دعي أكثر من 200 مليون ناخب أمريكي للتوجه إلى صناديق الاقتراع اليوم الثلاثاء لاختيار رئيسهم للسنوات الاربع المقبلة في انتخابات تتوج حملة مضنية بين الرئيس الديموقراطي الطامح لولاية ثانية باراك أوباما، ومنافسه الجمهوري ميت رومني الذي قرر تمديد حملته حتى آخر لحظة. وبعد سباق محموم دام عامًا ونصف العام انفقت خلاله مئات ملايين الدولارات على الدعاية الانتخابية واجتاز خلالها المرشحان عشرات آلاف الكيلومترات في جولات انتخابية صافحا خلالها عشرات آلاف الأيدي وألقيا عشرات الخطابات، تعود اليوم الكلمة الاخيرة إلى صندوق الاقتراع الذي سيحدد في نهاية اليوم الانتخابي الطويل من منهما سيكون الفائز.
ويبدأ اليوم الانتخابي الطويل في 11,00 بتوقيت جرينتش مع فتح أولى صناديق الاقتراع، باستثناء قرية ديكسفيل نوتش الصغيرة في ولاية نيوهامبشير التي لا يزيد عدد ناخبيها عن حوالى 20 ناخبًا لا غير، هم أول من يدشن صندوق الاقتراع في الثانية من منتصف ليل الاثنين-الثلاثاء (05,00 توقيت جرينتش الثلاثاء).
ورومني (65 عامًا) الحاكم السابق لماساتشوستس والمليونير الذي بنى ثروة بفضل مهنته كرجل أعمال، ركز حملته الانتخابية على انتقاد حصيلة عهد منافسه الجمهوري في المجال الاقتصادي.
أما اوباما (51 عاما) فقدم نفسه خلال الحملة مدافعًا عن أبناء الطبقة الوسطى التي لا تزال تعاني تبعات الازمة المالية التي ضربت البلاد عام 2008.
وحتى اللحظة الاخيرة من السباق الرئاسي، أظهرت استطلاعات الرأي على المستوى الوطني ان كلا المرشحين يتمتعان بنفس القدر من نوايا التصويت، لكن حظوظ اوباما بالفوز هي في الواقع أكبر بقليل من حظوظ منافسه وذلك خصوصًا بفضل النظام الانتخابي غير المباشر الذي يحكم الانتخابات الرئاسية الامريكية حيث تختزل عشر ولايات أساسية من أصل ولايات البلاد ال50 العملية الانتخابية برمتها وبالتالي فإن الانظار كلها تنصب عليها.
والولاية الابرز التي ستشد إليها الانظار مساء الثلاثاء ستكون وبلا منازع ولاية أوهايو الشمالية، فما من جمهوري نجح في دخول البيت الابيض من دون ان يفوز بهذه الولاية، وهي مهمة تبدو صعبة ولكن غير مستحيلة على رومني، فجميع استطلاعات الرأي تظهر اوباما متفوقًا على خصمه في هذه الولاية، وإن كان تفوقه بفارق ضئيل.
وستبدأ أولى النتائج بالصدور في الحادية عشرة بتوقيت جرينتش، ولكن في بلد يمتد بعرض قارة بأسرها وفيه ست مناطق زمنية، من الساحل الشرقي إلى هاواي فإن اسم الفائز قد يبقى مجهولاً لفترة طويلة من الليل إذا ما كان الفارق بين المرشحين ضيقًا.
بالمقابل فإن الحسابات الانتخابية تظهر أنه في حال فاز أوباما بكل من أوهايو وفلوريدا وفرجينيا وكان فوزه بفارق واضح عن منافسه، فان العملية ستحسم لصالحه اعتبارًا من أولى ساعات المساء.
وفي هذا الاطار لا يغيب عن الأذهان السيناريو الكابوسي الذي خيم على الانتخابات الرئاسية في العام 2000 عندما تأخر إعلان اسم الفائز قرابة شهر كامل بسبب طعن بعملية فرز الأصوات في ولاية فلوريدا، ما حتم إعادة جمع الأصوات، وهذا السيناريو على سيئاته لا يستبعد حصوله أي من فريقي الحملة، لا سيما وان كلا منهما جهز جيشًا من الحقوقيين والمحامين والخبراء لهذه الغاية.
وبعد عطلة نهاية أسبوع محمومة وعشرات التجمعات الانتخابية التي عقدها المرشحان لمنصب نائب الرئيس، واصل اوباما ورومني حملتيهما أمس الاثنين حيث تواجدا بفارق بضع ساعات في نفس المكان قرب كولومبوس في ولاية اوهايو الحاسمة.
وبعد ولايات الوسط الثلاث الحاسمة ويسكونسن وأوهايو وأيوا التي ظل فيها اوباما حتى مساء الاثنين يقوم بحملة انتخابية، من المقرر ان يعود الرئيس إلى شيكاغو في إيلينوي، حيث ينضم إلى زوجته ميشال ويتابع النتائج مساء الثلاثاء.
ولا يلحظ جدول أعمال الرئيس المنتهية ولايته أي خطاب علني قبل ذاك المقرر مساء الثلاثاء في قصر المؤتمرات على ضفة بحيرة ميتشيجن، وقد أكد فريق حملته انه سيقضي الوقت بلعب كرة السلة، ولحث الناخبين على الادلاء بأصواتهم مبكرًا سعى اوباما لان يكون قدوة في هذا المجال إذ أدلى بصوته نهاية أكتوبر في معقله السياسي.
اما رومني فسيصوت الثلاثاء في بيلمونت (ماساتشوستس) حيث يقيم، في حين سيقيم حفل انتظار إعلان النتائج في عاصمة الولاية بوسطن.
ولكنه وفي اللحظة الاخيرة قرر استغلال أخر دقائق المعركة الانتخابية حيث سيقوم الثلاثاء، أي نهار الانتخابات، بجولات انتخابية في كل من أوهايو وبنسلفانيا.
ومنذ أسابيع حاول رومني الاستيلاء على شعار "التغيير" الذي كان اوباما رفعه شعارًا له في انتخابات 2008. وقال مساء الاثنين في كولومبوس بولاية أوهايو: إن "التغيير لا يقاس بالخطابات بل بالنتائج، وفي أربع سنوات وعد المرشح أوباما بأن يفعل الكثير لكن أخفق كثيرًا".
وقبل ساعات من رومني زار اوباما المدينة نفسها برفقة نجم موسيقى الروك بروس سبرينجستين ونضيره في عالم الراب جاي-زي. وقد رد المرشح الديموقراطي على محاولة منافسه سرقة شعاره فقال: "نحن ندرك كيف يكون التغيير، وما يريده (رومني) ليس أبدًا التغيير".
ولكن أيا يكن الفائز في هذه الانتخابات فهو سيصطدم بالكونجرس القوي المحتمل ان تتغير موازين القوى فيه تمامًا، كون الانتخابات الرئاسية ترافقها انتخابات تشريعية.
فمجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون سيتم تجديده بالكامل في انتخابات الثلاثاء في حين ان ثلث أعضاء مجلس الشيوخ حيث الديموقراطيون هم من يتمتع بالأكثرية سيخوضون معارك تجديد الولاية.
وفي انتخابات الثلاثاء أيضا سيدلي الناخبون بأصواتهم في اكثر من 170 استفتاء محلي.