قد مضى عام منذ المحاضر الخاصة بعقود مشروع محطة "الضبعة" للطاقة النووية حيز التنفيذ والتي تم توقيعها في القاهرة في العام السابق من قبل اليكسي ليخاتشيوف مدير عام لمؤسسة روساتوم والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة في حضور الرئيس الروسي و الرئيس المصري. ففي سنة 1961 تلقت مصر من روسيا مفاعل أبحاث لمواصلة تطوير قاعدة البحوث1 لديها وفي نفس الوقت تم إنشاء أول قسم للهندسة النووية في جامعة الإسكندرية, وهكذا بدأ قطاع النووي على المستوى الوطني. وقد وفر التعاون بين مصر وروسيا في ستينيات القرن الماضي قدر كبير من الخبرة العلمية والتقنية بالأضافة إلى الجهد المبذول لتطوير القطاع العلمي في هذا المجال. حيث كان بناء مفاعل الأبحاث النووية في عام 1961 بالتعاون بين مصر وروسيا فرصة كبيرة أمام مصر لإنتاج الكوادر العلمية والتقنية طوال فترة سنوات الستينات. كما أن وجود أقسام الفيزياء النووية والهندسة النووية في الجامعات المصرية بالإضافة لبرامج تدريب المتخصصين النوويين في روسيا أنشأ أساسا متينة لمشروع النووي من حيث القدرات البشرية2. ونظرا للحاجة إلى تضافر جميع الجهود لمواجهة التحديات في مجال الطاقة النووية تأسست الكلية الثانية لهندسة الطاقة النووية في الجامعة الروسية المصرية (ERU) وهي الثانية في مصر بعد كلية الطاقة النووية في جامعة الإسكندرية. يقول السيد الدكتور شريف فخري رئيس الجامعة المصرية الروسية: "إن هدفنا الرئيسي هو تخريج مهندسين قادرين على تشغيل محطة الطاقة النووية. وتحاول الجامعة تقديم حوافز للطلاب للانضمام إلى قسم هندسة الطاقة النووية مشيرًا إلى أن الدراسة في القسم هي 5 سنوات ونصف يقضي فيها الطالب ثلاث سنوات في الجامعة وسنتين ونصف في روسيا بجامعة تومسك الروسية حيث يمكنهم أكتساب خبرات لا تقدر بثمن3". وكجزء من الاتفاقيات الموقعة لبناء محطة "الضبعة" للطاقة النووية ستقوم روساتوم بتدريب ما يقرب من 2000 من المتخصصين المصريين من موظفي التشغيل والصيانة في روسيا4. وهناك أيضا برنامج المنح الدراسية الحكومية منذ سنة 2014 تحت رعاية حكومة الاتحاد الروسي للطلاب المصريين الذين يتطلعون إلى دراسة التخصصات النووية والهندسية في الجامعات الروسية الرائدة. وقد أثبتت الجامعات الروسية المتخصصة قدرتها وأصبحت تشتهر في جميع أنحاء العالم بأنها الأكثر تقدما في مجال التدريب على هندسة وصناعة الطاقة النووية. كما قامت جامعة الأبحاث النووية الوطنية (MEPhI) بالتوافق مع نظم التعليم البولونية الأوروبية وتقدم الآن البرامج التعليمية الخاصة بالبكالوريوس والماجستير والدكتوراة وتعتبر القاعدة الأساسية للدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة للتدريب وإعادة التدريب والتدريب المتقدم للعاملين في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. إلى جانب جامعة الأبحاث النووية الوطنية (MEPhI) قام معهد تومسك للبوتيكنيك (TTI) بوضع خارطة طريق للتعاون بين الكليات الروسية والمصرية بما يوفر تعليما وتدريبا راقيا للمهندسين المؤهلين و تأهيلا عاليا للطلاب المصريين و المهنيين المصريين. بينما تستغرق مدة البرنامج التعليمي خمس سنوات ونصف. يقول أياد صالح وهو من احدى طلاب جامعة الأبحاث النووية الوطنية (MEPhI): "يمكن أن تكون الطاقة النووية مفيدة لمصر في العديد من مجالات الاقتصاد. حيث أن الطاقة النووية تخلق وظائف جديدة وهي ميزة واضحة لسكان محافظة الضبعة. كما إن خلق وظائف جديدة يحسن اقتصاد المنطقة والدولة بشل عام وله أيضًا تأثير مفيد على السياسات الخارجية والداخلية للدولة". وأضاف أياد صالح قائلا: "لقد كنت محظوظا جدا لتلقي الدراسة في روسيا وأنا أوصي بالدراسة في روسيا خاصة في مجال الهندسة النووية. حيث أن روسيا تشتهر في جميع أنحاء العالم بالتعليم عالي الجودة وبخاصةً في تخصصات هندسة النووية. ويعرف المهندسون النوويون في العالم أجمعه بالمكانة والرواتب العالية لذلك لدي ثقة كافية بما يخص مستقبلي. وأخطط العودة إلى مصر بعد التخرج حتى أتمكن من تطبيق جميع علومي والمهارات التي أكتسبتها في روسيا داخل مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية". وهناك مساهمة كبيرة في نهج النووي العام يتمثل في مشاركة مصر لخلق إمكانات تعليمية وطنية وفي إنشاء المدارس الابتدائية والثانوية مثل مدرسة الضبعة الفنية للتطبيقات النووية الجديدة. حيث قبلت في هذا العام الدفعة الأولى 75 طالبًا في 3 أقسام مختلفة من بين 1,700 طالب تقدموا بطلبات الالتحاق بالمدرسة. حالياً, يعتبر الموظفون المؤهلون من أحد الاحتياجات الأساسية لضمان تشغيل محطات الطاقة النووية طوال دورة حياتها. لذلك فإن برامج التعليم والتدريب المهني النووي سيساهم في تطوير الصناعة النووية لمواصلة العمل على المشروع النووي وغيره من الاستخدامات السلمية للطاقة النووية التي تمثل قدرعالي من الأهمية في كافة المجالات