتدخل الجيش وأطاح ب(مرسى)، والآن أصبح (مبارك) خارج السجن و(مرسى) والإخوان داخل السجون». ومن جانبه، قال جاكسون ديل إن «فى مصر يُصنع جمال عبدالناصر جديد، وهو الجنرال السيسى الذى وضع المصريون صورته إلى جوار صورة (عبدالناصر)، والكل يعلم ما يمثله نظام (ناصر) من فاشية لم تكن مقصورة على مصر، لكن امتدت إلى الكثير من الدول العربية، ومن ثم فلا يمكن أن تكون الإجابة فى مصر هى الجيش»، وأكد أن ما حدث فى مصر هو انقلاب عسكرى، وطالب الولايات المتحدة بأن تعلق المساعدات العسكرية المقدمة للجيش لحين العودة إلى المسار الديمقراطى، مؤكداً أن العسكريين فى مصر أخطر على إسرائيل من محمد مرسى والإخوان، مستشهداً بما أنجزه «مرسى» فى التوصل إلى اتفاق تهدئة بين حماس وإسرائيل. وقال «ديل» إن «هدم الأنفاق بين سيناء وقطاع غزة، وإن كانت تصب فى مصلحة إسرائيل ظاهرياً، إلا أن الجيش يقوم بذلك لتحقيق مصلحة أمنه القومى فى الأساس، وإذا كنا نتساءل عمن يمكنه إعادة الاستقرار والديمقراطية إلى مصر، فإننا نؤكد أن الإجابة لن تكون بحال من الأحوال الجيش، ولا ينبغى أن تعود مصر إلى الوراء، أو أن يسمح بظهور (عبدالناصر) جديد».
«جاكسون ديل» هاجم «السيسى» وقال: «لن نسمح بصناعة ناصر جديد وأكد: العسكريون أخطر على إسرائيل من الإخوان
6 - الإعلام فى مصر والإطاحة بالإخوان:
كان المؤتمر فى معهد ويلسون قريب التأثير من الكونجرس الأمريكى، وكان يتناول التغيير الذى حدث فى مصر، لكنه ركز على دور الإعلام المصرى فى دفع المصريين إلى الثورة.
فى هذا المؤتمر تم تشريح الحالة الإعلامية فى مصر، ونطاق تأثيرها وسيطرتها على الوعى الجمعى للمصريين، ونجح الإعلام فى كشف عورات الإخوان، بل أبعد من ذلك أنه خلق قناعة عند عموم المصريين، أن الإخوان والحظ السيئ وجهان لعملة واحدة، فضلاً عن ترويجه مصطلح «الخرفان» فى توصيف العقلية المغيبة لتابعى الإخوان فى مصر.
وانتهى المؤتمر إلى أن أى تغيير فى مصر يجب أن تكون فى صدارته «السيطرة على الإعلام».
بالتزامن مع هذا المؤتمر خرجت ورقة بحثية فى معهد واشنطن تتحدث عن الإعلام المصرى بوصفه أحد مراكز القوى فى مصر وصنّفت الورقة الإعلام المصرى إلى أنماط متباينة قادرة على مخاطبة الشرائح المختلفة داخل المجتمع المصرى وتشكيل وعيه وأن الإعلام المصرى بات أحد عناصر القوة الصريحة لثورة 30 يونيو، لأنه رغم التباين الفكرى بين الإعلاميين فإن جميعهم ينتمون إلى معسكر 30 يونيو.
واستشهدت الورقة المشار إليها بعدد من الإعلاميين المصريين ودوائر تأثيرهم، ثم انتقلت إلى رأس المال المسيطر على الإعلام المصرى وميوله، هذا التركيز على الإعلام المصرى وصل إلى مداه فى تقرير بحثى آخر كان قد أعده معهد دراسات الشرق الأوسط، وركز التقرير تحديداً على الإعلامى توفيق عكاشة، وأنه تمكن من هزيمة «البرادعى» فى مصر.
