*المستشار فتحى لاشين.. منوفى شارك فى محاولة اغتيال عبدالناصر *إسناد أخطر الملفات إلى كوادر جديدة تتنقل بين مدن القناة للاتصال بالإرهابيين فى اللحظة التى تلقفت فيها جدران السجن عقل وجسد محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، انطلقت التساؤلات والتوقعات حول من الذى يدير الجماعة، خاصة أن الحرب التى تديرها ضد الدولة تحتاج إلى سرعة فى اتخاذ القرار وإحاطة سريعة بالمعلومات، فضلًا عن أن أدبيات الجماعة ترفض أن يحكمها أسير، خوفًا من أن تصدر عنه قرارات تحت ضغوط، لتلجيم الجماعة، التى روجت الكثير من الأكاذيب حول هوية المرشد الحالى لها، فمرة رددت أنه محمود عزت، أمين التنظيم المختفى، ومرة أنه خيرت الشاطر، من زنزانته، وتأكيد أنه قادر على اختراق الحواجز حوله، وإصدار التكليفات إلى عصابات الموت. الحقيقة أنه فور القبض على أركان الجماعة سواء مرشدها العام أو نائبه الشاطر، تم اختيار مرشد جديد، وتشكيل مكتب إرشاد مصغر يقود التنظيم وفق قواعد جديدة سبق للجماعة التخطيط لها، حيث تم تشكيل ميليشيا عنقودية على طريقة الجماعات الجهادية حتى لا تسقط جميعها فى أيدى الأجهزة الأمنية إذا تم القبض على إحدى تلك الخلايا. «الصباح» تواصلت مع أحد قيادات الجماعة الذى كشف عن المرشد الخفى وأعضاء مكتب الإرشاد المصغر الذين يديرون الجماعة منذ شهور، حيث قال إنه تم انتخاب المكتب المصغر فى إبريل 2013، ويضم بديع والشاطر ومحمود عزت ورشاد البيومى، وعبدالرحمن البر، لسرعة إصدار القرار وسهولة عقد الاجتماعات، واختار المكتب المصغر أن يكون المرشد الجديد هو فتحى لاشين، المستشار السابق بوزارة العدل، ومسئول المعاملات الإسلامية فى عدد من البنوك فى داخل مصر وخارجها، وتم اختياره لمنصب القائم بأعمال المرشد بالتزكية فى حال القبض على بديع. وأضاف المصدر أن الاستعداد لمسألة إلقاء القبض على مكتب الإرشاد المصغر وبديع تطلب إسناد ملفات الجماعة لفريق من كوادرها، أبرزهم مسعود السبحى، ومحمد وهدان، مسئول قسم الطلاب وصلاح عبدالمقصود، المسئول عن ملف الإعلام والاتصال السياسى، بتزكية من الشاطر، ويعاون هذا الفريق 20 مستشارًا من أبناء التنظيم أبرزهم عمر الحمدون رئيس الرابطة الإسلامية فى بريطانيا، وأسامة جمعة وهدان الذى كان مسئولًا بحملة الرئيس المعزول محمد مرسى وهو نجل القيادى بالجماعة جمعة وهدان، الدكتور منصور أبوالعلا، مستشار شركات الشاطر، معتز الهلباوى وآخرون أغلبهم قيادات شبابية تم الاستعانة بهم بعد ثورة 25 يناير وتقلدوا مناصب حساسة بالجماعة. وتم تقسيم الجماعة بطريقة جديدة لتضليل الأجهزة الأمنية حتى لا تستطيع ضرب التسلسل القيادى بالجماعة، حيث تم تقسيم التنظيم إلى 4 قطاعات قبلى وبحرى ووسط الدلتا، وخارج الحدود، حيث يتولى مسعود السبحى قطاع قبلى ووسط الدلتا، بينما يتولى محمد طه وهدان قطاع بحرى، وصلاح عبدالمقصود خارج الحدود. وأكد المصدر أن سر اختيار لاشين، للموقع الأهم حاليًا بالجماعة أنه من الرعيل الأول للجماعة، حيث كان أحد الأفراد المختارين بعناية لتنفيذ ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فى ميدان المنشية، 1954 إلا أن دهاءه أبعده عن حبل المشنقة، بالإضافة إلى أنه غير معروف على مستوى الأجهزة