الأنبا مكاريوس يسلم شيكًا لمحافظ المنيا لتوزيع قيمته على الفقراء اتخذت موائد الوحدة الوطنية التى تنظمها الكنيسة فى شهر رمضان مكانة مهمة فى مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم، تعبيرًا عن وحدة الشعب المصرى، مسلمين وأقباطًا، على مر الزمان وفى مواجهة كل التحديات. وبعد أن كان من المعتاد أن تنظم الكنيسة الأرثوذكسية مائدة الوحدة الوطنية فى رمضان، والتى تدعو خلالها قادة ومسئولى ونخبة المجتمع المصرى إلى الإفطار فى الكاتدرائية، تغيرت الظروف فى السنوات القليلة، وتحديدًا منذ ثورة 25 يناير 2011، لتتخذ أشكالًا أخرى، يراها البعض أكثر فعالية وإفادة، فيما يراها البعض الآخر تعبيرًا عن شىء من مشاعر الحذر التى فرضتها التحديات الأمنية فى الآونة الأخيرة. وهناك فريق يرى أن موائد الوحدة الوطنية مهمة ولا بد من استمرارها لأنها تجسد روح الألفة بين أبناء الوطن الواحد، بينما يراها فريق آخر مجرد تعبير «رمزي» لا فائدة منه، لأنها تتم لعلية القوم الذين لا يحتاجون أصلا لمثل هذه الموائد من الناحية المادية. ويرى هذا الفريق أنه يجب التوسع فى موائد الوحدة الوطنية على المستوى الشعبى، كى تجمع أبناء الشعب البسيط على مائدة واحدة، حتى يتم اجتثاث الاحتقان الذى يسعى المتطرفون وأعداء الوطن إلى تغذيته كلما حانت الفرصة لذلك. وكانت آخر مائدة وحدة وطنية أقامتها الكنيسة الأرثوذكسية فى العام الأخير للبابا شنودة، عام 2010، ولم تقم منذ ذلك الحين، إلا أن ثمة حديثًا يتردد الآن عن مساعٍ من البابا تواضروس لإعادة إحيائها هذا العام. من جانبها، تنتهج الكنيسة الإنجيلية الخط الشعبى فى إقامة هذه الموائد، حيث تقيم مائدة للوحدة الوطنية أمام مقر كنيسة قصر الدوبارة فى ميدان التحرير بوسط القاهرة، طوال شهر رمضان، وغير مقتصرة على أشخاص بعينهم، حيث تستقبل كل الصائمين الراغبين فى الإفطار. وظهرت مبادرة شبابية لافتة، تركت أثرًا طيبًا فى كل الأوساط الدينية والسياسية، تحمل اسم «أحبك أخى المسلم»، حيث قرر مجموعة من الشباب القبطى استبدال موائد الوحدة الوطنية بكرتونة رمضان، فقاموا بمشاركة المسلمين فى توزيع كرتونة رمضان على الفقراء. ويقول سامح صبرى، مؤسس هذه المجموعة، ل«الصباح»: «طبعًا أحب أن تستمر موائد الوحدة الوطنية، بشرط أن تكون بدوافع نقية، أى أن تكون تعبيرًا عن المحبة الفعلية، وليس مجرد عادة تقوم بها الكنائس لتدعو فيها كبار الشخصيات لأغراض سياسية». وأكد صبرى أنه يفضل تنظيم الموائد الشعبية للفقراء، وليس للشخصيات المعروفة، حتى تكون فعلًا لوجه الله، على حد تعبيره. ومن أمام كنيسة الأنبا أنطونيوس فى شبرا، وقفت مجموعة من طالبات الثانوية القبطيات بزى موحد عند أذان المغرب، لتوزع التمر والعصائر على المارة كى يفطروا عليها. أما كنائس وأديرة محافظة بنى سويف فقررت إلغاء موائد إفطار الوحدة الوطنية هذا العام، واستبدالها بكراتين مواد غذائية يتم توزيعها على الأسر الفقيرة، وذلك من خلال تسليمها لعدد من أئمة المساجد الكبرى لتوزيعها بمعرفتها دون تدخل من الكنيسة أو الأديرة فى اختيار هذه الأسر. وفى المنيا، يقول الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، إنه سلم شيكًا بمبلغ مالى، لم يكشف عن قيمته، إلى محافظ المنيا ليوزعه على الفقراء بدلًا من إقامة موائد الوحدة الوطنية. فى المقابل يظل القس نادى لبيب، منظم إحدى موائد الوحدة الوطنية، متمسكًا بالشكل التقليدى للموائد، التى يؤكد أنها «تقوم على ثقافة العيش والملح، التى نعتز بها كمصريين». ويقول: «باعمل إفطار شهرى صباحًا كل شهر للوحدة الوطنية، يجمع كل الشيوخ والقساوسة والمهتمين بالخدمة فى المجتمع المدنى، وهذه الموائد تزيد الروابط بين الناس وتزيل الفوارق، ولا بد من استمرارها لأنها صورة للأسرة المصغرة التى يجتمع أعضاؤها معًا للأكل والحديث عن المستقبل». وكشف لبيب عن قيامه بترتيب أمسية رمضانية يوم 7 يوليو، سيغنى فيها المطرب على الحجار وماهر فايز، يعقبها سحور وحدة وطنية، ليظل شهر رمضان فى مصر بنكهة خاصة، لا مثيل لها فى أية بقعة من بقاع العالم.