7 - مؤتمر معهد واشنطن عن المرشح الذى لا يُقهر:
بعد إعلان المشير عبدالفتاح السيسى ترشّحه لرئاسة الجمهورية، نشر معهد واشنطن ورقة بحثية تحت عنوان «السيسى لا يُقهر»، تم خلالها التسليم بقدرة الرجل وصعوبة مواجهته، الورقة أعدها الباحثان إيريك تريجر، وجيلاد ويننيج، أكدا فيها أن المشير عبدالفتاح السيسى وما يتمتع به من خلفية عسكرية ودعم من مختلف المؤسسات المصرية، لا سيما الأمنية منها تجعل فكرة الانقلاب عليه أمراً غير محتمل، لكن يبقى الوضع الاقتصادى أكبر تحدٍ سيواجه الرجل إذا ما أصبح رئيساً لمصر. وأضافت الورقة البحثية أن «السيسى» ليس مجرد شخص عادى على الساحة السياسية المصرية، بعد أن تحول من مجرد قائد عسكرى غامض عندما تولى مسئولية الجيش إلى حبيب للجماهير، وهو أمر يمكن تفسيره برصد المزاج الشعبى العام للمصريين، فبعد ثلاث سنوات من الاضطراب السياسى المستمر أصبحت هناك رغبة فى وجود رجل قوى، خصوصاً أن «السيسى» يمثل اختلافاً بمقدار 180 درجة عن محمد مرسى، الذى لم يصمد فى الحكم سوى 12 شهراً.
المثير ونحن نرصد هذه الورقة الآن أنه تم التركيز على الملف الاقتصادى كأحد أسلحة مواجهة شعبية «السيسى» وقيل نصاً.. إن هذه الشعبية التى يتمتع بها «السيسى» كما ارتفعت بشكل مفاجئ، فإنها معرّضة للتآكل بسبب الوضع الاقتصادى، وقد تخرج الاحتجاجات الشعبية عليه إذا لم يمتلك إجابات للأسئلة المصرية الملحة التى تتعلق بالبطالة المرتفعة بين الشباب والمعضلات الاقتصادية الأخرى، فضلاً عن الإصلاحات السياسية التى ينادى بها المصريون.
وجزم الباحثان أنه مع هذا، فإن «السيسى» لن يواجه مصير أسلافه إذا ما أصبح رئيساً لمصر، وسيكون الأكثر بقاءً فى السلطة كما أنه الأكثر حظاً بين المرشحين للرئاسة. وأشارت الورقة إلى أن الشعبية الجارفة التى جعلت «السيسى» معبوداً للجماهير انطلقت مع دور معلن فى الإطاحة بمحمد مرسى فى الثالث من يوليو 2013، فباستثناء «مرسى»، ارتبطت فكرة رجل الدولة لدى المصريين منذ عام 1952 بالعسكريين، وعزّز «السيسى» من هذه الصورة بالدور الذى اضطلع به فى إزاحة «مرسى» بعد احتجاجات جماهيرية، وبعد ارتفاع حدة المواجهة مع «الإخوان» وارتفاع وتيرة العنف والقتل بين رجال الشرطة وهجمات الجهاديين فى سيناء، حتى أصبح رجل الشارع فى مصر يطالب بوجود رجل دولة يستعيد الأمن والنظام. ورغم كون النسبة التى ترفض حكم العسكريين فى مصر الآن قليلة مقارنة بعام 2012، وفقاً لعدة استطلاعات رأى، فإنها قد ترتفع فى ما بعد، والمظاهرات الصغيرة اليوم قد تكون حاشدة غداً إذا لم تلبّ طموحات المصريين. ومع ذلك فإن موقف «السيسى» سيظل مختلفاً إذا ما واجهت حكمه احتجاجات شعبية مهما كان حجمها مقارنة بحسنى مبارك أو محمد مرسى، وذلك لأن كل الاحتجاجات الشعبية لم تنجح فى مصر، إلا عندما انحازت مؤسسات الدولة لها، ففى حالة «مبارك» جاءت الاحتجاجات الشعبية ومؤسسات الدولة ترفض توريث الحكم لنجله «جمال»، وفى حال «مرسى» اصطفت مؤسسات الدولة فى الاحتجاجات خوفاً من سياسة «الأخونة». لكن إذا ما أصبح «السيسى» رئيساً فإن كل مؤسسات الدولة، سواء الشرطة أو القضاء أو الأجهزة الأمنية الأخرى ستكون بجواره وموحّدة خلفه.