الأمنية وظل بعيدًا عن الوسائل الإعلامية إذ لم يدل بأى حوارات. وفتحى لاشين من مواليد محافظة المنوفية عام 1932، بدأت علاقته بالجماعة أثناء دراسته بالمرحلة الثانوية عام 1946 حينما التقى قطب الجماعة محمد السخاوى، الذى كان مسئولًا وقتئذ عن منطقة وسط الدلتا، حيث كان الأخير يعمل مدرسًا بالمعهد الأزهرى الذى يدرس فيه لاشين، وبعدها أصبح دائم المشاركة فى المعسكرات التى تنظمها الجماعة، قبل أن يلتقى مؤسسها حسن البنا، وذلك من خلال البهى الخولى، أحمد البس، عطية الشيخ، يوسف القرضاوى، حيث كان حريصًا على حضور ندواتهم ودروسهم، ثم التقى أيضًا حسن الهضيبى، المستشار الثانى للجماعة أثناء مشاركته فى عرض خاص بفرق جوالة الجماعة بطنطا إذ أبدى الهضيبى إعجابه بمستوى لاشين الرياضى. بالتوازى مع تحوله إلى قاتل تحت الطلب ساعده المستشار عبدالقادر عودة، وكيل الجماعة، للالتحاق بسلك النيابة العامة عام 1952، وترقى إلى أن وصل لمنصب مستشار بوزارة العدل. انتقل لاشين من المنوفية إلى القاهرة حيث سكن هو ومجموعة من أعضاء الجماعة بجوار مقر مكتب الإرشاد الذى كان موجودًا بمنطقة الحلمية وقتئذ، وتلقى مزيدًا من التدريبات على تنفيذ الاغتيالات السياسية، أهلته ليكون واحدًا من المشاركين فى محاولة اغتيال ناصر، ولكن أحد قادة الجهاز رفض مشاركته فى اللحظات الأخيرة خوفًا على مستقبله فى سلك القضاء، لكن الشرطة ألقت القبض عليه بتهمة توزيع منشورات للتحريض ضد النظام ووجهت له تهمة الاشتراك فى الجريمة وتم التحقيق معه داخل سجن القلعة لمدة عامين. لم يبق لاشين فى مصر كثيرًا لكنه تنقل بين عدة دول بسبب منصبه القضائى إذ تم إعارته إلى ليبيا ثم الإمارات ما أهله للانضمام إلى التنظيم الدولى، وكثيرًا ما سهل على الجماعة أمورًا كثيرة أثناء عمله بالمحكمة الجنائية فى أبوظبى. عمل لاشين مستشارًا لوزير العدل الليبى للشئون الإسلامية، وبجانب ذلك كان يمارس نشاطه الإخوانى فى تجنيد العناصر الليبية ثم سافر إلى الإمارات، ثم أهلته خبرته ليكون المستشار القانونى للجماعة، ومن وقتها عرف الأجهزة الأمنية طريقها إليه فداهمت منزله أوائل 2009، وعثرت بحوزته على أموال تبلغ 180 ألف جنيه و100 ألف دولار، والأهم مجموعة من الوثائق الخاصة بميزانية الجماعة. الواقع الفعلى يؤكد أن لاشين كان أحد العناصر المهمة فى وجود مهدى عاكف إذ تدخل فى الانتخابات التى أتت ببديع مرشدًا، والتى أكد محمد حبيب النائب الأول لعاكف أنها مزورة، وتدخل لاشين لدى حبيب وأنهى الأزمة التى كادت تعصف بالجماعة. بعد اندلاع ثورة 25 يناير زادت أهمية لاشين، إذ إنه صاحب الخطابات التى أرسلتها الجماعة إلى المجلس العسكرى، وكان صاحب فكرة الإعلان الدستورى المكمل الذى أعلنه مرسى فى 22 نوفمبر 2012، وأشرف وترأس قسمًا جديدًا داخل الجماعة باسم «المؤسسات» مهمته إدارة الدولة. أما مسعود السبحى، فأحد أصغر المنضمين إلى الجماعة، حيث التحق بصفوفها وعمره 13 سنة، وانضم إلى فريق الكشافة بالجماعة الذى أسسه البنا ثم أصبح مدربًا لمجموعات أصبحت فيما بعد نواة التنظيم الخاص، وانضم إلى تنظيم 65 الذى أسسه سيد قطب، ووقتها كان يعمل سكرتيرًا للمرشد حسن الهضيبى ثم تم إلقاء القبض عليه ليقضى بالسجن 8 سنوات خلال هذه المدة