أثارت الفتوي الصادرة عن دار الإفتاء بجواز تلقي الرجال للعلوم الشرعية وغيرها من النساء، جدلا واسعا بين الدعاة ورجال الدين فالبعض أيدها بحجة جواز تعلم الرجل للعلوم من المرأة كما كان يحدث في عهد الرسول «صلي الله عليه وسلم»، في حين رفضها البعض الآخر بحجة اختلاف الزمن وعوامل التربية، مؤكدين أن من أصدرها آثم ويتحمل وزرها أمام الله سبحانه وتعالي. قال الشيخ يوسف البدري الداعية الإسلامي إن الفتوي التي أطلقتها دار الإفتاء وأجازت من خلالها تلقي الرجال العلوم الشرعية وغيرها من النساء، آثمة وهم من يتحملون مسئوليتها أمام الله. وأضاف البدري أن الصحابة تلقوا العلوم الشرعية علي أيدي زوجات النبي صلي الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين، بل الأهم من ذلك هو وجود " الراويات للحديث"، واللاتي نقلن عن النبي (عليه الصلاة والسلام) أحاديث كثيرة ولكن كان الأمر مختلفا عن الوقت الراهن. وأوضح أن نساء النبي والصحابيات لم يكن يضعن مكياجا أو يرققن حواجبهن ويلبسن الألوان المبهرة كما يحدث الآن فكيف تجلس امرأة وتلقن الرجال العلم؟ وتابع البدري لو كان النبي يعلم ما يحدث من النساء لمنعهن من الخروج إلي المساجد، مشيرا إلي أن مثل هذه الفتوي تشوه الإسلام وأيضا لا نغفل ما فعلته إحدي الداعيات التي ذهبت إلي مسجد بناه أحد المغنيين وأعطت درسا للمصلين في سابقة هي الأولي في تاريخ الإسلام، وهذا أمر في غاية الخطورة علي إسلامنا الحنيف. ورفض الشيخ سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف السابق معارضة البعض لفتوي دار الإفتاء قائلا: "لا يوجد ما يحرم ذلك وان المرأة كانت عالمة وفقيها والعديد من العلماء والفقهاء تعلموا علي أيدي نساء".. واصفا المعارضين لهذة الفتوي بأنهم لديهم تخلف فكري وعقلي. وأكد عبدالجليل جواز تلقي المرأة للعلم من الرجال حال الالتزام بالضوابط الشرعية، ولم تكن هناك خلوة محرمة، مشيرا إلي أن زوجات النبي صلي الله عليه وآله وسلم كن يبلغن العلم وينشرن الدين، وهذه دواوين السنة في الرواية عنهن بل وعن الطبقات من النساء بعدهن ممن روي عنهن الرجال وحملوا عنهن العلم. وأوضح عبدالجليل ان العديد من العلماء من بينهم ابن القيم والسيوطي وابن حجر العسقلاني والطبري وغيرهم أكدوا في كتبهم، أن النساء كن عالمات وفقيهات ومحدثات ومعلمات وطبيبات ومجاهدات في سبيل الله، وكثير من الأئمة والعلماء تتلمذوا علي يد نساء فقيهات مثل الإمام الشافعي الذي تتلمذ علي يد نفيسة بنت الحسن، وأيضاً ابن حجر والطبري تتلمذا علي يد أكثر من امرأة، والسيوطي فقهه وعلمه كان بسبب امرأة. وأعرب عن دهشته من الذين يرفضون هذه الفتوي، متسائلا كيف اختلط هؤلاء العلماء بالنساء وتحدثوا معهن، ونحن الآن نرفض أن نتلقي العلم عن النساء؟. وقالت الدكتورة فايزة خاطر أستاذ العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر، إنه يجوز للمرأة شرعا أن تلقي العلم علي الرجال، إذا كانت هناك ضوابط شرعية، وذلك إسنادا لقول النبي صلي الله عليه وسلم «خذوا نصف دينكم عن عائشة». وأضافت خاطر أن مجرد وجود النساء مع الرجال في مكان واحد ليس حرامًا في ذاته، وكانت المرأة المسلمة تشارك الرجال في الحياة الاجتماعية العامة مع التزامها بلباسها الشرعي ومحافظتها علي حدود الإسلام وآدابه، وعلي ذلك فلا يسع أحدًا أن ينكر هذا الواقع الثابت في السنة النبوية الشريفة والتاريخ الإسلامي، ولا يصح جعل التقاليد والعادات حاكمةً علي الدين والشرع، فالمرأة لها دور فعال في الحياة الإنسانية والدينية ويجب علي المجتمع عدم التقليل من شأنها. وأشارت خاطر إلي أن المرأة كالرجل عليها الدعوة إلي الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة تدل علي ذلك، وكلام أهل العلم صريح في ذلك، فعليها أن تدعو إلي الله، بالآداب الشرعية، فإن دعت الرجال دعتهم وهي محجبة بدون خلوة بأحد منهم، وإن دعت النساء دعتهن بحكمة، وأن تكون نزيهة في أخلاقها وسيرتها.