برنامج التعليم المتعدد يشارك في منتدى التعليم الفني التكنولوجي بالقاهرة    خطوات استخدام رادار الأسعار للإبلاغ عن مخالفات التجار وارتفاع السلع    ممثل أمريكا لدى مجلس الأمن: ملتزمون بالعمل على حل الدولتين لتحقيق السلام    ألمانيا: تجنيد بوتين عملاء لتنفيذ هجمات فى بلادنا أمر خطير    التشكيل الرسمى لقمة أتالانتا وليفربول فى الدورى الأوروبى.. صلاح أساسيا    «كاف» يصدم الزمالك وخطر يهدد الأهلي قاريا ومفاجأة موديست.. عاجل    النصر والنسر.. محمود كهربا يثير الجدل برسالة غامضة على انستجرام    رياح محملة بالرمال والأتربة تضرب المنيا.. تحذير لهذه الفئات    رفض ذكر اسمه في ميكروفون الفرح.. مصرع مسن على يد مريض نفسي ب الدقهلية    منتج فيلم السرب يعلن موعد طرحه بدور العرض السينمائية    تكريم إلهام شاهين فى مهرجان هوليوود للسينما العربية بلوس أنجلوس    باسم سمرة يعتذر لنيللي كريم: «أختي وحبيبتي»    "الحشاشين" يتصدر قائمة الأكثر مشاهدة عبر منصة WATCH IT    هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. اعرف الأعذار الشرعية لتركها    ليست جميع العبادات على منزلة واحدة.. خالد الجندي يحذر |فيديو    رئيس جامعة جنوب الوادى يتفقد 24 مصابا فلسطينيا بالمستشفيات الجامعية    استعدادا لترميمه.. وكيل صحة كفر الشيخ يتفقد مستشفى حميات بيلا    صحة كفر الشيخ: تقديم خدمات طبية مجانية ل1433 مريضا بقرية تيدة بسيدي سالم    "للعام الثالث على التوالي".. لعنة أبريل تطارد أرسنال وأرتيتا    روسيا: مساعدات أمريكا «الاستعمارية» لكييف لن تغير الوضع ميدانيا    البحوث الزراعية تستقبل وفدًا عسكريًا من تنزانيا الإتحادية    التعليم تعقد التصفيات النهائية لمسابقة "تحدي القراءة العربي" بالتعاون مع الإمارات    طبيب يكشف علاقة الاكتئاب الموسمي بشهر أبريل | خاص    جوتيريش: علينا التزام أخلاقي بدفع جهود التهدئة في الشرق الأوسط    نائب رئيس جامعة عين شمس تتفقد أعمال التطوير بقصر الزعفران    انقلاب سيارة عروس أثناء ذهابها لإحضار عروس بالمنوفية    وزارة التضامن تفتح باب سداد الدفعة الثانية للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    وزير العمل: الخميس المقبل إجازة مدفوعة الأجر للقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    خطوة عاجلة بشأن تعاقد ليفربول مع خليفة كلوب قبل توقيع العقود    «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث غدا    مميزات وعيوب إيقاف تنفيذ العقوبة للمتهمين    الإعدام لمتهم بقتل زميله بعد هتك عرضه في الإسكندرية    مجلس النواب يعقد أولى جلساته فى العاصمة الإدارية الأحد المقبل    الأردن.. 7 إنزالات جوية لمساعدات إنسانية وغذائية على قطاع غزة    وزير قطاع الأعمال: القطاع الخاص شريك رئيسي في تنفيذ مشروعات التطوير وإعادة التشغيل    البنك الأهلى.. إصابة" أبوجبل" اشتباه في قطع بالرباط الصليبي    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    طارق شلبي : مرسى علم ضمن أفضل 10 شواطئ في العالم    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تعتقل 40 فلسطينيا في الضفة الغربية    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    طقس سئ.. غبار رملي على الطرق بالمنيا    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    إلغاء إقامتها.. مفاجأة جديدة عن بطولة الدوري الأفريقي في الموسم الجديد    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    تعَرَّف على طريقة استخراج تأشيرة الحج السياحي 2024 وأسعارها (تفاصيل)    "الوزراء" يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    في قضية «الشيبي وحسين الشحات».. محامي لاعب بيراميدز يطلب الحصول على أوراق القضية    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    بيان عاجل من اتحاد جدة على تأجيل لقاء الهلال والأهلي في دوري روشن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل السحر موجود وهل عدم الإيمان به يخل بالعقيدة؟
نشر في الموجز يوم 17 - 07 - 2020


قال فضيلة الشيخ عبد اللطيف عبد الغني حمزة:
تعريف السحر في اللغة: كل ما لطف مأخذه ودق وخفي، وقالوا سحره، وسحره بمعنى خدعه وعلله، وفي الحديث الصحيح: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»، والسحر بالفتح وبالتحريك الرئة، وهي أصل هذه المادة، والرئة في الباطن، فما لطف مأخذه ودق صنعه حتى لا يهتدي إليه غير أهله فهو باطن خفي، ومنه الخداع وهو أن يظهر لك شيئًا غير الواقع في نفس الأمر، فالواقع باطن خفي، وقد وصف الله السحر في القرآن بأنه تخييل يخدع الأعين، فيريها ما ليس بكائن كائنًا؛ فقال تعالى ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [طه: 66].
