أصبح إيقاع الحياة سريعًا ومُرهقًا، نلهث وراء لقمة العيش وتربية الأبناء والاحتفاظ بعمل مستقر وتأمين احتياجات الحياة، كل ذلك غالبًا ما يأتى على حساب راحتنا الجسدية واستقرارنا النفسى وتوازننا العاطفى.. هذا الصراع اليومى من أجل البقاء على الحياة الكريمة، يسلبنا أحيانا القدر الكافى من راحة البال والاطمئنان الداخلى، صراع جاء على حساب ساعات النوم والأكل والاستمتاع بما نكتسبه أو نحققه، وجعل البعض يتساءل: «هل أنا مريض نفسى، أم مجرد حالة عابرة»؟ سؤال يبدو بسيطًا، لكنه يشغل بال الكثيرين، يؤرق راحتهم ويثير خوفهم من الوقوع فى المرض خصوصًا فى هذه الأيام المحفوفة بالضغوط والتوتر وتراكم المشكلات. يؤكد سيجموند فرويد على أن الصحة النفسية هى القدرة على الحب والعمل، أى حب الفرد لنفسه وللآخرين، وأن يعمل عملًا بناءً يستمد منه البقاء لنفسه ولمن حوله. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الصحة النفسية ليست مجرّد غياب الأمراض، بل هى حالة من العافية يستطيع فيها كل فرد إدراك إمكاناته الخاصة والتكيّف مع حالات التوتّر العادية والعمل بشكل منتج ومفيد والإسهام فى أسرته ومجتمعه. ومن العلامات التى تدل على الاضطراب النفسى أو السلوكى: تشوّش التفكير أو انحراف المزاج أو السلوك بطريقة لا تتماشى مع المعتقدات والقواعد الثقافية المحيطة بالفرد. وأعراض ذلك الاضطراب ترتبط فى معظم الأحيان بإحساس بالضيق يصيب الإنسان أو بأمر يؤدّى إلى تعطيل ملكاته الشخصية وقدرته على مواصلة حياته الطبيعية. وتنشأ عن الاضطرابات النفسية أعراض يلاحظها الشخص على نفسه أو المحيطين به من الأصدقاء والأقارب، ومن بين تلك الأعراض ما يلى: • أعراض جسدية (الصداع، اضطراب النوم، اضطراب الأكل، أوجاع ليس لها سبب عضوى مثل آلام المعدة والقولون). • أعراض انفعالية (الشعور بالحزن، المخاوف، القلق، نفاد الصبر، العصبية الزائدة). • أعراض معرفية (صعوبة التفكير بوضوح، ظهور أفكار شاذة، خلل فى الذاكرة). • أعراض سلوكية (العنف، عدم القدرة على أداء الوظائف اليومية، الإفراط فى تعاطى مواد الإدمان، عدم القدرة على حل المشكلات أو اتخاذ القرارات، اضطراب العلاقة مع الآخرين وعدم القدرة على إقامة علاقات مستمرة ناجحة، صعوبة الحصول على عمل أو عدم القدرة على التواؤم مع الوظيفة أو التكيف مع ضغوطها). • أعراض إدراكية (رؤية أو سماع أشياء لا يقدر الآخرون على رؤيتها أو سماعها). وكلما اشتدت هذه الأعراض أو بعضها، واستمرت لفترة من أسبوعين إلى شهر متواصل، لدرجة تعطيل الفرد عن ممارسة حياته اليومية المعتادة أو إفساد علاقته بعمله والمحيطين به، أصبحت الحالة مرضية، وكان لزامًا عليه طلب المساعدة من طبيب أو معالج نفسى. ومن بين أشهر الاضطرابات النفسية: الاكتئاب، والإدمان، والفصام، والتخلّف العقلى، والانطواء على الذات فى مرحلة الطفولة، والخرف. ويمكن أن تصيب تلك الاضطرابات الرجال والنساء فى كل مراحل العمر. وعلى الرغم من عدم الإلمام كليًا بالأسباب المؤدية إلى حدوث الكثير من الاضطرابات النفسية، فإنّ هناك من يرى أنّها تحدث جرّاء مجموعة من العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية، مثل المصائب الكبرى التى تحلّ بالإنسان، وصعوبة الأوضاع الأسرية، والأمراض التى تصيب الدماغ، والعوامل الوراثية أو الجينية، والمشاكل الطبية. ويمكن فى معظم الأحيان تشخيص هذه الاضطرابات وعلاجها بفعالية كبيرة كلما كان التشخيص مبكرًا، وكان الشخص مستمرًا على العلاج الدوائى والنفسى، وحظى باهتمام عائلى.