قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إنه لا يخفى على المراقبين ما يتعين على الساسة في مصر عمله لتفادي الانهيار الاقتصادي الذي يلوح في الأفق وشبح الفوضى المرعب. ورصدت الصحيفة -في تعليق أوردته في موقعها الإلكتروني السبت- حلولا للأزمة قائلة إنه يتعين على الساسة في مصر إنجاز قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 8ر4 مليار دولار بعد شهور من الاختلاف حول بنوده، مؤكدة أن الأهم من ذلك أن يتوقف كل من النظام الحاكم والمعارضة عن محاولات تدمير ونزع شرعية بعضهما البعض والاتفاق على دستور ديمقراطي وانتخابات جديدة. ولفتت الصحيفة إلى محاولات الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري الاضطلاع بدور في هذا الصدد الأسبوع الماضي، مشيرة إلى مهاتفة أوباما للرئيس المصري محمد مرسي وزيارة كيري للقاهرة، غير أنه لا يوجد دليل على أن أحدا في مصر يستمع إلى هذه الأصوات، حسبما رأت الصحيفة. واعتبرت "واشنطن بوست" أن الأزمة تبدأ مع الحكومة، لافتة الى تواتر الدعوات من قبل الرئيس مرسي للمعارضة لإجراء حوار وإبداؤه استعدادا لتعديل الدستور الحالي أو تشكيل وزارة جديدة كطريقة للتسوية. ولكن في الواقع، كما تقول الصحيفة الأمريكية، فالحكومة المصرية تبدو عادة سالكة طريقا مغايرا؛ إذ أرجأت إرساء تدابير من شأنها تحقيق الاستقرار بينما كانت الحاجة إليها ماسة للغاية، ومن بين هذه التدابير زيادة الضرائب على المبيعات. كما اتجهت الحكومة إلى فرض مزيد من القيود التعسفية على المنظمات الأهلية بما يحول دون استقلالها عن الحكومة كما يقف عائقا دون تلقيها منحا من مصادر دولية، كما أشارت إلى توجيه تهم جنائية لصحفيين وإعلاميين بدعوى إهانة الرئيس. وعلى جبهة المعارضة، نعت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عدم اكتراث العديد من قادتها -بمن فيهم محمد البرادعي وعمرو موسى- بمبادئ الديمقراطية، مشيرة إلى تبنيهما استراتيجية "هزيمة الذات" عبر المقاطعة وترك الساحة السياسية بكاملها للاسلاميين، قائلة إنه من الصعب بمكان التنبؤ بما سينتهي إليه طريق هذه الاستراتيجية. وأكدت "واشنطن بوست" خطأ بعض المعارضين إذ يغضبون من دعم الولاياتالمتحدة للرئيس مرسي في مواجهتهم، قائلة إن أوباما محق في سعيه للتعامل مع مرسي كرئيس شرعي منتخب وحثه على التسوية مع خصومه السياسيين. لكن السياسة الأمريكية لا تزال مشوشة وغير واضحة الرؤية إزاء مصر الثورة؛ بحسب الصحيفة التي أشارت إلى تعليق واشنطن لمعونتها الاقتصادية البالغ قيمتها مليار دولار والتي كان أوباما قد وعد بها إبان الثورة المصرية، مع استمرار المعونة العسكرية السنوية البالغ قيمتها 3ر1 مليار دولار. وخلصت الصحيفة إلى أنه ربما يمكن القول إن الولاياتالمتحدة لا تستطيع عمل شيء لتغيير مسار الأحداث في مصر، إلا أن الوقت قد حان لكي تستخدم واشنطن نفوذها للضغط على الحكومة والمعارضة للتوصل إلى تسوية.