والكلام في حبال السحرة وعصيهم، وفي آية أخرى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ﴾ [الأعراف: 116]، ويدل ذلك على أن السحر إما حيلة وشعوذة، وإما صناعة علمية خفية يعرفها بعض الناس ويجهلها الأكثرون، فيسمون العمل بها سحرًا؛ لخفاء سببه ولطف مأخذه، ويمكن أن يعد منه تأثير النفس الإنسانية في نفس أخرى لمثل هذه العلة، وقد قال المؤرخون إن سحرة فرعون قد استعانوا بالزئبق على إظهار الحبال والعصي بصور الحيات والثعابين وتخييل أنها تسعى، وقد اعتاد الذين اتخذوا التأثيرات النفسية صناعة ووسيلة للمعاش أن يستعينوا بكلام مبهم وأسماء غريبة، اشتهر عند الناس أنها من أسماء الشياطين وملوك الجان، وأنهم يحضرون إذا دعوا بها، ويكونون مسخرين للداعي، ولمثل هذا الكلام تأثير في إثارة الوهم عرف بالتجربة، وسببه اعتقاد الواهم أن الشياطين يستجيبون لقارئه، ويطيعون أمره، ومنهم من يعتقد أن فيه خاصية التأثير وليس فيه خاصيته، وإنما تلك العقيدة الفاسدة تفعل في النفس الواهمة ما يغني منتحل السحر عن توجيه همته وتأثير إرادته، وهذا هو السبب في اعتقاد الدهماء أن السحر عمل يستعان عليه بالشياطين وأرواح الكواكب.
موقف الشريعة من السحر: قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۞ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ۞ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 101-103].
المعنى الإجمالي: يخبر المولى عز وجل أن أحبار اليهود وعلماءهم نبذوا كتابه الذي أنزله على عبده ورسوله موسى عليه السلام وهو التوراة، كما نبذ أحفادهم الكتاب الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو القرآن، مع أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جاء مصدقًا لما بين أيديهم من التوراة، فلا عجب أن يكون الأحفاد مثل الأجداد في الاستكبار والعناد، فهؤلاء ورثوا عن أسلافهم البغي والإفساد والعناد، لقد نبذ أولئك كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون أنه كتاب الله المنزل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، واتبعوا طرق السحر والشعوذة التي كانت تحدثهم بها الشياطين في عهد ملك سليمان، وما كان سليمان عليه السلام ساحرًا ولا كفر بتعلمه السحر، ولكن الشياطين هم الذين وسوسوا إلى الإنس وأوهموهم أنهم يعلمون الغيب، وعلموهم السحر حتى فشا أمره بين الناس، وكما اتبع رؤساء اليهود السحر والشعوذة، كذلك اتبعوا ما أنزل على الرجلين الصالحين أو الملكين هاروت وماروت بمملكة بابل، فقد أنزلهما الله تعالى إلى الأرض؛ لتعليم السحر ابتلاء من الله للناس، وما يعلمان السحر من أجل السحر، وإنما من أجل إبطاله؛ ليظهرا للناس الفرق بين المعجزة والسحر، ولله أن يبتلي عباده بما شاء، كما امتحن قوم طالوت بالنهر، وقد كثر السحر في ذلك الزمان، وأظهر السحرة أمورًا غريبة وقع بسببها الشك في النبوة؛ فبعث الله تعالى الملكين لتعليم أبواب السحر حتى يزيلا الشبه ويميطا الأذى عن الطريق، ومع ذلك فقد كانا يحذران الناس من تعلم السحر واستخدامه