في مشهد اقشعرت له الأبدان ركع البابا فرانسيس على قدميه، وقبل أقدام زعماء جنوب السودان المتحاربين السابقين، وقال لهم: "أطلب منكم كأخ أن تبقوا في سلام أنا أطلب منكم من قلبي، دعونا نمضي قدما، ستكون هناك العديد من المشكلات لكنها لن تتغلب علينا، حلوا مشاكلكم".
جمعهم للصلاة والوعظ على مدى 24 ساعة في مقر إقامته، ثم اختلى في خلوة روحية غير مسبوقة في الفاتيكان، وحثهم على عدم العودة للدماء مرة أخرى، حضر الخلوة مع البابا كبير أساقفة كانتربري، جاستن ويلبي، وهو الزعيم الروحي لأتباع الكنيسة الإنجيلية في جميع أنحاء العالم، وأعضاء مجلس كنائس جنوب السودان، وغيرهم من قادة الكنيسة الكاثوليكية في أفريقيا
أسفرت الحرب الأهلية عام 1994 في مقتل حوالي 400 ألف شخص، ونزح نحو ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 12 مليون نسمة، مما تسبب في اندلاع أسوأ أزمة لاجئين في أفريقيا منذ الإبادة الجماعية في رواندا
دهشة وزهول أصابة القادة عند رؤيتهم البابا البالغ من العمر 82 عاما، الذي يعاني من ألم مزمن في الساق، ومعاونية يساعدونة أثناء ركوعه من أجل أن يقبل أقدامهم وهم مصطفين بالغرفة.
وطالب البابا كلا من رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، ونائبه السابق الذي تحول إلى زعيم للمتمردين رياك مشار، وثلاثة نواب آخرين للرئيس، على احترام الهدنة والالتزام بتشكيل حكومة وحدة الشهر المقبل.
وأضاف البابا فرنسيس باللغة الإيطالية بينما كان أحد مساعديه يترجم حديثه إلى الإنجليزية: "ستكون هناك صراعات وخلافات فيما بينكم ولكن احتفظوا بها بينكم، داخل المكتب، إذا جاز التعبير. لكن أمام الناس، ضعوا أيديكم في أيدي بعض لتأكيد الوحدة. لذا، كمواطنين بسطاء، ستصبحون آباء للأمة".
وتابع فرنسيس إن شعب جنوب السودان "منهك بسبب الحرب، وأن على القادة واجب بناء دولتهم الفتية بالعدالة". كما كرر رغبته في زيارة البلاد مع زعماء دينيين آخرين لتوطيد السلام.
تفاعل الفنانون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مع لفتة البابا الإنسانية، وقالت الفنانة "إليسا"على صفحتها الشخصية عبر "تويتر": "هذا بكنيستي ورمز التواضع متل المسيح، لما يبوس رجل زعيم أرضي ليطلب السلام، بيكون عمل أكتر ما عملوا كل زعماء الحرب كل السنين، البابا فرنسيس قديس".
وأشادت الفنانة نانسى عجرم، بما فعله البابا فرنسيس، وكتبت عبر صفحتها على "تويتر"، "قبّل أقدامهم راجيًا السلام.. بابا المحبة والتواضع والسلام"، وأرفقت المنشورة بصورة البابا وهو ينحني طالباً من زعماء جنوب السودان وقف نزيف الدم والحرب الأهلية.
وقالت الإعلامية اللبنانية داليا داغر: "ما بعرف إذا كان في كلمات توصف تواضع وقدرة البابا فرنسيس على التسامح، ولا أعرف إذا كان العالم أجمع سيفهم عظمة هذه الخطوة ويقدر قيمة السلام البابا القدوة يقبل أقدام قادة جنوب السودان متوسلاً إياهم ألا يعودوا إلى الحرب".
ونالت السودان استقلاله عام 2011، بعد أن خاضت صراعا استمر عقودا مع الجنوب، وبعد ذلك بعامين اندلعت حرب أهلية في جنوب السودان عندما أقال سلفا كير، وهو من قبيلة الدينكا، مشار وهو من جماعة النوير العرقية، من منصب نائب الرئيس.
وقُتل حوالي 400 ألف شخص ونزح نحو ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 12 مليون نسمة، مما تسبب في اندلاع أسوأ أزمة لاجئين في أفريقيا منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
ثم وقع الجانبان اتفاقا لتقاسم السلطة في سبتمبر، والذي يدعو الفصائل الرئيسية المتناحرة إلى تجميع وتدريب قوات كل منهما لتشكيل جيش وطني، قبل تشكيل حكومة الوحدة الشهر المقبل.