استطاع مد جسور جيدة بالأجهزة الأمنية، وبعد خروجه من السجن سافر إلى الإمارات ثم عاد إلى مصر حيث عمل سكرتيرًا للمرشد مصطفى مشهور، حيث شارك فى إحياء التنظيم الخاص بمشاركة محمود عزت وجمعة أمين ومحمود حسين ومحمود غزلان وعاكف وبديع. ومكنته صلاته الأمنية من المشاركة فى الصفقات التى تمت مع الأجهزة بخصوص الانتخابات التشريعية، وهى المهمة التى تولاها فيما بعد الشاطر، الذى لم يستطع إزاحة السبحى نهائيًا عن الملف. يصف السيد المليجى، المنشق عن الجماعة، والذى كان أحد أعضاء مجلس شورى التنظيم السبحى بأنه رجل أمنى من الطراز الأول، وكانت له اتصالات بحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، وأثناء وجوده بالخارج كان مسئولًا عن إخوان الخليج يحصل منهم أموال الاشتراكات الشهرية ليعيد إرسالها إلى الجماعة فى مصر. بعد رحيل مشهور لم يستعن المرشدين اللاحقين بالسبحى، حتى تقلد بديع المنصب فاستعان به لعدة أسباب وهى حسب القيادى المنشق كمال الهلباوى، حب شباب له ولآرائه علاوة على صلاته الأمنية، والأهم زمالتهما فى تنظيم 65 وإحياء التنظيم الخاص وانتهاء بالشراكة المالية فى عدة مشاريع تجارية. كان السبحى أيضًا مسئولًا عن «تقارير النشاط» إلى أن تولى مسئوليته الجديدة لإدارة التنظيم مع لاشين، واختيار أعضاء المكاتب الإدارية بدلًا من انتخابهم نظرًا للظروف الخاصة التى تمر بها الجماعة. اختفى السبحى تمامًا بعد فض اعتصامى «رابعة والنهضة»، وترددت أنباء عن هروبه إلى الخارج، ثم ظهر مجددًا فى لقاء جمعة بمحمد طه وهدان ومجموعة من قيادات الصف الثانى وقيادات شبابية أخرى حيث وضع تشكيل جديد تمامًا للجماعة، من خلال لجان منها الاقتصادية المسئولة عن إدارة موارد الجماعة والإعلامية، والمعتقلين، الجامعات، الطلبة، والغرض من كل هذه اللجان هو تشتيت الأجهزة الأمنية بعد ضبط كميات كبيرة من الوثائق التى كشفت الآلية التى تدار من خلالها الجماعة. أما محمد وهدان فى المسئول عن جهاز مخابرات الجماعة، حيث تلقى تعليمات بالبقاء فى مصر، رغم إمكانية هروبه، حيث يشرف على عمليات جمع المعلومات من أول استلام تقارير الأفراد التابعين له داخل مؤسسات الدولة، والذين كانوا يعملون فى قسم الدولة. كان يشرف على مخابرات الجماعة محمود حسين، حتى اندلاع ثورة 30 يونيو، ثم تم إسناد المهمة لوهدان والتى تتلخص فى جمع معلومات عن التواجد الأمنى فى الشارع، ومدى توافر المواد الغذائية فى الأسواق إضافة إلى الوقود، ويتم إرسال هذه المعلومات فى تقارير بالبريد الإلكترونى إلى التنظيم الدولى للجماعة الذى يرسلها بدوره إلى جهازى المخابرات التركى والقطرى. ويذكر أن وهدان متهم فى عدة قضايا منها تفجير مبنى المخابرات الحربية بالإسماعيلية وأحداث الحرس الجمهورى. ويتنقل وهدان بمنطقة القناة ليكون حلقة الوصل بين الجماعة فى الوادى والتكفيريين فى سيناء، حيث أشار نبيل نعيم، الجهادى السابق ل«الصباح» إلى وجود علاقات وثيقة بين الطرفين منذ عهد مرسى. يصف ثروت الخرباوى المنشق عن الجماعة، وهدان بأنه أحد المقربين من الشاطر وشغل منصبًا مهمًا داخل الجماعة وهو قسم التربية، لذا كان من الطبيعى تصعيده إلى مكتب الإرشاد بعد تعيين سعد الحسينى فى قيادة حزب الحرية والعدالة (المنحل).