في الأذى والضرر، وكانا إذا علما أحدًا قالا له إنما هذا امتحان من الله وابتلاء، فلا تكفر بسببه، واتق الله فلا تستعمله في الإضرار، فمن تعلمه؛ ليتوقى ضرره ويدفع أذاه عن الناس، فقد نجا وثبت على الإيمان، ومن تعلمه معتقدًا صحته ليلحق الأذى بالناس، فقد ضل وكفر فكان الناس فريقين: فريق تعلمه عن نية صالحة؛ ليدفع ضرره عن الناس، وفريق تعلمه عن نية خبيثة؛ ليفرق به بين الرجل وأهله، وبين الصديق وصديقه، ويوقع العداوة والبغضاء بين الناس، وهؤلاء قد خسروا دنياهم وآخرتهم؛ لأنهم عرفوا أن من تجرد لهذه الأمور المؤذية ما له في الآخرة من نصيب، ولبئسما باعوا به أنفسهم لو كان عندهم فهم وإدراك، ولو أن هؤلاء الذين يتعلمون السحر آمنوا بالله وخافوا عذابه لأثابهم الله جزاء أعمالهم مثوبة أفضل مما شغلوا به أنفسهم من هذه الأمور الضارة التي لا تعود عليهم إلا بالويل والخسار والدمار.
والمقارنة بين ذكر الشياطين والسحر في الآية الكريمة هو أن السحر فيه استعانة بأرواح خبيثة شريرة من الجن والشياطين تزعم أنها تعلم الغيب وتوهم الناس بذلك، وقد كان بعض الناس يصدقونهم فيما يزعمون ويلجئون إليهم عند الكرب؛ كما قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ [الجن: 6]، ولهذا اشتهر السحر عن طريق الاتصال بهذه الأرواح الخبيثة، وعبر القرآن الكريم عن السحر بالكفر في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾ وسياق اللفظ يدل على أن المراد منه السحر أي وما سحر سليمان، وإنما عبر عنه بالكفر تقبيحًا وتشنيعًا؛ كما قال تعالى فيمن ترك الحج مع القدرة عليه: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾، وفي هذا التعبير تنفير للناس من السحر، ودلالة على أنه من الكبائر الموبقات، بل هو قرين الكفر والإشراك بالله؛ ففي الحديث الصحيح قوله صلوات الله وسلامه عليه: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ» من رواية البخاري ومسلم.
هل للسحر حقيقة وتأثير في الواقع؟ اختلف العلماء في أمر السحر هل له حقيقة، أم هو شعوذة وتخييل:
أ- فذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة إلى أن السحر له حقيقة وتأثير.
ب- وذهب المعتزلة وبعض أهل السنة إلى أن السحر ليس له حقيقة في الواقع، وإنما هو خداع وتمويه وتضليل، وأنه باب من أبواب الشعوذة، وهو عندهم على أنواع:
1- التخييل والخداع.
2- الكهانة والعرافة.
3- النميمة والوشاية والإفساد.
4- الاحتيال.
ومن المؤيدين لهذا الرأي يقول: إن الساحر والمعزم لو قدرَا على ما يدعيانه من النفع والضرر وأمكنهما الطيران والعلم بالغيوب وأخبار البلدان النائية والخبيئات والسرقات والإضرار بالناس من غير الوجوه التي ذكرت لقدروا على إزالة الممالك واستخراج الكنوز والغلبة على البلدان بقتل الملوك، بحيث لا ينالهم مكروه، ولاستغنوا عن الطلب لما في أيدي الناس، فإذا لم يكن كذلك، وكان المدعون لذلك أسوأ الناس حالًا وأكثرهم طمعًا واحتيالَا وتوصلًا لأخذ دراهم الناس، وأظهرهم فقرًا وإملاقًا، علمت أنهم لا يقدرون على شيء من ذلك.
