سادت حالة من الارتباك داخل الأوساط الدبلوماسية المصرية والعربية، بعد نشر الحلقة الأولى من انفراد «الوطن» بيوميات الرئيس المخلوع حسنى مبارك، الموجود على ذمة الحبس الاحتياطى فى المركز الطبى العالمى. وأثارت المعلومات التى تؤكد زيارة شخصيات سياسية عربية لمبارك جدلاً واسعاً، خاصة أنها تشمل أسماء بارزة مثل السلطان العمانى قابوس بن سعيد، والأمير محمد بن راشد آل مكتوم حاكم إمارة دبى، والأمير نايف بن عبدالعزيز ولى العهد السعودى، الذى كان يشغل منصب وزير الداخلية فى الوقت الذى زار فيه مبارك، وهو ديسمبر الماضى، إضافة إلى عدد من السفراء العرب. ورفعت وزارة الخارجية يدها من الملف وألقته فى ملعب مؤسسات وأجهزة أخرى فى الدولة دون تأكيد أو نفى وجود تلك الشخصيات فى مصر، فى التوقيت المشار إليه، وقال مصدر دبلوماسى رفض ذكر اسمه إن «التعامل مع زيارة السلطان قابوس لا يجرى عبر وزارة الخارجية، لكن عبر مؤسسة الرئاسة، إلا لو كان يصطحب معه وزير الخارجية، والأمر نفسه فيما يخص زيارة الأمير نايف، فإذا كان يحمل صفة ولى العهد، يخرج عن اختصاص الخارجية، أما إذا كان وزيراً للداخلية فى توقيت الزيارة، فيكون الترتيب الخاص لزيارته عبر المؤسسة الأمنية، وفيما يخص زيارة حاكم دبى فلم يسجل مكتب وزارة الخارجية فى مطار القاهرة أى إخطار بوصوله لمصر فى هذا التوقيت». ونفى السفير الكويتى بالقاهرة، رشيد الحمد، صحة ما نُشر بشأن زيارته للرئيس المخلوع، وأضاف أن أمير الكويت أيضاً لم يلتق مبارك فى محبسه وأن العلاقات انقطعت بعد ثورة 25 يناير، فيما قال المستشار الإعلامى لسفارة الإمارات الدكتور هشام بشير إنه ليس لديه علم بتلك الزيارات، ولن يستطع تأكيد خبر زيارة حاكم دبى لمبارك أو نفيه، مفضلاً انتظار عودة السفير إلى القاهرة حتى يعلق بنفسه بصورة واضحة. ورفض المكتب الإعلامى للسفارة السعودية التعليق على زيارة السفير قطان والأمير نايف بن عبدالعزيز لمبارك فى محبسه الاحتياطى، مؤكداً أنه لم يتلق رداً من السفير بخصوص ما نُشر، فيما طلبت الملحقية الإعلامية بسفارة البحرين، إمهالها وقتاً لتقديم رد رسمى سواء بتأكيد الخبر أو نفيه، أما سفارة سلطنة عمان فلم تتمكن من الرد بسبب اجتماعات مطولة على حد تعبير مكتب السفير العمانى بالقاهرة الشيخ خليفة الحارثى. وعلق السفير محمود شكرى عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية قائلاً «هذه الزيارات سياسية بحتة وليست دبلوماسية، ومن وافق عليها هو المجلس العسكرى وليس وزارة الخارجية، وأصحابها ادعوا أن لها مبررات إنسانية، لكنها تؤكد على أن دول الخليج لا تزال تسعى للتواصل مع نظام مبارك المفضل لديهم، ومع بديله الحالى وهو المجلس العسكرى». وأضاف شكرى أن تلك الزيارات لا تعتبر تدخلاً فى الشأن المصرى لأنها ليست دبلوماسية رسمية، لكنها سياسية، وقال: «الدول الخليجية تخشى من المد الديمقراطى فى مصر خاصة أن مصر لها تأثير مشع على بقية دول المنطقة». وفسر الدكتور محمد عز العرب، خبير الشأن الخليجى بمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، مثل هذه الزيارات والتعاطف الخليجى عامة مع مبارك، بأن نظام مبارك، وحسنى مبارك شخصياً، كان أبرز الحلفاء الرئيسيين لدول الخليج بلا استثناء، فالزيارات التى شملت السعودية الدولة الخليجية الكبرى وحتى مملكة البحرين مروراً بعمان والكويت والإمارات تدل على أهمية «مصر- مبارك» بالنسبة لدول الخليج، وقال عز العرب: هناك «بيزنس كبير» بين أبناء مبارك وبعض رموز الأسر الحاكمة فى دول الخليج، خاصة فى أبوظبى وسلطنة عمان. وأضاف أن «نظام مبارك كان أحد المحددات الرئيسية لضبط التوازن الاستراتيجى وعدم حدوث اختلال فى الإقليم لصالح قوة مهيمنة وتحديداً إيران، فمبارك كان يرد على التصريحات الإيرانية بضم البحرين لمحافظة 14 الإيرانية، بزيارة سريعة للمنامة، كما كان ينظر إليه الخليجيون على أنه أسهم فى تحرير دولة خليجية وهى الكويت».