وزارة الزراعة تحولت إلى «مستنقع للفساد»، فلا يمر يوم إلا وتنكشف قضية جديدة داخل أروقتها، واستمرار مسلسل المخالفات، حيث حصلت «الصباح» على مستندات تكشف مخالفات بمشروع «تنمية المهارات الحرفية وتعزيز الوضع الاقتصادى للمرأة فى صعيد مصر»، وهو أحد مشروعات الجهاز التنفيذى للمشروعات والتنمية الشاملة. المخالفات الواردة بالمستندات تتعلق باتفاقية «مبادلة الديون» مع إيطاليا، والتى وُقع من خلالها المشروع عام 2010 برقم وارد فى وزارة التخطيط 202719، وتم تقديمه لوحدة التنمية الريفية الشاملة إلا أنه تم تحويله إلى الجهاز التنفيذى للمشروعات والتنمية الشاملة. المشروع كان يهدف لتنمية قدرات المرأة، بتكلفة قدرت ب 33 مليون جنيه تتكبدها خزينة الدولة المصرية، منها مبلغ 23 مليونًا يأتى فى إطار مبادلة الديون مع الجانب الإيطالى (أى أنه يتم إسقاطه من الديون المصرية للجانب الإيطالى)، تلك الأموال أُنفقت كلها بطرق مخالفة، قدم بها بلاغ للنائب العام، ولم يحدد بعد ثبوت إهدار المال العام، إلا أن الخطابات المتبادلة كشفت عن أوجه المخالفات المتعددة فى المشروع. إحدى المذكرات أرسلت من العاملين بالمشروع للجهاز المركزى للمحاسبات، لمطالبته بمراجعة الاتفاقية لما احتوته من عوار قانونى تمثل فى أن المشروع يدار بمدير تنفيذى أجنبى يحصل على مبالغ مالية كبيرة فى الشهر، فى ظل وجود مديرين وعمالة مصرية مدربة بالجهاز التنفيذى، كما أن المشروع الرئيسى به مئات العاملين المدربين للقيام بتلك المشروعات، كما شملت المخالفات تعدد المديرين والمسئولين مما زاد المخصصات المالية للمسئولين بعيدًا عن الهدف الرئيسى للمشروع. المخالفات الأخرى تعلقت بنص الاتفاقية التى تضمنت أن تتم المحاسبة من خلال وحدة يختارها معهد «بارى» الإيطالى بعيدًا عن الجهاز المركزى للمحاسبات والأجهزة الرقابية بالدولة، رغم أن الدولة تساهم بنحو 10 ملايين جنيه من خزينتها إضافة إلى23 مليونًا مبادلة دين. شملت المخالفات أيضًا، عدم تنفيذ أى عمليات تنمية حقيقية على الأرض خاصة فى الأماكن التى تم تنفيذ المشروع بها، علاوة على شراء 5 سيارات للمشروع رغم توافر عدد كبير من السيارات، وكذلك استئجار مقر للمشروع فى عمارة التعاون الإيطالى بجاردن سيتى، رغم أن الجهاز يمتلك 25 شقة فى عمارة مصر للتأمين بالدقى، كما أنفق على إحدى الشقق 180 ألف جنيه لتجهيزها لأحد القيادات بالمشروع. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تم صرف 17 فى المائة فقط من ميزانية المشروع من يونيو 2014حتى عام 2016، فيما صرف المبلغ الباقى من الميزانية فى فترة أقل بكثير من الفترة السابقة على أنشطة لم تترك أى أثر على أرض الواقع، وفى 20- 2-2013 خاطب العمال بالمشروع الجهاز المركزى للمحاسبات بمذكرة لمراجعة الاتفاقية إلا أنه لم يتم البت فى الأمر. البلاغ المقدم للنائب العام ضد القائمين على المشروع، كشف عن مخالفة الاتفاقية للقوانين، ما يعد تعديًا على السيادة المصرية، إضافة إلى ما يشوبها من إهدار للمال العام، كما أن توقيع المعهد على الاتفاقية يعد مخالفة أخرى كونه ليس عضوًا بلجنة مبادلة الديون، خاصة أن اللجنة مكونة من ممثل عن الجانب الإيطالى «السفارة الإيطالية» وممثل من الجانب المصرى ووزارة التعاون الدولى ووزارة الزراعة، كما أن معهد بارى هو معهد متخصص فى العلوم الزراعية، وأوكل له تنفيذ كل الأنشطة على الرغم من أن الأمر يتطلب تعامل مع سيدات غير متعلمات فى قرى مصر وهو ما يتنافى مع طبيعة العمل فى المشروع. وقال أحد العاملين بالمشروع: «على الرغم من المخالفات التى تمت منذ بدء المشروع واستئجار مقر لدى الجانب الإيطالى وما يثيره من علامات استفهام، إلا أن حقيقة المشروع على الأرض كارثية، وما تم كتابته من نتائج فى التقارير لا يمت للواقع بصلة، خاصة أنه لم يتم تجهيز الأعداد التى ذكرها التقرير من فصول محو الأمية، فى الوقت ذاته لم تعقد ورش حقيقية. وتابع، أن المناطق التى كانت مستهدفة من المشروع لم يتحقق فيها نسبة ال 10فى المائة من الخطط التى وضعت، وأن المبالغ أنفقت على البدلات والإيجارات والورش والرواتب ولم تصل إلى المرأة المصرية.