واستدل الجمهور من العلماء على أن السحر له حقيقة وله تأثير بعدة أدلة منها:
أ- قوله تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: 116].
ب- قوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِه﴾ [البقرة: 102].
ج- قوله تعالى: ﴿وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾ [البقرة: 102].
د- وقوله تعالى: ﴿وَمِن شَرِّ النَّفَّٰاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ [الفلق: 4].
ومن استعراض الأدلة نرى أن ما ذهب إليه الجمهور أقوى دليلًا، فإن السحر له حقيقة وله تأثير على النفس، فإن إلقاء البغضاء بين الزوجين والتفريق بين المرء وأهله الذي أثبته القرآن الكريم ليس إلا أثرًا من آثار السحر، ولو لم يكن للسحر تأثير لما أمر القرآن بالتعوذ من شر النفاثات في العقد، ولكن كثيرًا ما يكون هذا السحر بالاستعانة بأرواح شيطانية، فنحن نقر بأن له أثرًا وضررًا ولكن أثره وضرره لا يصل إلى الشخص إلا بإذن الله، فهو سبب من الأسباب الظاهرة التي تتوقف على مشيئة مسبب الأسباب رب العالمين جل وعلا.
حكم تعلم السحر وتعليمه: ذهب بعض العلماء إلى أن تعلم السحر مباح بدليل تعليم الملائكة السحر للناس كما حكاه القرآن الكريم عنهم، وإلى هذا الرأي ذهب الإمام الفخر الرازي من علماء أهل السنة، وذهب الجمهور إلى حرمة تعلم السحر أو تعليمه؛ لأن القرآن الكريم قد ذكره في معرض الذم وبين أنه كفر، فكيف يكون حلالًا؟ كما أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عده من السبع الموبقات في حديثه الشريف.
جزاء الساحر: قال الإمام أبو بكر الجصاص: اتفق السلف على وجوب قتل الساحر، ونص بعضهم على كفره؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ مَشَى إِلَى سَاحِرٍ أَوْ كَاهِنٍ أَوْ عَرَّافٍ فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ» رواه ابن أبي شيبه في "مصنفه".
واختلف فقهاء الأمصار في حكمه: فروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: الساحر يقتل إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله: إني أترك السحر وأتوب منه، فإذا أقر أنه ساحر فقد حل دمه، وكذلك العبد المسلم والحر والذمي من أقر منهم أنه ساحر فقد حل دمه، وهذا كله قول الإمام أبي حنيفة.
وروي عن الإمام مالك: في المسلم إذا تولى عمل السحر قتل ولا يستتاب؛ لأن المسلم إذا ارتد باطنًا لم تعرف توبته بإظهاره الإسلام، فأما ساحر أهل الكتاب فإنه لا يقتل عند الإمام مالك إلا أن يضر المسلمين فيقتل.
وقال الإمام الشافعي: لا يكفر بسحره، فإن قتل بسحره وقال: سحري يقتل مثله وتعمدت ذلك قتل قودًا، وإن قال: قد يقتل وقد يخطئ لم يقتل وفيه الدية.
وقال الإمام أحمد: يكفر بسحره قتل به أو لم يقتل، وهل تقبل توبته؟ على روايتين، فأما ساحر أهل الكتاب فإنه لا يقتل إلا أن يضر المسلمين.
من هذا البيان نستخلص الإجابة عن سؤال السائل ونقول: إن المسلم ذا العقيدة السليمة يعلم تمام العلم أن النافع الضار هو الله، وأنه هو المسخر للكون ببديع حكمته وعظيم قدرته، وأن المسلم المتفقه في دينه والباحث الدارس لا ينفي وجود السحر السابق للأدلة التي وردت في صدر البحث، وأن على المسلم أن يكون قوي الإيمان مستعينًا بالله في الملمات والشدائد، وأن الساحر قد يستطيع إيصال الضر والبلاء والأذى بالناس، وقد يصل بذلك إلى التفريق بين المرء وزوجه، ولكنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا إلا بإذن الله تعالى، والمسلم الذي لا يؤمن بالسحر لا يؤثر ذلك في إسلامه، فقد وردت الآراء في حكم السحر.
هذا هو شرع الله الحكيم وبيان للمسلم عما يجب اعتقاده.
والله سبحانه وتعالى أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.