8 - لماذا نتذكر ونقلب الآن فى أوراق الثورة من واشنطن؟
انتهى عرضنا لقدر بسيط من الأحداث التى كنا شاهدين عليها تجاه ثورتنا العظيمة من داخل العاصمة الأمريكية.. لم يكن هدف العرض فقط مجرد الاحتفاء والاحتفال بنصر مصرى عظيم، لكن لتدبُّرها الآن بعد ثلاث سنوات على ثورة يونيو.. السطور السابقة حتى إن كانت واضحة فإن ما بينها يحمل بعض الرسائل التى تحتاج هى الأخرى إلى تسليط الضوء عليها، وهى من وجهة نظرى تتضمن الآتى:
لأول مرة.. نكشف دور السفراء «النقيب والعدوى والنجار» فى فضح ممارسات «باترسون» وإفشال الدعاية الإخوانية وقت الثورة و تفاصيل التحرّك الدبلوماسى المصرى فى واشنطن لتطويق الحملة على ثورة 30 يونيو وفضح تزييف السفيرة الأمريكية السابقة فى القاهرة
- أولاً: أن ثورة يونيو الحدث قد يكون انتهى بإزاحة الإخوان من الحكم، لكن مشروع ثورة يونيو فى توجهاته الداخلية والخارجية ما زالت معاركه مستمرة.
- ثانياً: أن الطفرة التى حدثت خلال العامين الماضيين فى تعزيز قدرات قواتنا المسلحة وإمدادها بأحدث الأسلحة لم تكن رفاهية، بل فرض عين لخدمة هذا المشروع الوطنى الذى يستهدف بناء الدولة وبقائها.
- ثالثاً: أن انحياز القوات المسلحة المصرية إلى الشعب المصرى فى ثورته وقرار الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الثالث من يوليو عام 2013، لم يكن بالقرار السهل، لكنه كان بداية لمعركة كبرى خاضتها الدولة المصرية بشرف وكبرياء.
- رابعاً: أن الاصطفاف الوطنى المصرى قادر على تحقيق المستحيل إذا ما توحّد المصريون لا يمكن هزيمتهم، مهما كان حجم الضغوط.
- خامساً: أن الإعلام المصرى أحد عناصر القوة الشاملة لهذا البلد، وجزء رئيسى من قدراتها، وأننا جميعاً وإن اختلفنا فى ما بيننا من توجهات ورؤى يجب أن نظل فى معسكر وطنى واحد.
- سادساً: أن محاولات تطويق الاقتصاد المصرى خلال العامين الماضيين لم تكن صدفة، لكن سلاحاً رئيسياً لمواجهة الدعم الشعبى للرئيس السيسى الذى اعتبروه مرشحاً لا يُقهر.
- سابعاً: أن العلاقات المصرية - الأمريكية تتسم بقدر عالٍ من الصلابة، حتى إن اختلفت التوجّهات بين القاهرة وواشنطن، وتستعد لأفق جديد بعد رحيل إدارة أوباما وفق القواعد الجديدة التى حدّدتها ثورة يونيو.

استشهدت الورقة المشار إليها بعدد من الإعلاميين المصريين ودوائر تأثيرهم، ثم انتقلت إلى رأس المال المسيطر على الإعلام المصرى وميوله، هذا التركيز على الإعلام المصرى وصل إلى مداه فى تقرير بحثى آخر كان قد أعده معهد دراسات الشرق الأوسط، وركز التقرير تحديداً على الإعلامى توفيق عكاشة، وأنه تمكن من هزيمة «البرادعى» فى مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.