اتحدت الأحزاب الحاكمة في ايسلندا، في وجه المتظاهرين الغاضبين بعد نشر "اوراق بنما" التي دفعت رئيس الوزراء إلى الانسحاب موقتا من منصبه والمعارضة اليسارية إلى تقديم مذكرة بحجب الثقة عن الحكومة. وتجمع مئات من المعارضين للحكومة، مجددا، مساء الأربعاء، في الساحة الكبيرة مقابل البرلمان للمطالبة باستقالة كل الحكومة، بينما كان الحزبان اللذان يشكلان الائتلاف الحكومي يعقدان اجتماعا مغلقا. وقالت غيدا مارغريت بيتورسدوتير، المدرسة البالغة من العمر 42 عاما: "لقد فقدوا كل شرعية لكن أشك في أن يرحلوا من تلقاء أنفسهم". أما الباحث فالثور اسغريمسون، 36 عاما، فقال إن أيسلندا تحتاج الى انطلاقة جديدة، والأفضل عبر إجراء انتخابات. وفي الوقت نفسه، أعلن وزير الزراعة، سيغوردور أينغي جوهانسون، نائب رئيس حزب التقدم، الذي يقوده رئيس الوزراء المستقيل سيغموندور ديفيد غونلوغسون، أنه اتفق مع حزب الاستقلال على البقاء في قيادة البلاد. وقال للصحافيين بعد لقاء مع غونلوغسون، "توصلنا إلى اتفاق لحماية تحالف اليمين الذي يحكم البلاد منذ 2013، ويفترض أن يعلن، مساء الأربعاء، اسم رئيس الوزراء وتشكيلة الحكومة الجديدة. وكان رئيس الوزراء الايسلندي سيغموندور غونلونغسون انسحب موقتا من كل مناصبه الثلاثاء وأصبح بذلك أول مسؤول يدفع ثمن فضيحة الأموال المودعة في ملاذات ضريبية من قبل مسؤولين سياسيين ومشاهير ونجوم في كرة القدم. وكشف التحقيق الذي أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن غونلونغسون اشترى مع سيدة أصبحت زوجته وكانت وريثة ثروة كبيرة، شركة في الجزر العذراء البريطانية، وباع حصته البالغة خمسين بالمئة من رأسمال الشركة في نهاية 2009 لكنه لم يشر إلى ذلك في اعلان ممتلكاته عندما انتخب نائبا للمرة الاولى في إبريل من السنة نفسها. ويؤكد الزوجان حسن نيتهما وأنهما كشفا باستمرار ممتلكاتهما لمصلحة الضرائب. وطالب آلاف الايسلنديين في تعبئة واسعة غير مسبوقة في هذا البلد الصغير، باستقالة رئيس الوزراء منذ مساء الاثنين في ريكيافيك، وهذا ما حصل إلا أنه قال إنه لم يقدم استقالته بل انسحب موقتا من مناصبه، في تصريح اعتبره المحللون محض تلاعب بالكلمات. وترى المعارضة اليسارية التي قدمت الاثنين مذكرة بحجب الثقة ضد الحكومة أنه من الضروري، دعوة الناخبين إلى انتخابات مبكرة قبل موعد الاقتراع المحدد في ربيع 2017. وهي تشير خصوصا الى أن فضيحة "اوراق بنما" تطال وزيرين آخرين في الحكومة هما وزيرا الداخلية والمالية، ومستقبل الحكومة يبدو غامضا. ولم تدرج مذكرة المعارضة بحجب الثقة على جدول أعمال البرلمان اليوم، لكن مصدرا نيابيا قال ان رئيس البرلمان يمكن ان يدرجها حتى خلال انعقاد الجلسة. وجعلت فضيحة "اوراق بنما" حزب القرصنة بيراتار الليبرالي الذي يدعو إلى الشفافية في الحياة العامة، في موقع قوة ودفعت نسبة التأييد له كما كشفت استطلاعات للرأي نشرت الاربعاء. وقال الناشط كارل هيدين، 21 عاما، "نحن حزب القرصنة لكنهم هم القراصنة الحقيقيون: إنهم ينهبون ويخفون غنائمهم في جزر بعيدة. وكان هذا الحزب الذي يطالب بمزيد من الديموقراطية المباشرة تأسس في 2012، وهو يلقى تأييد 43 بالمئة من الناخبين في نوايا التصويت، مقابل 25 الى 35 بالمئة الاسبوع الماضي. وقال سيندري الذي يعمل في العاصمة لوكالة فرانس برس "لديهم فرصة خصوصا في هذه الاوضاع. لماذا لا نجرب شيئا آخر؟ لست ضد التجديد".